فتح محمد العثيم الكاتب والسينارست والمسرحي النار في كل الاتجاهات ، واصفاً الصالونات الأدبية الخاصة بالمهرب للمثقف الذي لا يجد الرضا في المؤسسات الثقافية ، لأنه يجد في الصالونات الأدبية من يفضي إليه همومه الثقافية ويتحدث إليه ليجد ذاته ، ومطالباً بأن تكون اللجان الثقافية المتعددة هي التي تناقش وتجيز الأعمال والمؤلفات والسيناريوهات المختلفة بحيث لا يرجع الناس إلى الملهى الليلي كما هو الحال في القنوات الفضائية ، كاشفاً أن المشروع الصحوي أحبط المشروع الثقافي لفترة طويلة من الزمن لان هناك بعض المثقفين هددوا في أنفسهم حتى أصبح المسئول الإداري في المؤسسات الثقافية يخاف التوجه الثقافي خوفاً من المجتمع. | الساحة الثقافية أصبحت شعلة من التفاعلات الإيجابية للمثقف ، ما هو المرجو من ذلك ؟ || منذ أربع سنوات تقريباً تغير المشهد الثقافي في المملكة بعد أن تحركت وزارة الثقافة والإعلام نحو تشكيل أندية أدبية جديدة وبمجالس إدارات جديدة ، وهذا التحرك مثل الأمور الإنسانية التي نتوقع منها المفاجآات ن ولا نتوقع بين يوم وليلة أن تبهج الصورة ولكن من الجميل أن يوضع الحجر الأول أو الخطوة الأولى ، وبلا شك أن السنوات القادمة ستكون ربيعاً ثقافياً رائعاً ، لان الناس تذوقوا التعامل الثقافي وان الجرأة أظهرها جيل من الشباب جديد يقود المسيرة ، هناك تغير ، وهناك أشياء كثيرة تغير من خلالها التشكيل العام . | ألا تعتقد أن هذا التغيير جاء متأخراً نوعاً ما ؟ || الحقيقة هذا التغيير جاء متأخراً ولكن أفضل من انه لا يأتي ، وأن هذا التأخير كان إدارياً وليس متأخراً عقلياً ، وهذا هو المهم أي بمعنى توجد الآن العقول وتوجد البنى الأساسية لتحرك ثقافي جيد في كل مجالات الثقافة وبالذات البصرية ويوجد الآن جيل يستوعب اللعبة ، وهذا كله مهم ويبعث على الفأل الحسن بالرغم من أن التمويل مازال ضعيفاً جداً للقطاعات الثقافية والسبب الاجتماعي يعيق كثيراً من الأعمال الاجتماعية والثقافية الأخرى ومازالت السينما مغيبة لكن الصورة تبعث على التفاؤل والمعطيات الحالية تبعث على التفاؤل . مثقف في صومعة | لماذا لا نلحظ الأعمال الدرامية التلفزيونية الآن كما السابق ؟ || الحقيقة علينا أن ننظر إلى الوقت ، والوقت الآن وقت اقتصاد ، وكونه وقت اقتصاد ودراسات جدوى مربح ومخسر يجب على الثقافة أن تبحث عن طريق تكون فيه مربحة ، وإذا أصبحت مربحة تجد من يحتضنها وتجد وسائل الإعلام دعماً لها ، هنا اعتقد أن العيب في المثقف السعودي لأنه لا يخطو إلى الاتجاه الآخر وهو متقوقع في صومعته ولا يريد أن يكتب للتلفزيون ولا يريد أن يكتب للمسرح ولا يريد أن يكتب للثقافة الجديدة ، فلذلك بقي في كتبه ورواياته وما شابه ، نعم من الجيد جداً أن يكون هناك إبداع في هذا القطاع لكن عليه أن يكون جماهيري وعلى الثقافة أن تكون جماهيرية ، هذا هو العصر وهذا هو ما بعد الحداثة وهذا هو الاقتصاد الحر وهو المجتمع الجديد ، وإلا أن نبقى منغلقين في ذاتنا ونفسنا لنغلق الأبواب على المجد الثقافي ، اعتقد أن لكل زمنٍ رجالاً وعلينا أن نخطو خطوات نحو العصر ولدينا مجموعة بدأت في ذلك . الصحوة والثقافة | قبل أكثر من عشر سنوات كان هناك حراك ثقافي سعودي جيد وعلى المستوى العربي ، كيف تنظر إلى ذلك؟ || المشروع الصحوي أحبط الثقافة لفترة معينة والآن بدأت الثقافة السعودية تسترد أنفاسها بعد أن وقف في وجهها من كان يحاربها ولفترة طويلة من الوقت ، لان هناك عدداً من المبدعين هددوا في أنفسهم وهناك حوادث كثيرة وكثيرة وأصبح المسئول الإداري يخاف التوجه الثقافي خوفاً من المجتمع ومن حراك ، الآن وقد بانت الأمور وبدأت الأمور تتجه نحو الانفتاح ، وما أغلق لأكثر من ثلاثين سنة يحتاج إلى سنوات . إجازة النص | يقال إن في فترة سابقة يعاني الكاتب السعودي من عملية إجازة النصوص سواء الدرامية أو النصوص الأخرى؟ || لايمكن أن يستطيع الإداري يكون منفتحاً بنفس انفتاح العصر الذي نتحدث عنه ، والعصر انفتح أسرع من الإداري نفسه ، والإداري أيضاً يعتمد على لجان وهي ليست مثقفة لتقييم الأعمال ومراقبتها ، وما بالك عندما يقيم عملك رجل اصلاً هو لا يعرف جوانب الإيحائية وما يتعلق بالثقافة ، وهنا تبدأ المشكلة في التغير ، لان التغير في غالب المعطى الروحي يتأخر عن المعطى المادي ، وهؤلاء الذين يحاولون إجازة النصوص هم غير مدركين ، وهذا يحتاج إلى وقت . | ما المطلوب في هذه الحالة ؟ || أن توضع لجان مثقفة وهي التي تناقش الأعمال وليس إداريين هي التي تقر الفنون وليس إداريين وأن تكون لجان مثقفة تستطيع ذات رؤية بانورامية على الحال الثقافي السعودي ولأهمية التطور الثقافي لتستطيع أن تقود الناس ، وإلا سيرجع الناس إلى الملهى الليلي كما هو الحال في المحطات الفضائية ، هناك في تاريخنا قصص ونصوص لو عرضت على التلفزيون لأصبحت عالمية ومع ذلك هي منسية ، لماذا منسية؟ لأنه لايوجد من يقيمها . | وزارة الثقافة والإعلام بدأت في إيجاد فعاليات مجتمع مدني ، كيف تنظر إلى هذا الدور المهم ؟ || هناك دور كبير مطلوب ، وأنا اعتقد أن المسئولين بالوزارة لا يؤسسون لليوم إنما على مدى طويل ونرى الآن جمعية التشكيليين والمسرحيين السعوديين وننتظر ، وأنا اعتقد مثل هذه التنظيمات تحتاج إلى دعم مالي وتحتاج مقرات تحتاج إلى الوقت لتصبح هناك نقابات أي نقابات بحق وحقيقة ، هذا كله غير وارد الآن وغير موجود لكن ننتظر ونرى كيف يتم هذا الدعم لتنمى هذه الجمعيات الوليدة لتصبح مؤسسات لمجتمع مدني بمعنى الكلمة لتحمي الفنان وتدافع عن حقوقه وتقيمه وتضعه في مساره الصحيح . عقول عتيقة | إدارات الأندية يتحدث عنها الكثير من المثقفين سلباً ، كيف تنظر إلى هذه الإدارات ؟ || مازالت الإدارات القديمة قائمة ونحن لا نشك في ذلك ، ولا يمكن أن تنحى بين يوم وليلة ، وكان هناك عدد من المثقفين يراهنون على الزمن ، ونحن كنا نشتكي لأكثر من خمس وعشرين سنه من عقول عتيقة لكثير من المؤسسات الثقافية ، ذهبت الآن وجاءت عقول لا نستطيع أن نقول إنها عتيقة ولكنها تمارس دوراً اقل من المطلوب ، ولذلك ننتظر أن الشباب يزحفون عبر أعمالهم ورواياتهم وعبر السينما والمسرح . | وكالة الوزارة حركت الساكن وبدأت تنظر للمثقف السعودي بعين الرضا ؟ || د. عبدالعزيز السبيل مخلص جداً ويعمل بدأب ، الآن منذ أربع سنوات قام بتغيير الكثير بوضع توجه جديد للثقافة وخلق معنى للثقافة ، وأصبحت الثقافة لها نظام في الوقت الحاضر ولا زلنا ننتظر الإستراتيجية الثقافية التي أعلنت منذ فترة وننتظر كذلك تشكيل مجالس ثقافية تكون قاعدة للمسيرة الثقافية ، ود. عبدالعزيز يستحق التقدير على ما أنجزه ويشكر على ذلك ، لكن التغيير صعب ، وهذا ما قلته في أول لقاء بيننا وأنا واثق أن د. عبدالعزيز يحمل رؤى جديدة يطرحها يومياً علينا كمثقفين ، هل نحن في مستوى المرحلة ؟ هذا يحتاج إلى وقت .