| خطوات تثلج الصدر ، مفرحة ، تجعلك فخوراً ببعض شباب بلدك الذين نبذوا الخجل ، وقهروا الوقت ، وصفعوا التسكع في المقاهي ، والأسواق ، وهجروا أرصفة انتظار الوظيفة.. شباب وشابات بحق يمثلون الصفوة من شبابنا الذين وضعوا آمالهم وتطلعاتهم وأحلامهم على أكفهم وطرقوا أبواب المهن الخاصة والصغيرة (يعني على قدر إمكانياتهم) .. قالوا بسم الله .. وخطوا أولى خطواتهم نحو تحقيق ذاتهم وإثبات كينونتهم بين أفراد مجتمعهم .. سقوا تربة مشاريعهم الخاصة بعرق جباههم ، وغرسوا بذور أشجارهم بأنامل أيديهم مستعينين بالله أولاً وأخيراً.. فأصبح لزاماً على أبناء المجتمع التعامل مع هذه الشريحة الوهاجة من شبابنا التي اختارت مواجهة الحياة بكل ما فيها من منغصات وعثرات. أقول أصبح لزاماً علينا تقديرهم وتشجيعهم والإهتمام بهم والتعامل معهم ومع إنتاجهم بثقة عالية ، وأن نتحدث عن مشاريعهم الصغيرة في كل مكان وعبر وسائل الإعلام والمجالس والمنتديات .. من هؤلاء الشباب أذكر الأخوين (الرحيلي) من المدينةالمنورة،أحدهما طالب جامعي متخصص(لغة إنجليزية) ومع هذا وضع يده بيد أخيه وإفتتحا مطعم (بيتزا) بالمدينةالمنورة وغيرهم من الشباب الذين لم يسلط الإعلام الضوء عليهم بالقدر الذي يحفز الآخرين على السير على خطاهم .. كما أنقل صورة للجميع وأعتقد أن العديد منا شاهدها وهي صورة الشباب الذين يبيعون فوق سياراتهم (البيك أب) أنواعاً من المنتجات الزراعية من(نعناع ، نوامي ليمون ،حبق ، ورد .. إلخ) وهم عندما سألتهم يوماً عن أسمائهم وجدتهم ينتمون لأكبر القبائل في بلدنا ومع هذا خلعوا قناع الخجل وألقوه جانباً وشمروا عن سواعدهم وقدموا أنفسهم للمجتمع يبنون مستقبلهم ويضيئون طريق حياتهم. هذا يؤكد درجة الوعى والإدراك والإحساس بالمسؤولية الشخصية تجاه أنفسهم بعد أن أحسوا بأن الخجل والتقاعس وإنتظار قطار الوظيفة لن (يطعم خبزا).. ويحقق ولو شيئاً بسيطاً من متطلباتهم الشخصية الخاصة. | لقد قرأت قبل أسابيع خبراً في إحدى الصحف المحلية بأن هناك فتيات يعملن في (توضيب) وتجهيز لمبات الإضاءة التي نستخدمها في منازلنا ، وأخريات يعملن في مصانع إعداد الحلويات ، وأخريات إفتتحن بالتعاون مع بعضهن مشاريع طبخ وتجهيز الولائم الصغيرة. والله إننا نفخر ونعتز بهذه الشريحة من بناتنا اللائي -كما قلت- يجب أن نقف معهن ونشجعهن كما يجب أن يقوم الإعلام بدوره في التعريف بهن تعريفاً يوصلهن للناس .. وأطمع - في الحقيقة- أن أرى مهناً أخرى يمارسها أبناؤنا الشباب مثل ( الحلاقة ) فأنت وأنا لا نحلق إلا بأيدي إخوان من جنسيات أخرى .ولو قام رجال الأعمال والميسورين منهم وهم والحمد لله كثر في بلادنا، لو قاموا بتبنى مجموعات من الشباب وإبتعاثهم للمعاهد المتخصصة والتي تقوم بتدريس فنون الحلاقة وأساليبها ومن ثم تكفلوا بافتتاح محلات لهم في كافة أرجاء الوطن يكونون بذلك قد أدوا خدمة قيمة لوطنهم وأبنائهم. فأبناء وبنات المجتمع هم أبناء وبنات الجميع. فيا رجال الأعمال تبنوا مثل هذه المهن أو الحرف وساعدوا الشباب على الإنخراط فيها. | وهناك مثال آخر،فتيات من عوائل مستورة .. ليست محتاجة لشيء ومع هذا امتهن مهنة (الكروشيه) أي الأشغال اليدوية بالخيوط القطنية أو الصوفية وعملن منها أشياء كثيرة مثل (مفارش طربيزات ، ملابس أطفال ، وكوافي ، شراريب منزل ، لحف سرر وبيوت مخدات ..إلخ .. إلخ) إنه عمل متقن ورائع وبديع يحتاج إلى تركيز وفكر متقد وخيال واسع.. وبعد أن يتممن العمل المطلوب يقمن ببيعه لمن يريد أو الطالبين من قريباتهن وصديقاتهن إنهن يحققن ذاتهن رغم رغد العيش الذي هن فيه بل يردن أن يقلن لأنفسهن إن العيش الرغيد قد لا يدوم طويلاً ولكن مهنة اليد تدوم وتحقق الشخصية والإكتفاء الذاتي للشخص نفسه (فتى كان أم فتاة) إنها العزيمة والإرادة والتصميم الذي نريد أن نراه متمكناً في الجميع تحقيقاً للذات وخدمة للوطن..ألا يستحق أولئك الفتيات وأولئك الشباب أن نقف بجانبهم ونشد على أيديهم ونشجعهم على المضي قدماً إلى الأمام خاصة وأن الوطن ينهض بعقول وسواعد أبنائه؟ بلى إنهم يستحقون ذلك وينبغي علينا أن نساعدهم في تحقيق آمالهم وطموحاتهم.