كانت ليلة رائعة بكل المقاييس، تلك التي حضر فيها الفنان المصمم العالمي الأستاذ عدنان أكبر في حفل تكريمه بمنتدى الدكتور عبد العزيز سرحان الثقافي، ليلتقي بأصدقائه ومحبيه الذين عرفوه وعاشوا معه فترات طويلة من حياته، أو حتى أولئك الذين سمعوا عنه ولم يروه إلا في ذلك اللقاء. فقد استقبل عدنان أكبر بترحاب كبير من الحضور، حيث بدأ اللقاء صاحب المنتدى الدكتور عبدالعزيز سرحان بكلمة رحب فيها بالضيف، وتتطرق في كلمته إلى الذكريات التي تربطه بعدنان أكبر منذ أكثر من خمسين عاما عندما كانا طفلين طالبين بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة، ثم أخذ الكلمة عدنان أكبر حيث تحدث عن علاقته بالدكتور السرحان على مدى الخمسين عاما الماضية، وقال إن الغريب في صداقتنا أننا لم (نتخاصم) ولا مرة واحدة، ثم تكلم عن مشوار حياته العلمي والعملي، وذكر بأنه بدأ يعشق التصميم منذ أن كان في الخامسة عشرة من عمره، في الوقت الذي لم تكن كلمة (تصميم ) موجودة في قاموس الأزياء السعودي، وقال بأنني كنت أصمم الفساتين والأزياء وأرسمها على ورق حتى أن مدرس التربية الفنية كان أول من أطلق علي لقب (مصمم أزياء)، ثم عملت في تصميم أزياء الأفراح، حيث اعتمدت على (عاملات تكرونيات ) ليقمن بعمل التطريز، ثم درست التصميم في لبنان وفي أوروبا، وانطلقت في هذا المجال، حتى حصلت على المركز الأول الجائزة الأولى لمسابقة التصميم العالمية التي أقيمت في باريس بفرنسا، وتفوقت على ثلاثمائة مصمم عالمي جاؤوا من جميع قارات العالم، ويومها أشادت الصحافة الفرنسية بالمصمم عدنان أكبر، ولازلت أحتفظ بتلك الصحف. بيد أن عملي هذا أبعدني عن الدين حتى إنني تهاونت في كثير من تعليماته، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد بي خيرا، بأن أوجدني في بيئة إيمانية فاختلطت بأناس طيبين أرجعوني إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، فخرجت من الظلمات إلى النور، ومن التلذذ بالدنيا الفانية للعمل للحياة الخالدة الباقية، فخرجت من النفق الدنيوي البحت إلى عالم فسيح من الإيمان والنور والطمأنينة. وعرفت بأننا أمة عليها واجب الدعوة إلى الله ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) ( بلغوا عني ولو آية) (بلغوا) تكليف، و(عني) تشريف (ولو آية) تخفيف. فتعلمت أساليب الدعوة واجتهدت في ذلك، وعرفت أن كلمة لا إله إلا الله تكون لفظا وصورة وحقيقة، وأن كثيرا من الناس يعرفونها (لفظا) على الشفاه و(صورة) على الجدران، ولكن لا يعرفون حقيقتها في القلوب، ولا يعرفون حقيقة الإيمان، ولم تقر هذه الكلمة في قلوبهم، وهذا ما يجب على المسلم أن يجتهد لأن تكون هذه الكلمة في قلبه، ليصدقها العمل، وتعمل بها أعضاؤه وتتجسد في سلوكياته وأخلاقياته. ومن واجبات المسلمين أن يعملوا لينتشلوا العالم غير المسلم وينقذوه من النار، فكثير من البشر يموتون يوميا على غير لا إله إلا الله. كما أن كثيرا من المسلمين يسيرون في الاتجاه الخطأ، فيجب تصحيح مسارهم، كما يجب على الداعي أن يبتعد عن الخوض في السياسة أو في الخلافات المذهبية، أو التحدث في أمراض الأمة، وأن يكون منهجه دعوة في النهار ودعاء وبكاء في الليل. ومن جهة أخرى، فقد استمتع الحضور بطرح عدنان أكبر وتعجبوا من رجل يعيش الأزياء والموضة، وكيف تحول إلى داعية مؤمن، كما كان للحاضرين تعليقاتهم وإضافاتهم التي أثرت اللقاء، فكان ممن تكلم الدكتور عبد الحكيم موسى الذي تحدث عن التربية في مدارس الفلاح، وتحدث الدكتور محمد جمال وقال بأن العالم الإسلامي يعيش أزمة إيمان، وعلق الشيخ ماجد رحمة الله مدير المدرسة الصولتية عن خريجي الصولتية من العلماء والدعاة الذين فتحوا مدارس وجامعات في أنحاء كثيرة من العالم، وكان من المتحدثين أيضا فاروق آغي و خالد سابق، والأستاذ أحمد حجازي، والدكتور محمود كسناوي، وأمين فارسي، والدكتور عبد الله بن صالح،. كما كان من الحضور منصور أبو منصور، وعبد الحميد كاتب، وكيل أمين العاصمة المقدسة سابقا، وصاحب ملتقى الأحبة الذي يعقد مساء كل سبت بمنزله، وعبد الله سقاط والدكتور محمد بن ظافر ومحمد نور قاري والدكتور جمال حمدي، والسفير محمد طيب الذي تكلم عن ذكرياته ومعرفته بعدنان أكبر منذ ريعان الشباب، وفي نهاية الحفل قدم الدكتور السرحان درع المنتدى لعدنان أكبر الذي شكر السرحان على هذا التكريم.