قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم إننا نعيش في زمن بلغت فيه الحضارة المادية أوجها فهناك سعة في الكسب ورغد في العيش ورفاهية في الوسائل وتقدم ثائر في الضروريات والحاجيات وتنوع في الأسباب الموصلة إليها , مشيرا إلى أن هذه الحضارة لم تجعل المرء الذي يعايشها أسعد من المرء في أزمان سابقة ولم تجعله أهنأ من غيره ولا أكثر انشراحا مما مضى مرجعاً فضيلته سبب ذلك إلى غياب أمر يعد غاية في الأهمية وليس للحياة معنى بدونه وهو البركة فليس في كسب أو علم أو طعام أو حياة معنى بدون البركة 0 وبين فضيلته أن البركة ليست في وفرة المال ولا سطوة الجاه ولا كثرة الولد ولا في العلم المادي وإنما البركة هي قيمة معنوية لاترى با لعين المجردة ولاتقاس بالكم ولا تحويها الخزائن بل هي شعور ايجابي يشعر به الإنسان بين جوانحه فيثمر عنه صفاء النفس وطمأنينة القلب وانشراح الصدر والقناعة والرضى. وتابع في خطبة الجمعة أمس بالمسجد الحرام : إن الله عز وجل أودع البركة خاصية خارجه عن عون المال بحيث يمكن أن تحول الكوخ الصغير إلى قصر كبير وحين تفقد هذه البركة وتنزع فسيرى صاحب القصر الكبير أن قصره مثل القفص أو السجن الصغير . وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن البركة هي الزيادة والنماء وهي في الوقت اتساعه وإمكان استغلاله وفي العمر حسنه وفي العلم الإحاطة به والعمل بمقتضاه والعودة إليه وهي في المال وفرته مع الكفاية منه وفي الصحة تمامها 0 وقال فضيلة الشيخ سعود الشريم : إن غالبية الناس يعانون من قلة البركة في معاشهم العام والخاص فيرون أنهم في عالم الوفرة وتقريب البعيد وتسهيل الصعب فهذا كثير راتبه ولا بركة فيه وهذا كثير ولده ولا بركة فيهم وآخر واسع علمه ولا بركة فيه ولا نفعا . وطالب فضيلته بتتبع أسباب البركة التي تحصل من خلال عدد من الأمور أولها أن يتقي المجتمع المسلم ربه ويؤمن به على ما أراد الله له ورسوله صلى الله عليه وسلم وثانيها الشكر على الرزق وثالثها الكسب الحلال واجتناب التعامل بالربا ورابعها القصد وعدم الإسراف وخامسها الصدق مع الله ومع الناس فإن الله عز وجل يبارك للإنسان الصادق باطناً وظاهراً سواء كان عالما أو تاجرا أو غيرهما وسادسها أسباب البركة طلب الدعاء واللجوء إلى الله فانه سبب من أسباب البركة وسابعها القناعة المتمكنة من قلب المؤمن لان المرء لم يعط شيئاً مثل القناعة. وفي المدينةالمنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير (إن المؤمن حين يستشعر عظيم منزلته وشريف قدره عند الله تعالى لا يتخبث بفاحشة ولا يتدنس بدنيئة ولا يتلبس برذيلة بل يتطهر بترك المعاصي ويتنزه بفطام النفس عنها ويتوقى ويتزكى ولا زكاة إلا بمقاومة الشهوة والترفع بها عن حضيض مشابهة البهائم ولا طهارة إلا بحفظ الفرج عما لا يحل من الفاحشة وما قاد بها وستر العورة عمن لا تحل له رؤيتها والنظر إليها يقول جل في علاه (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ). وعن معاوية ابن حيدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ). وأضاف وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة) ، (والمراد بما بين لحييه اللسان وبما بين رجليه الفرج). فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة فقال(تقوى الله وحسن الخلق) ، وسئل عن أكثر ما يُدخل الناس النار فقال (الفم والفرج ) ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لعن الله من عمل عمل قوم لوط) قالها ثلاثاً. وعن عائشة رضي الله عنها لما خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة طويلة ثم خطب وقال مما قال (يا أمة محمد إن ما من أحدٍ أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته ، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ألا هل بلغت). فاتقوا الله وحاذروا نقمته وعذابه وغضبه وانتقامه. وأكد فضيلة الشيخ صلاح البدير أن الشريعة حسمت مواد الفاحشة ومنعت أسبابها وسدت كل طريق إليها وحذرت الرجال من النساء والنساء من الرجال ، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء “ ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء “ ، وعن عقبة ابن عامر الجهني رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ إياكم والدخول على النساء “ فقال رجل من الأنصار أفرأيت الحمو قال “ الحمو الموت “ ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول “ لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم “. ومضى فضيلته يقول وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من ربها إذا هي في قعر بيتها “ ، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ إذا استعطرت المرأة فمرت بالقوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا “ وقال قولاً شديداً. وأضاف وعن عمرة بنت عبدالرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت (لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل ) ، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم أي من الصلاة مكث قليلاً وكانوا يرون أن ذلك كي ينفذ النساء قبل الرجال. ودعا فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين إلى صون النفس والأعراض وحفظهما ؛ فإن الله سائل كل عبد عما استرعاه أدى أم تعدى ، وقال ( كونوا أُباة الدار وحماة العرين كونوا غيارى على الحرمات تتوفاكم الملائكة طيبين وتبعثون طيبين ويُقال لكم يوم القيامة سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين).