رحبت إيران بدعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما لبداية جديدة للعلاقات الثنائية بين الطرفين, لكنها طالبته في الوقت ذاته بأفعال ملموسة لتجاوز أخطاء الماضي, كما اعتبر الاتحاد الأوروبي العرض الأميركي (جيدا للغاية). وقال علي أكبر جوانفكر مساعد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد (نرحب برغبة الرئيس الأميركي في وضع حد لخلافات الماضي). وأضاف أن واشنطن يمكن أن (تمد يد الصداقة من خلال التغيير الجذري لسلوكها). وأضاف جوانفكر أن (الأمة الإيرانية أظهرت أن بمقدورها نسيان السلوك المتسرع لكنها تنتظر خطوات عملية. ، مشيرا إلى أن أوباما تحدث عن التغيير لكنه (لم يتخذ أي خطوات ملموسة لإصلاح الأخطاء التي ارتكبت). وتطرق المسؤول الإيراني إلى العقوبات التي جددتها إدارة أوباما على بلاده لعام إضافي, قائلا إن (العقوبات غير المحدودة التي لا تزال قائمة والتي جددتها الولاياتالمتحدة هي خطأ وتنبغي مراجعتها). وفي نفس السياق وصف وزير الطاقة الإيراني برويز فتاح العرض الأميركي بأنه (إيجابي), لكنه شدد أيضا على ضرورة أن يواكب الخطاب ما وصفه بالأفعال الإيجابية. من جانبه أعرب منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عن أمله في أن تفتح رسالة الرئيس الأميركي إلى إيران صفحة جديدة في فصل العلاقات مع طهران. ووصف سولانا على هامش قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، دعوة أوباما بأنها (عرض جيد وإعلان مدروس للغاية). وشدد المنسق على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي على حل الخلاف مع طهران بشأن برنامجها النووي. أما الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز فأعرب خلال تهنئة لإيران بمناسبة عيد النوروز عن يقينه بأن تعود (الصداقة الحميمة) لتسود العلاقات مع طهران. وقال بيريز في رسالة وجهها عبر صوت إسرائيل باللغة الفارسية إن هناك (مكانة خاصة لإيران ولشعبها في تراث الشعب اليهودي, مشيرا إلى أن الملك الفارسي كروش الكبير هو الذي سمح للشعب اليهودي بالعودة إلى وطنه من المنفى في بابل وببناء الهيكل الثاني). وجاءت هذه التصريحات والردود بعد ساعات من خطاب غير مسبوق وجهه الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الشعب الإيراني دعا فيه طهران إلى بداية جديدة في العلاقات مع بلاده تقوم على الاحترام المتبادل بين الطرفين لا على التهديدات. وقال أوباما عبر شريط فيديو بالتزامن مع عيد النوروز، الذي يرمز للعام الجديد في إيران (حكومتي ملتزمة الآن بالدبلوماسية التي تعالج كل القضايا التي تواجهنا وبمتابعة العمل من أجل روابط بناءه). وأضاف الرئيس الأميركي في رسالته التي بثتها إذاعة صوت أميركا باللغة الفارسية، أن (هذه العملية لن تتعزز بالتهديدات ونحن نسعى بدلا من ذلك إلى حوار يكون خالصا ويقوم على الاحترام المتبادل). واشترط أوباما على الإيرانيين لبدء أي حوار التخلي عن التسلح وعن دعم ما سماه الإرهاب, قائلا إن واشنطن تريد أن تتبوأ إيران (المكانة التي تستحقها في المجتمع الدولي, لكن لا يمكن الوصول إليها من خلال الإرهاب أو الأسلحة, ولكن من خلال الأفعال السلمية التي تظهر العظمة الحقيقية للشعب الإيراني وحضارته). وفي إشارة للبرنامج الإيراني النووي استطرد الرئيس الأميركي قائلا (مقياس تلك العظمة ليس هو القدرة على التدمير, وإنما إظهار قدرتكم على البناء والإبداع). ولم يقدم أوباما أي عروض محددة للإيرانيين في خطابه, لكنه قال إنه يسعى إلى (مستقبل يتميز بعلاقات جديدة بين شعبينا وفرص أكبر للشراكة والتجارة), ومع ذلك فقد أقر بأن هذا الموضوع (لن يكون بلوغه سهلا هينا). وفي تعليقه على خطاب الرئيس الأميركي قال رئيس تحرير مجلة الوحدة الإيرانية عباس خامه يار إن هناك يأسا لدى الإيرانيين من السياسة الأميركية, مضيفا أن أوباما اشترط على طهران عدم دعمها لما يسمى الإرهاب وهذا الشرط لن يقبله الإيرانيون. وأشار إلى أن واشنطن رغم إعلانها بدء فتح صفحة جديدة فإنها لا تزال تدعم المعارضة الإيرانية المسلحة ولا تزال تحتجز الأرصدة الإيرانية, مؤكدا أن طهران تريد مواقف عملية من الجانب الأميركي. ويأتي هذا الخطاب بعد نحو أسبوع من تمديد الإدارة الأميركية العقوبات التي تفرضها على طهران لمدة عام آخر. وقد ندد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بتمديد تلك العقوبات, وقال إن (محاولات وضع عقبات أمام التنمية في إيران عبر فرض عقوبات عليها تعد فكرة صبيانية وخطأ كبيرا).