مؤسفة حقاً ، بل ومؤلمة جداً هذه النظرة التي أصبحنا ننظر بها إلى الزمن وقيمة الوقت ، فقد أصبح الزمن أرخص شيء في حياتنا ، فالأفراد يهدرون أوقاتهم بدون أي حساب أو تقدير ، والجماعات تضيع وقتها وجهدها في أمور تافهة ، والأمم الإسلامية والعربية لا تشعر بقيمة الوقت ، ولا بثمن الوقت ، وهي تمارس حياتها بأنماط شتى وبسلبيات عجيبة ، وبدون أي استشعار أو اكتراث لعامل الزمن أو قيمته. كل التصرفات تدل على عدم تقديرنا لعامل الوقت ، وكل الممارسات توضح أننا أمة ليس للزمن عندها أي حساب .. حتى الأفراد كما ذكرت والجماعات ، بل انك تشعر بأن بعضهم يخطط لضياع الوقت ، واستهلاك الزمن لأنه لا يعرف قيمة له ، ويقول بصراحة: نود أن نتسلى ، نريد أن نضيع وقتاً ؟؟!. ورحم الله أياماً كان الناس فيها عندنا يحسبون للوقت كل حساب ، بل ويخافون من ضياعه ، فجعلوه: (كالسيف إن لم تقطعه قطعك). وعفا الله عنا أن غدونا في زمان يقطعنا الزمن ، بل ويمزقنا ، ويضيعنا ، ونحن لا نشعر بأنه قد قطعنا ، فقد أصبحنا بمعزل عنه ، لأننا نعمل في فراغ ، ومن يعمل في فراغ لا يشعر بقيمة الزمن أبداً ولا بنعمة الزمن .. ويهدره دون أسف أو حسرة. وصلى الله على سيدنا محمد فهو يخبرنا بأهمية الزمن ، وأهمية العمل ، ويدلنا على استغلاله في الخير ، ثم يوضح لنا أن أول ما يسألنا الله عنه هو هذا الزمن ، وحصيلة العمر. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما ابن آدم عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم). وأحسب أن من أهم مايجب أن نعلمه لأجيالنا القادمة هو احترام الزمن ، وتقدير الوقت ، ولكن ليت شعري ، كيف سنعلمهم ما لم نتعلمه نحن قبلهم ، أو نعمل به. اللهم الطف بنا ، وعفوك أكبر من غفلتنا ، اللهم فعلمنا ما جهلنا ، وزدنا علماً صالحاً وعملاً نافعاً وأنت على كل شيء قدير.