صلة ما قبله: فرمضان بتكراره السنوي وصيامه واحد من الأركان الثابتة التي تشد العقل وتغلغل فيه الثبات بالقول والفعل.. والمسلمون يتسابقون الى هذا الثبات لانه يملؤهم بالسعادة كما يشحذ فيهم القوة ويبعث في أرواحهم النصر وقيمته المعنوية في النفوس. لقد عرفت هذه الأيام ما عرفت من المنعطفات الفاصلة في تاريخ هذا الدين وهذه الأمة حيث كانت الشاهد الحي والمثل الشاخص. ونحن وان قلنا في مطلع الحديث ان هناك ثوابت لا تتعطل ولا تتغير كالعبادات حسبما قرره وامر به الله سبحانه وتعالى وبينه رسوله الخاتم عليه افضل الصلاة والسلام، هناك ما رخص فيه للضعفاء والمرضى والعاجزين او كما بينته كتب الفقه الاسلامي ووضحه كبار النزهاء من العلماء وهذا ما يزيد في هذا الدين تعلقاً وتوضيحاً بأنه الدين الأكمل وانه دين يسر ومحبة وتواد وتراحم ولكنه في ذات الحين دين الحق القويم، فمرحبا بك يا شهر البركات وأهلا وسهلا بك لقد جئت الينا بعد طول غيبة من محبيك ودلفت الى صدورنا ونحن على أحر من الجمر تشوقا الى طلعتك النقية وتلهفا الى أيامك الزكية المفعمة ولياليك العامرة بالبذل والدعوات الصادقة. قارئي الكريم : ان هذا الشهر شهر خير وعطاء نزل فيه القرآن فنزلت فيه البركة الى هذا الوجود وانك أخي العزيز لخليق بأن تكون من الصادقين الصابرين تعطي في ذات الله ما تستطيعه من المال ومن البدن وتضحي بما تقدر عليه وما بوسعك ان تقدمه من الأعمال الخالصة، وان تتحرى وتستقصي ما تبذله معنوياً ومادياً ان لا يداخله الرياء او الغش او العيني الذي لا تدري كيف جاء وفيما جاء وان تدفع عن طيبة قلب ونية صافية.. واعلم ان ما اوتيته اليوم قد لا تجده غدا وان من سبقوك كانوا أكرم من الريح المرسلة فوطن نفسك ولا تقول ان الله لا يعبد الا في رمضان.. اجعل هذا ديدنك .. اعرف ما لك وما عليك واعلم ان عمرك مثل غيرك معدود محدود.. هب انه ثلاثون او ثمانون أو مائة أو أكثر او اقل .. توهم ما تشاء واحلم بما تريد ومن نفسك ما تتأمله في خلد من قبلك ولا نعم بها سابقوك!!. والاستكثار من المتع التي لا تعين الانسان على دينه في حكم الغفلة.. تحدثنا المراجع ان بعضهم سئل عن أنعم الناس عيشا.. فقال : من رضي بحاله ما كانت.. أين هذا الطيب من حاضره اليوم.. قال جل وعلا: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) صدق الله العظيم. لحظة تأمل من قصيدة طويلة: قسماً برب النور يعمر كونه ويجل خلقه! ويحيطه جملا، يروّب نوءه ويرج برقه! سبحان من ملأ الوجود لمنتهاه وضم فتقه! حتى العوالق بالسديم الغائرات المستدقه! والدوة العذراء والهدبُ الضعيف يسوق رزقه! ويصب فطرته ويبني عضوه ويلف عرقه! أني فرشتك عمق أعصابي وجن الليل حرقه! ولثمت خطوك هازئا باللائذين من المشقة! والممتلين من العيا عن كل ملفتة وخفقة!