دعا إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامه خياط إلى الإقبال على الأفراح والإعلان عنها ومحذراً من الإسراف فيها والتبذير. وبين فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس أن الاحتفاء بالنعم وإظهار السرور بها والإعلان عنها والتحدث بها شكراً لمسديها سبحانه وتعالى على المن بها والإمتاع الحسن لنظرتها مما جاءت به الشريعة المكرمة وأذن به الشارع الحكيم حكمة ولطفاً وسيراً مع الفطرة والطبيعة البشرية التي فطر الناس عليها. وأضاف أنه مما شرع لنا في نعمة الله بالزواج إقامة وليمة النكاح ودعوة الناس إليها وإكرامهم بما يقدم إليهم من طعام مشيراً إلى أن بعض الناس يقومون بأعمال لم يشرع بها الله ولا يوافق هدي رسوله صلى الله عليه وسلم ومن أبرزها الإسراف في الانفاق على هذه الحفلات من اختيار أغلى دور الأفراح ثمناً والمبالغة بأنواع الطعام والشراب مقداراً ونوعاً مما يفيض عن الحاجة وينتهي به الأمر إلى ما لا يليق بنعمه يجب إكرامها والعناية بها لاسيما أن البعض يرغب بها ممن مستهم الحاجة. وأوضح أن من المبالغات في الحفلات ما يتجلى في ملابس النساء بتعمد اختيار الأغلى ثمناً والأرفع سعراً والأحدث عرضاً في الأسواق أملاً في التفوق والتمتع بشعور التفرد والتميز وكل هذا مما تتحول به المناسبة عن صحيح وضعها وتصرف به عن وجهها ويحيد بها عن مقصودها التي شرعت له. وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن بركة النكاح ليست بكثرة الانفاق بل هي في تيسيره والقصد في الانفاق لقوله صلى الله عليه وسلم :(خير النكاح أيسره ). وفي المدينةالمنورة ألقى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي خطبة الجمعة أمس تحدث فيها عن الأمانة وواجباتها وقال إن الأمانة واجبات الزم الله بها المكلفين وفرائض يبتلى ويختبر بها المخلوقين فمن قام بها وأداها نال أعظم الثواب ومن ضيعها وأهملها احاط به العقاب ، قال الله تعالى : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) ، قال بن عباس رضي الله عنهما ( الأمانة الفرائض عرضها الله على السماوات والأرض والجبال إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك وأشفقوا عليه من غير معصية ولكن عرضها الله اختياراً ولكن تعظيماً لدين الله آلاّ يقوموا بها ثم عرضها على آدم عليه السلام فقبلها بما فيها ). وأضاف فضيلته يقول إن الأمانة هي حقوق الله وحقوق العباد وأعظم حقوق الله عز وجل توحيده وهو عبادة الله تعالى وحده لا يشرك به المرء شيئاً فمن عبدالله وحده وبرئ من الشرك دخل الجنة ومن مات على الشرك بالله تعالى خلده الله في النار ، قال الله تعالى: ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ). وبين فضيلته أن من الأمانة العظيمة والواجبات الكبيرة رعاية الأولاد وتنشئتهم على الصلاح والاستقامة وإرشادهم لكل خير وتحذيرهم من كل شر وبذل الجهد في إلزامهم بالأخلاق الكريمة والسجايا المستقيمة ، واستشهد فضيلته بقول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ، وعن بن عمر رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته والرجل راعٍ في أهل بيته ومسؤول عنهم والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عنه والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عنه ). ومضى فضيلته يقول الأولاد نعمة من الله على العباد فهم امتداد لعمر الوالدين وخلف للاجيال يعبدون الله تعالى وتعمر بهم الأرض ويتم بين الكل في إطار الدين والمجتمع التعاون والتراحم والتعاطف والتكافل ، قال الله تعالى: ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ). فإذا قام المسلم برعاية أمانة الأولاد وأحسن تربيتهم والزمهم بالاستقامة على الصراط المستقيم واعتادوا الخير وأحبوه وأبغضوا الشر وجانبوه كانوا خيراً لأنفسهم ولوالديهم ولمجتمعهم وكثرت منهم الحسنات وحفظوا من السيئات ، وفي صحيح مسلم ( إذا مات العبد انقطع عمله إلاّ من ثلاث ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به أو صدقة جارية ) ، وصاروا قرة عين للوالدين في الآخرة. وأردف فضيلة إمام المسجد النبوي يقول جاءت الأدلة من الكتاب والسنة بأن الله تعالى يرفع درجات الأولاد المؤمنين ليكونوا مع آبائهم في المنزلة بالجنة من غير أن ينقص ثواب الأباء فسبحان الجواد الكريم المتفضل المنعم ، ومن ضيع أمانة الله في نفسه وأولاده وأهله خسر دنياه وأخراه ، قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَ لِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَ لِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ). وأضاف يقول وبنوا آدم في السنوات الأولى من مقتبل العمر بحاجة شديدة إلى القوامة الصالحة والرعاية التامة من الوالدين والأوصياء والأقرباء والمجتمع لأن صغار السن لا يعرفون الخير من الشر والمراهقون برأء ومن السهل استدراج الشياطين لهم إلى الشر والتدمير والإنحراف ، ومن الخطر الكبير تركهم بلا رقابة ورعاية ، والرعاية والملاحظة الدائمة ينقذ الله بها الأولاد من الإنحراف والتدمير الخلقي بإذن الله تبارك وتعالى والفساد في العصور الماضية فساد بسيط ولكن الفساد في هذا العصر فساد مركب ومعقد ومدمر وله تداعياته تلازم الشباب إلى آخر عمره إلاّ أن يتداركه الله بحياة إسلامية وتوبة صادقة. وأضاف فضيلته يقول والشباب معرضون لفتن كثيرة ولابواب من الشرور مدمرة ، وشباب المسلمين محسودون ومستهدفون وكثرت المؤثرات عليهم وأنفتحت أبواب انحراف لم تكن من قبل. فضائيات وافدة مدمرة تعرض مسلسلات وأفلاماً تحطم الأخلاق وتجتث الإسلام من القلوب وتدعو إلى الفحشاء والمنكر. مخدرات يصدرها أعداء الإنسانية. أصدقاء شر وسوء يصدون عن سبيل الله ، بل تعددت وسائل الصداقة للفتاة والفتى عبر مواقع الإنترنت الممنوعة وسهل التواصل مع آلاف الأشخاص ، الأفكار الضالة المخربة المدمرة الوافدة التي تجر الشباب إلى الإرهاب والتفجير والإفساد في الأرض. تبرج النساء الذي وفد من غير المسلمين إلى بلاد المسلمين فأفتتن به الشباب كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجل من النساء ). تقليد بعض المسلمين لغير المسلمين فيما يضر ولا ينفع إلى غير ذلك من الفتن. وأكد فضيلته في ختام خطبته أهمية التعاون بين البيت والمدرسة والمجتمع وكل مسؤول من واقع مسؤوليته لوقاية الشباب من الشرور وترشيدهم لكل خير وتحصينهم من كل شر مضر.