بداية العولمة تعنى من الناحية النظرية التدفق الحر للبضائع والأفكار ورؤس الأموال وكذلك المعلومات والعلم عبر بلاد العالم وهي تمثل استراتيجية وجد الفريق القوي انها تخدم مصالحه. وفي اطار ذلك استطاعت المملكة ان تتجاوب مع متطلبات العولمة في المجال الاقتصادي فتحولت من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق (المنافسة) مما مهد لها الطريق للدخول إلى منظمة التجارة العالمية وكذلك أصبحت عضواً هاماً في مجموعة (20). وامتداداً من اقتصاد السوق رأى الملك عبدالله ان التعليم الجامعي المتميز هو المفتاح السحري والبوابة الحقيقية لدعم الانجاز الاقتصادي ، ففي نظره أن الجامعات هي قلاع علمية بكل معنى الكلمة ، من حيث المعنى ، وهي مصانع تصنع (العقول) وبناء كوادر (المستقبل). ومع العد التنازلي لافتتاح جامعة الملك عبدالله للتكنولوجيا في الشهر القادم بمشاركة عدد كبير من رؤساء العالم ، مما يعني أن عين العالم على تحقيق هذا الانجاز العلمي الذي سيضع المملكة على طريق المنافسات بين جامعات العالم الابرز ، بل يمكن أن المملكة في نظر كثير من المشاركين في وضع استراتيجية جامعة الملك عبدالله سيدخلها عصر (التميز). لذلك فإن جامعة الملك عبدالله من نوع جديد لان الملك عبدالله اعتبر التعليم الجامعي مشروعاً قومياً ينبغي النظر إليه والتعامل معه برؤية استراتيجية ترتب أولوياتنا على نحو صحيح ودقيق يمكنا من مواكبة الطفرة العلمية والمعرفية والتكنولوجية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة. ولا يخفى على أحد أن الملك عبدالله هو الذي حدد هذه الرؤية بوضوح في أكثر من مناسبة مؤكداً أن التعليم الجامعي المتميز هو المحور الاساسي لوضع المملكة على خارطة الطريق العالمية للتعليم الجامعي الجيد ، لانه طريقنا للمنافسة في أسواق الجامعات الدولية المتقدمة. ولعل النقطة المهمة في هذا الموضوع هي حتمية الاقتناع بانه لم يعد أمامنا سوى سرعة اللحاق بقاطرة الجامعات المتقدمة عالمياً المتميزة والمشهود لها بأسلوبها التعليمي واهتمامها بالبحث العلمي التي أصبحت سمة العصر ، والتي سوف تحدد مستقبل البشرية والاوطان لعدة أجيال قادمة. لعلي أكون أكثر وضوحاً ونحن نحتفل ومعنا العالم أجمع بافتتاح جامعة الملك عبدالله للتكنولوجيا أن أقول أن التحدي الرهيب لمواكبة نهضة التعليم والبحث العلمي لا يمكن له أن يتحقق بالهدف المحدد في نقل واستخدام التكنولوجيا ، واما جوهر التحدي في مدى القدرة على الوصول إلى جذور القدرة المعرفية لانتاج التكنولوجيا نفسها. وربما يعزز من الثقة الكاملة في جامعة الملك عبدالله بأن استراتيجيتها تضمنت ان التعليم الجامعي المتميز هو خيارنا الموحد ومن ثم ينبغي النظر إليه والتعامل معه برؤية استراتيجية نستكشف بها المستقبل في تعاملنا مع الجامعات الدولية المتقدمة لنهئ للعقل السعودي والدولي فرصة الابداع والابتكار والقدرة على تحقيق التطويع للتكنولوجيا العالمية لكي تساعدنا على الدخول (لنادي) الجامعات الدولية كما حدث وتحقق لنا في المجال الاقتصادي. وهكذا سوف تثبت تجربنا في المجال الجامعي أن التقدم لا يتحقق صدفة ، ولا بالنوايا الحسنة ولا بالوعود وحدها ، ولكن يتحقق بالجهد وبالعقل ، وبقدرة القيادة على إدارة النهضة التعليمية الجامعية وحشد التعاون الدولي الحضاري وراءها لتحقيق الهدف الذي سيكون شاهداً للتاريخ الذي سيرويه زعماء العالم الذين سيحضرون الاحتفالية إلى شعوبهم وتشجيع جامعاتهم لاقامة جسور تفاهم حضاري وعلمي مع جامعة الملك عبدالله وذلك لخدمة الإنسانية كافة .. هذا هو السبيل .. وهذا هو التحدي.