شدد عبدالرحمن الدرعاني رئيس مجلس إدارة نادي الجوف الأدبي على إعادة النظر في مسألة تفرغ العاملين في مجالس إدارات الأندية الأدبية وقال: إن المثقف السعودي ظل هاجسه الرقيب الذي يمتلك أربع عيون ، والذي شجع العديد من المؤلفين أن يطرقوا أبواباً أخرى .. مؤكداً أن المثقف السعودي الآن يعيش مرحلة امتحان. | المملكة تعيش حراكاً ثقافياً.. ما رؤيتك لهذا الحراك؟ || مهما كانت بعض ردود الأفعال التي تنتقد المشهد الثقافي ولم تستوعبه ، إلا أنني أعتقد أنه إيجابي وسمة من سمات المجتمع الذي يدخل في مرحلة التحديث ويخرج من سكون المجتمع المتحرك وعلى نقيض المجتمع الراكد ، لابد من خلال هذا المشهد أن تحدث بسبب هذا التسارع ردود أفعال متفاوتة ، لكنني أعتقد أن كل الحراك يصب في الاتجاه السليم وألا نخاف الفضاءات التي نتعاطى معها ولا نخاف من الآخر بل ندخل بكل ثقة وأن نستوعب كل ما يفد إلينا ونخاطب الآخر من منطلق الندية والثقة بالنفس ونتطلع إلى المستقبل لأننا إذا لم نتحرك في إتجاه المستقبل سوف يداهمنا المستقبل على حين غرة وسوف يفرض علينا شروطه، وهذا الانفتاح نأمل أن يزداد ويتصاعد ليكون امتداداً . | ألا يشكل ذلك عبئاً ثقيلاً على المثقفين لانطلاقة أقوى في المرحلة القادمة؟ || كلما أراد المجتمع أن يواكب مرحلته ستحصل استحقاقات جديدة متوائمة ومتوافقة مع هذا العصر الجديد والزمان الجديد الذي يغمر هذا الكون، لابد للمجتمع أن يتكبد ويتحمل الضريبة التي يدفعها، ولا يمكن أن ندخل حلبة القرن الجديد، ولا نريد أن ندفع ثمن البقاء طويلاً والذي كان راكداً وماضوياً ، فلهذا أعتقد أننا كمثقفين علينا أن نضحي وندفع الثمن، وأنا لا أخاف من الثمن الذي هو الآن في مرحلة مخاض، ورغم آلام المخاض إلا أن المشهد الثقافي يعد بولادة جديدة وبمولود جديد أعني به المجتمع، وعندما نتحدث عن المستقبل فأنا أقول أمام اختلال عنصر الزمان والمكان وفي ظل هذا الانفتاح وقد يداهمنا المستقبل بعد قليل ، فأنا من المتفائلين بأننا مازلنا، وإذا لم يكن الوقت فات ، وأتمنى أن نكون على مستوى هذه المواكبة . بطء ومعوقات | وكالة الوزارة حركت الساكن من خلال العديد من الفعاليات الثقافية ، كيف ترى ذلك؟ || حقيقةً أن الوزارة بشكل عام بعدما انضمت إليها بعض الفعاليات التي كانت في عهدة الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم بجانب الأندية الأدبية والمكتبات العامة والمراكز الإعلامية وجمعية الثقافة والفنون ، فمن الطبيعي أمام هذا اللغط الهائل على الوزارة التي أصلاً هي لها مهمات ولديها برامج وأمامها مشروع فبالتأكيد تحتاج إلى طاقم ينظم ويدير هذه الفعاليات بشكل متناغم بعضها البعض ، ولكننا نشفق قليلاً على الوزارة التي مازالت حتى اللحظة تتقدم بشكل بطيء للإمام وربما هناك بعض المعوقات ، بجانب أن الأندية الأدبية في مرحلتها الجديدة هي مؤسسة تضاعفت بسبب الظروف المرحلية والأدوار التي يتعين عليها أن تقوم بها، إضافة إلى أنها أصبحت ضمن جهاز وزارة الثقافة والإعلام ، فهذا يعنى أيضاً شيئاً آخر، إضافةً إلى التحديث الذي حصل في مجالس إدارتها يجب أن يوحى إلى المثقف السعودي أن ينتظر الكثير من هذه الوزارة، لكن ما أريد أن أقوله بدون خجل إنه لكي تسير العجلة بالشكل الذي نتمناه ونأمله أن يتزامن مع دعم مادي يسير الفعاليات، ولا أخفيك سراً أن الدعم المادي الذي تتلقاه الأندية الأدبية قبل عشر سنوات هو نفس الدعم المادي لكن الأدوار تضاعفت وينتظر منها المثقف كثيراً، والفضاء الذي أمام هذه الوكالة يتسع أكثر والمتغيرات تتسارع بشكل أكبر، فنحن نعول على أن تسعى الوزارة إلى زيادة المعونة المخصصة لهذه المؤسسة الثقافية ولا نعول على القطاع الخاص الذي نأمل أن