ثارت قبل أسابيع ومازالت على صفحات الصحف قضية على إثر (غريقة بحر جدة) ابنتي وابنتك (فاطمة علي الصعب) ذات الثمانية عشر عاماً واحتضنتها مقبرة التوفيق في تشييع جماهيري كبير فرحم الله فاطمة وألهم أباها ووالدتها وجميع أفراد أسرتها الصبر والسلوان .. وعلى إثر هذا الحادث الأليم ظهرت على السطح قضية أخرى مختلفة وأخذت كل جهة ترمي بالكرة في ملعب الجهة الأخرى ألا وهي اختلاط مياه آسنة كمياه المجاري وغيرها من المياه غير الآمنة كلها تتدفق للبحر الذي يرتاده الكثير والكثير من سكان جدة وغيرهم من القادمين إليها ليستمتعوا بالجلوس بجواره والتمتع بالنظر لأمواجه.. مياه ضحلة ثقيلة الوزن غير مرئية كانت السبب في تأخر الوصول لجثة (فاطمة) وكما قرأت أنهم عثروا عليها قريباً من الشاطئ الذي نستمتع بالجلوس إليه.. وبدأ التفاعل كيف حدث هذا؟ من المتسبب؟ ومن المسئول عن تلك المياه التي هي من مصادر آسنة وتتجمع لتلتقي عند المصبات مع عدة شوائب غير صحية بل قاتلة؟ وأين المسؤولون عن مراقبة هذه المصبات وتنظيفها باستمرار حتى لا تكون مصيدة تتربص بأكثر من (فاطمة) تحاول وهى على الشط أن تداعب بقدميها مياهه القريبة من جلسة ذويها؟. اتهامات بين جهة وأخرى ، وبين هيئة وأخرى والكل يلقي المسؤولية على الطرف الآخر.. وقد صرح أمين أمانة جدة بأن هناك لجنة مكونة من عدة جهات أسند إليها دراسة هذه المصبات التي يقال أنها قرابة أو تجاوزت ال(600) مصب بعضها لا يعمل وبعضها مازال ينزف بالمياه الآسنة غير الآمنة.. أعتقد أن هذه اللجنة لها فترة طويلة وليست وليدة اليوم أو الحادثة أليس كذلك؟ أولم تصل إلى حل منذ تكوينها؟ لا أعتقد أنها لم تصل!! أوأنها وصلت .. إلا أن هناك جهة(ما) تقاعست عن القيام بدورها في تفعيل ما خرجت به من توصيات ومرئيات وحلول؟ الملاحظ أن أي مشكلة تظهر إلا وتظهر في إثرها مشكلة أخرى أشد وأعظم ( فرحم الله فاطمة وأنزلها ربها منازل الشهداء) ويبقى حديث المجالس يدور حول ما نشربه من مياه محلاة؟ هل هناك خطورة على هذه المياه التي تصلنا إلى منازلنا رغم الاختلاط الدائم والمستمر ليل نهار بين مياه البحر مصدر المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة الوحيد وبين المياه الآسنة من مياه الصرف الصحي ،سيول وأجهزة التكييف وغيرها؟ فهل ما نشربه وتضخه محطات التحلية بعد(المعالجة) هو مزيج مما تقدم؟ لا أملك الإجابة ولكن أنتظر توضيح الأمور حتى يطمئن المواطن والذي يتعامل مع الماء بشكل يومي في البيت والمسجد وفي أي مكان يُزوَدْ بمياه التحلية القادمة من البحر بعد معالجتها المعالجة الصحية فالمصدر لمياهنا هو البحر ولا شيء غير البحر وعليه لابد أن توقف المصبات الدخيلة والمزعجة التي تتدفق إليه في كل ثانية وختاما أقول ( تعددت المصبات والمصدر واحدُ) وكأني أتذكر شطر البيت الذي قاله الشاعر ابن نباتة السعدي (تعددت الأسباب والموت واحدُ).