واقترب الكريم ، فهل مازلنا متباعدين .. ساعات معدودة ويحل بكرمه وجوده وخيراته وحسناته .. فهل نحن مازلنا متنافرين ،اقترب بعظمته وروحانيته وقدسيته فهل نحن ما زلنا متشاحنين متباغضين لنفتح أبواب القلوب ، ونشرع أيدينا ونبحر في عالم التسامح والتواصل ، لنمد أكفنا لبعض ونقرر أن نمحي ما كتبته أنفسنا على بعض في سجلات عام كامل لنحاسب أنفسنا ونقف وقفة تأمل لما خلفناه في الوراء وندقق فيما حدث منا من تقصير وهجران وعقوق وقطيعة وبغضاء لنفتح قلوبنا بصدق لبعضنا ، لنبتسم ابتسامة الرضى والفرحة ونرسمها على محيا الآخرين لنغسل (دهاليز) أنفسنا وننير ما اعتراه الظلام أو طوقته العتمة.. لنأخذ بيد بعضنا البعض نحو شواطئ الأخوة والمحبة والتسامح لنمزق صفحات أشهر مضت وما كتب فيها، وما خطته أيدينا على أوراق تلك الشهور.ولا ننسى من هم في حاجة لنا بعد الله سبحانه وتعالى ومن لهم حق في أموالنا قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الذاريات الآية التاسعة عشرة (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) لنبحث عنهم ونركض في تقديم العون والمساعدة ليس من عندنا بل هي من عند الله سبحانه وتعالى فنحن في هذه الدنيا نملك الكثير والكثير ولكن إذا (حُثي) علينا التراب, وحيل بيننا وبين الأبناء والأهل والأصحاب فنحن لا نملك ذرة مما نملكه ونحن أحياء لنسرع بجد وإخلاص في تأثيث البيت الأخير،البيت الذي هو مصير كل حي على وجه الأرض قال جَلَّ وعلا في سورة الرحمن (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ) سبحانه له الدوام والكمال ومادونه هالك لا محالة إن طال الزمان أو قصر.. ففي وحشة القبر وظلامه الدامس نحتاج إلى ونيس إلى نور وهذا لن يتأتى إلا من خلال ما قدمناه وسنقدمه للمحتاجين والمساكين والفقراء ولنتذكر أن يوم بعثرة القبور يوم عظيم وثقيل لأننا سوف نعرف فيه عن كل كبيرة وصغيرة قمنا بها في الدنيا قال تعالى في سورة الانفطار (وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت) . لننفق مما منَّ اللهُ بِهِ علينا ولنستقبل هذا الشهر الكريم ونحن متصافون متسامحون كالماء الزلال لا ضغينة ولا بغضاء ولا عقوق لنمسح أرواحنا بسائل المحبة وعطور النقاء والتسامح وفك الكرب والضيق..إنني أدعو كلَّ مَنْ مَنَّ الله عليهم بالخير أن لا ينسوا من هم دونهم لأننا إذا نسيناهم سنخسر دعاءهم لنا وتراحمهم علينا الذي نحن في حاجة إليه إذا أصبحنا كما أصبح من سبقنا تحت التراب وغادرنا الأهل والأصحاب فلا ننساهم حتى لانُنْسَى.ولنتذكر جميعاً قول الحق سبحانه وتعالى في سورة الزلزلة.. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ِ(إذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) . وختاماً رددوا معي في هذه الساعة وفي كل ساعة من رمضان (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا).