وتمضى الأيام ..وتتوالى السنون..ويعقب جيل جيلاً آخر..هكذا الحياة تمضى سريعة ..متعاقبة ..وكأن رمضان الماضى كان في الشهر الماضي فاذا بنا أمام سنة أخرى وشهر رمضان آخر وتسرع السنون الخطى ..ويكبر الناس ..تصبح سنوات العمر لاهثة فأطفال الأمس أصبحوا شباباً ..والشباب تقدم بهم العمر فأصبحوا في الأربعين والخمسين.. ومع تعاقب السنين تتغير العادات..والتقاليد..فلا يفكر الناس إلا في المسلسلات الرمضانية ..ولا يتحدثون إلا عن كبائن البحر في الأعياد. اختفت العادات الجميلة والتزاور والعيديات ولم نعد نرى بائعي (المنفوش) و (البليلة) و(الفول والترمس) وهم يجوبون الأماكن ..ويملأون الأسماع بالنداءات الحلوة والجميلة فيهرع الأطفال بقروشهم القليلة للشراء.. اليوم يقضي الناس ليل رمضان في مشاهدة المسلسلات التي لا تراعي أبداً حرمة شهر رمضان ..وتعج الأسواق كل ليلة بالنساء الباحثات عن آ خر الوان الموضة حتى يمضي رمضان دون أن نؤدي الواجب الديني على الاطلاق .ولا نتذكر اليتامى والفقراء والذين أدمتهم الحاجة فغرقوا في دموعهم وأحزانهم ونسي الناس المؤازرة ..والالتفاف ..فتوارت الصدقات ..وجفت ينابيع الخير والعطاء ..وأصبح الناس لا يفكرون إلا في أنفسهم ..وزينتهم ..والوان اختياراتهم.. هل أصبح الناس يخافون على أرصدتهم في البنوك فلا يتصدقون بجزء منها كما كانوا يفعلون ..يقول لي أحد الرجال الطيبين المعروفين بحبهم للخير ..هل تصدقون الذين كانوا يتصدقون بمئات الألوف في مثل هذه المناسبات أصبحوا لا يخرجون من أموالهم إلا عدة آلاف قليلة ..بل إن بعضهم أصبح لا يقدم شيئاً على الإطلاق مع أنه (ما نقص مال من صدقة). لكن (مازال الخير في أمتي إلى أن تقوم الساعة ) ولهذا فاننا نهيب بالموسرين ..والطيبين ..والمقتدرين ..بأن يهبوا في هذا الشهر الكريم القادم بعد أيام قلائل إلى مواساة المحرومين ..ومساعدة المحتاجين ..ومسح دموع اليتامى والمساكين..إن معظم الناس أصبحوا يعانون من العوز والحاجة وبعضهم لا يجرؤون على السؤال فهم يتوجهون بالدعاء للخالق بأن يفرج الهم والغم. يقول الشاعر: إن الكريم ليخفي عنك عثرته حتى لتحسبه غنياً وهو مجهود يا أهل الخير ..هذا شهر الخير فاملأوا القلب بالرحمة ..والنفس بالنماء والعطاء..وكل عام والخير بألف خير.