في عام 1994 أصدر (نيلسون مانديلا) سيرته الذاتية، عن تجربته في النضال من أكثر من نصف قرن لعودة الارادة الجماهيرية المضطهدة وعودة السلطة إلى الاغلبية الافريقية، والذي يزور حالياً جنوب أفريقيا لابد أن يتذكر (مانديلا) بل يبحث عنه ، وعن أي شيء يدل عليه، وعليك أن تبدأ من ميدان (مانديلا) بجواره برج وفندق (مايكل انجلو) بمدينة جوهانسبرج ، لأن هذا يذكرك بالشخص الذي أحيط بتمثال شبيه يحيط به الزوار من كل مكان. لم تكن زيارتي ، وهي الأولى لجنوب أفريقيا مجرد صدفة،بل كانت مع بداية ال 27 من يونيه 208 ، لأن الرحلة علمية من قبل جامعة أم القرى للمشاركة في المؤتمر العلمي الثالث الذي تنظمه الأكاديمية العلمية البريطانية بالتعاون مع جامعة مدينة الكاب وتقع على بعد ساعتين بالطائرة من جوهانسبرج، حيث رأس الرجاء الصالح، الذي كان يسمى (رأس العواصف) عن مكتشفه بارثلوميو في عام 1488,والمصادفة التي كانت ان سكان المنطقة بدأوا في الاعداد للاحتفال بعيد ميلاد (مانديلا) التسعين ، رغم انه ولد في 18 يوليو 1918، في 28-29 يونيه احتفلت بريطانيا وملكتها بمانديلا الذي حضر إلى لندن خصيصاً لهذا الأمر ، في نفس الوقت انتهت بطولة كأس الأمم الأوروبية بفوز اسبانيا على المانيا بهدف للاشيء ، ورغم هذا لم يؤثر أي شيء في الاحتفاء بزعيم عاش بلا مأوى خمسين عاما ، وسبعة وعشرين عاما في السجن. أنا هنا لن أتحدث عن المؤتمر ، فقد تكلمت عنه في مكان آخر ، وفضلت أن أتطرق إلى أهمية جنوب افريقيا كبلد عايش الاستعمار الهولندي ، والبريطاني ، رغم أنه يعيش حاليا تحت ادارة أفريقية إلا أن ملامحها في القوة، والتنظيم ، والنظام ، والنظافة ظل انجليزيا في كثير من الخطوات التي جعلت من جنوب أفريقيا اشعاعا لكثير من الاستثمار والتقدم في مختلف مناحي الحياة. في رحلته من أجل الحرية وهو ما قرأته لمانديلا منذ سنوات، أعادني بالذاكرة إلى أول زعيم لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي ، ولما قام به في صناعة تاريخ جنوب افريقيا يقول مانديلا ساهمت شخصياً مع الملايين من أبناء وطني في الانتخابات التي أدت إلى بروز حكومة جديدة ، لقد أدى هذا إلى التعرف على الحريات عندما تأتي خلال كفاح شاق مرير ، فقد سقط كثير من رجال هذه الأمة ونسائها ضحايا للتفرقة العنصرية البغيضة، انها لحظة التأمل في الماضي، ولكنها تمر للاحتفاء بالحاضر ، ويبلغ سكان جنوب أفريقيا أكثر من خمسة وأربعين مليوناً في مساحة تصل إلى نصف مليون ميل مربع تقريباً، ويتحدثون هناك احدى عشرة لغة بجانب الانجليزية ، ويدينون بالمسيحية، والاسلام ، والهندوسية. ذكرتني الزيارة بحجاج جنوب افريقيا من ذوي الاصول الهندية في نظافتهم ، ولبسهم ، وأنظمتهم عندما كنا نستقبلهم لأداء فريضة الحج في مكةالمكرمة، لقد علمهم زعيمهم مانديلا احترام حريات الشعوب والأديان، وهو الأمر الذي قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وهو يقود مواكبة وتضامن الأديان بدءاً من مكةالمكرمة ، والرياض، ومدريد ، وأمريكا وغيرها من دول العالم. في جنوب أفريقا أكثر من (17) جامعة بين حكومية وأهلية، والواردات تقريباً تتساوى مع الصادرات ب 27 بليون دولا أمريكي ، وعملتهم هي الراند = 100 سنت ، أي 4.47راند = دولار أمريكي ، تقريباً نفس صرف الريال السعودي وإن زاد بسبب العمرة والحج، وهناك من مساحتها بعض الانهار والبحيرات ، ودائما ما تغمر التلال والأرض الأمطار التي يتم حجزها في البحيرات للاستفادة منها في الري والزرع، وهي دولة غنية بالذهب والالماس والنحاس والفحم ، والبلاتين ولديها انتاج زراعي بما يساوى 6في المائة ، ولديهم ولع كبير بانتاج الخمور والاصواف وهذا ما تشاهده في كل مكان، تتمتع جنوب أفريقيا بمناخ متنوع نظراً للتغيرات في الارتفاع وموقعها الساحلي، ويعد متوسط عدد ساعات شروق الشمس في اليوم من أعلى المتوسطات في العالم. (يتبع)