يكون شريكاً ، وعلينا كمثقفين ،أن نحاول أن نقنع هذا الشريك بما نقدم حتى يستطيع أن يسير معنا في تنفيذ برامجنا المتعددة ، وهناك مسألة أخرى وهي سؤال أقوم بتوجيهه إلى الوزارة من دافع الغيرة على هذا المشروع ، إذا فعلاً وزارة الثقافة والإعلام أمامها مشروع ثقافي يتصدى لهذه المرحلة الكبيرة أتمنى أن تعيد الوزارة النظر في مسألة تفرغ العاملين في مجالس الإدارة ، وكما يعلم الجميع أن أعضاء مجالس الإدارة هم من الموظفين غير المتفرغين بل متطوعين ، وهنا أتمنى أن يعاد النظر بدراسة وضعهم بحيث يكرسوا أنفسهم للثقافة ، وأنا أتصور أن دور الثقافة دور مهم جداً للكثير من مناحي الحياة الذي جعلني أتساءل: هل الثقافة ترف أم ضرورة ؟ المثقف العربي | إذا ما عدنا إلى الوراء قليلاً نجد أن المثقف العربي كان لا يعرف عن المثقف السعودي أي نوع من الثقافة، واليوم من خلال العديد من الفعاليات الثقافية الأخرى أصبح يتعرف على الثقافة السعودية، كيف تعلق على ذلك ؟ || حقيقة إذا قبلنا بهذا التعميم: نعم كان هناك نظرة مؤطرة صادرة عن المثقف العربي وهو يحمل صورة نمطية عن المثقف السعودي ، وإن كانت هذه النظرة لا نعممها على الجميع ، لكن أقول إنها ليست مشكلة المثقف السعودي إنما بقدر هي مشكلة المثقف العربي الذي لم يتعاط ولم يتواصل مع ثقافة المجتمع السعودي المتحرك ، والمثقف العربي ظل بعيداً على الضفاف وظل يحكم حكماً جاهزاً بورقة في جيبه وفي كل مناسبة يعيد قراءة هذا البيان الذي مللنا تكراره، واعتقد أن وجود المثقف العربي بين حين وآخر بين ظهرانينا وهو يشاهد العديد من الفعاليات الثقافية ومنها المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) ومعرض الرياض الدولي للكتاب وجائزة الملك عبد العزيز للترجمة، بجانب مستوى التأليف والإصدار والتعاطي في مجال النشر، بالإضافة لزخم الإصدارات المتعددة والمؤلفات التي قلبت الطاولة على الأقل قياساً بنظرة المثقف، وعليه أثق أن من يتقدم بخطوة إلى الأمام لايمكن أن يعود إلى الوراء، وأنا أعول أن تستمر مثل هذه الفعاليات لتكون ضمن إطار يعبر عن فلسفة برؤية إستراتيجية وأن لا يكون هذا الحراك ثقافياً أو لا يكون مرتهناً بشروط خارج شروط الحرية والثقافة التي تفرضها ظروف المرحلة والكونية والانفتاح الذي غطى العالم والحدود تتداعى وأصبح العالم كله فضاءً وأصبحت الجغرافيا ليست أكثر من ظلال لشيء قديم اسمه المكان . هاجس النشر | نلحظ أن بعض المؤلفات تؤلف بالداخل ولكنها تطبع في الخارج؟ || في فترة لربما في الثمانينيات وإلى حدٍما في منتصف التسعينيات ظل هاجس المثقف السعودي والمؤلف والكاتب السعودي بشكل خاص الرقيب الذي يمتلك أربع عيون وأصبح جزءاً من هم المثقف السعودي ليتجاوز بيروقراطية هذا الرقيب الذي شجعه إلى الذهاب من أجل النشر بالخارج بالرغم من انتشار الكتاب السعودي في تلك المرحلة إلا أنه وللحقيقة لست بصدد الدفاع عن أي جهة من أن سقف الحرية زاد كثيراً ولكن بعض الكتاب مازالوا لم يتحرروا من هذه الهواجس، ونحن نلحظ حالياً دور النشر الجديدة استطاعت أن تقدم أعمالاً نوعية سواء على مستوى العمل الفني أو على مستوى الإخراج بالتقنيات الحديثة ، لكن يظل هذا الهاجس إلى حدٍ ما ولكن يبقى أن نقول إننا في مرحلة امتحان وأن الأمور لا تأتي بقرار أو بين عشيةٍ وضحاها وأعتقد أن المثقف السعودي إذا ما استقر في يقينه وآمن بأن هذا الهامش متاح هو نتاج الحاجة وحق من حقوقه وليس شيئاً طارئاً أن هذا المؤلف سوف يغير من فكره وحساباته ، وأنا أرى بعض الأعمال المحلية التي بدأت تنشر عبر دور نشر محلية وليست لدي حساسية من أن يطبع مثقف في القاهرة أو بيروت أو في أى مكان عربي لأننا نتحدث بلغة واحدة ونحن شعب واحد.