أمر مؤسف جداً أن تبدأ بلادنا العربية في الدخول في دوامة البطالة في مثل هذا الوقت المبكر.. فقد غدونا نعاني من بطالة ملموسة، فهناك شباب يحمل الماجستير وشباب يحمل البكالوريوس والليسانس وهو عاطل يبحث عن عمل فلا يجد المكان المناسب.. وهذا هو حجر الزاوية كما يقولون أو لب القضية (المكان المناسب) فكل شاب يريد أن يتعين في مكان يتناسب مع ظروفه خاصة الاجتماعية وهو أمر لم يعد سهلاً ولا متيسراً لأن الحياة تعقدت عن ذي قبل، والظروف الوظيفية اختلفت، فبعد ان كانت الدولة والمؤسسات تسعى وتلهث خلف خريجي الجامعات.. تبدل الوضع وأصبح على الخريج أن يبحث لنفسه عن عمل، وأن يؤهل نفسه لهذا العمل، لأن جهات العمل لم تعد أيضاً تحفل بالشهادات، بل تحاول عمل مقابلات واختبارات.. وهكذا تعقد الأمر عن ذي قبل ولم تعد الشهادة أي شهادة هي مفتاح العمل والسعادة.. وبرزت قضية هامة ترتبط بالقدرة على العمل المثمر والانتاج.. وغدا للانتاحية أهميتها.. وهذه مرتبطة بمقدار ما لدى الفرد من تحصيل حقيقي ثم ما عنده من همة وجدية وخبرة وحب للعمل. ومن هنا وجب الالتفات لمسألة البطالة ومعالجتها بطرق علمية وواقعية، وليس بالضرورة عن طريق فتح مجالات جديدة للدراسات الجامعية ولا بتوسيع الفرص الحاضرة.. لأن الأمر أصبح يستوجب نظرات جديدة وجادة نحو مناهج الدراسات وبرامجها وربط ذلك بحاجات البلاد ومتطلبات المجتمعات التي نعيش فيها والنهضة التي نحن في غمرتها.. ولابد من توعية صادقة للشباب حتى لا يواصلوا الاندفاع في الطريق نفسه طريق الشهادات.. هذا الطريق الطويل والممل الذي يدخله الشاب دون أن يعرف ما يريد غير ورقة يرضي بها ضميره أنه درس شيئاً أي شيء.. وترضى بها أسرته التي تتطلع للشهادة أي شهادة .. ثم اذا تخرج كان انساناً غير راض عن نفسه، وغير مقتنع بتحصيله الذي تحصل عليه، والمجتمع غير راض أيضاً لا عنه ولا عن تحصيله. وهكذا يدخل في جماهير العاطلين وهذا هو ما يمكن أن يقودنا الى مشكلات أكثر تعقيداً وربما أخطر نتائج.. ويفسد طاقات هؤلاء الشباب الذين هم عماد نهضة هذه الأمة .. فلابد إذاً من العمل بصورة جادة وسريعة لعلاج أوضاع التعليم عندنا وربطها بحاجات البلاد. والله الموفق والهادي الى سواء السبيل