الجامعات في الغرب والشرق هي قلاع علمية، بكل معنى الكلمة من حيث (المبنى) و(المعنى) وهي مصانع لتصنيع (العقول) وبناء (كوادر المستقبل) في كل مناشط ومرافق الحياة. كلنا نحلم بجامعات قوية قادرة ان تتسع لاحلامنا وطموحاتنا بالدخول لدائرة المنافسات الجامعية، وتحصل على التقييم الجامعي الدولي فهي منافسات جامعية تموج دائماً بحركة رعدية لتحديد موقع كل جامعة من التطور والحداثة مع وضع التصورات المستقبلية والمهمة (العاجلة والآجلة) لتطوير العمل بها. وبادىء ذي بدء اقول ان الجامعات القوية والقادرة في دخول المنافسة الدولية ليست مجرد أرقام تعكس أعداد الخريجين وانما القوة الحقيقية تتمثل في نظام الاعتماد وضمان جودة التعليم كمدخل جاد لتطوير جامعاتنا كمفتاح لدخول قائمة التقييم الجامعي الدولي. من أهم دروس الحياة أن كل شيء على هذه الأرض يبدو قابلاً للهزيمة والقهر كما رأينا عبر التاريخ والتي نشاهدها حالياً في الانهيار الاقتصادي الدولي ما عدا العلم الذي يظل في حد ذاته قوة غير قابلة للهزيمة، وهذا هو السر في ازدهار وتخلف الأمم والشعوب. اريد أن أقول بوضوح اننا ننبهر كثيراً بالجامعات القوية ليس وليد تميز عقلي عن باقي الجامعات الأخرى، ولكن سر هذه العملقة هو تطبيقها لمعايير الجودة كمرجعية لادائها بما لا يتعارض مع الذاتية الثقافية للأمة. ان الجامعة السعودية ليست جامعة محلية فقط، وانما الجامعة القوية هي تلك التي تنتقل من المحلية والاقليمية الى العالمية انما هي الجامعة التي تستخدم برنامجاً للاعتماد والجودة والأخذ بنظام الساعات المعتمدة في بعض الكليات ولاشك ان مراعاة المعايير الدولية التي تراعى البعد الاقليمي والدولي هي اوارقنا التي نقدمها كما يقدم السفراء أوراق اعتمادهم لرئيس الدولة للحصول على الاعتراف الدولي والاهتمام لقافلة ونادي الجامعات الدولية المتقدمة. هل من وقفة شجاعة لتحقيق ذلك؟ قبل ثلاث سنوات كان موقعنا في التقييم الدولي ان خرجنا من قائمة (500) جامعة، واليوم وللأسف الشديد غيبنا من القائمة الجديدة للتقييم الدولي. لست أرى في المملكة اليوم وربما يشاركني غيري الرأي بأن تطوير الجامعات وتطبيق نظام الاعتماد وضمان الجودة في التعليم الجامعي يتبقى ان يكون محور مشروعنا القومي من أجل انتاج علمي جيد يمكن أن نسوقه عالمياً لان رسالة الجامعات في عصر العولمة هي المعرفة والمهارة. ومعنى ذلك وطبقاً للجودة الشاملة في اداء الجامعات لدينا ان نتعامل مع المشكلات والتحديات بمنهج علمي يعود الى الجذور الحديدية لخروجنا من التقييم الجامعي الدولي المستمر، ولذلك أقترح ما يلي: الاتصال الوثيق بالمجتمع واشراك هيئاته ذات العلاقة في التخطيط المستقبلي، ان الاخذ بمفاهيم ضمان الجودة والاعتماد ليس نوعاً من الترف الأكاديمي او مسايرة لاتجاه جديد يمكن الاهتمام به مظهرياً دون تعميق تطبيقه، بل هو ضرورة حياة وبقاء ودعماً للنفوذ الى المنافسات الجامعية الدولية، محاولة جذب الطلاب الى جامعاتنا من مختلف أنحاء العالم (كما سيحدث ان شاء الله في قلعة العلم جامعة الملك عبدالله) للدراسة، وهذا ما يطلق عليه بالتعليم الاكاديمي المتبادل بين جامعات العصرنة اساتذة وطلاباً، اختيار الاستاذ المساعد والمشارك والاستاذ وهم يمثلون مثلث التعليم الجامعي على أساس الكفاءة والقدرات التعليمية والبحثية، النسبة والتناسب بين اساتذة الجامعة من استاذ، استاذ مشارك، استاذ مساعد، فكلما زاد عدد الاساتذة (البروفسور أو الشيخ) كلما ارتفعت قيمة الجامعة في سوق المنافسة الجامعية الدولية، تبني الرصد المعرفي لدى الطلاب وتزويدهم بالقدرة على التفكير والبحث وحل المشكلات بما يمكنهم من تطويع المعارف والعلوم والتقنيات والأساليب التي اكتسبوها اثناء الدراسة وتطبيقها في مجالات الحياة المختلفة. باختصار شديد أقول أن سر العملقة الجامعية عنوان واسع وعريض تندرج تحته كل عناوين التعليم الجامعي والبحث العلمي والاستثمار فيهما.. وعلينا أن نجعلها قضية اليوم والغد وبعد غد، فالنهوض بالجامعات لم يعد ترفاً ولا استكمالاً للديكور، بل ضرورة حياتية أساسية اذا اردنا الدخول الى مسيرة الجامعات الدولية المعروفة في قائمة التقييم الدولي .