في الوقت الذي نشكو فيه من ارتفاع تكاليف العلاج في المستشفيات الأهلية، فإن عبئاً على عبء تضيفه الهدايا للمرضى في المستشفيات الحكومية أو الأهلية واينما كان هناك مريض على السرير الأبيض، ولا اعتراض على الهدايا فهي عنوان محبة، ولكن لو فكرنا في اعانة المريض واسرته بتقديم شيء نافع لهم او الوقوف بجانبهم ماديا لمساعدتهم في سداد العلاج ومصاريفه لكان أجدى، فلا يخفى علينا كم هي باهظة فاتورة التنويم ان لم يكن هناك تأمين. إن زيارة المريض ومعاودته واجبة وفيها محبة وتراحم وتواصل يشعره بالراحة النفسية والاهتمام، لذلك اكد عليها ديننا الحنيف مع آداب الزيارة التي لا ترهقه، ولكن ارى ضرورة لترشيد بعض عاداتنا في مثل هذه المواقف، وهذا يذكرنا بعاداتنا في الأفراح والمناسبات عموما والتي لم نعد نشهد اي مظهر للتكافل، كما كان عليه مجتمعنا في الماضي، وانما باتت الأفراح لا تخلو من هموم مادية لا يتحملها الا الأرحام أهل العروسين وخاصة الشباب، وترهقهم كثيرا، وليس فيها من الرحمة شيء، خاصة البسطاء او الذين يعجزون عن تأمين التجهيزات الأساسية للزواج ويتحملون مصروفات عالية في الحفل والعشاء للمدعوين وغير ذلك من عادات واجب تغييرها بشجاعة. ان الهدايا للمريض انما في حقيقتها تكون في مساعدته في تأمين مصاريف العلاج، وربما لا يقبل البعض ذلك، ولكن لو أصبحت ثقافة لدينا وعادات في زيارة المريض لأصبح الأمر مقبولا، وانا هنا لا ادعو الى منع الهدايا رأفة بالزائرين، وانما أبحث عن تحويل هذا الانفاق الى شيء نافع ويعود على المريض بما يعينه على سداد المصاريف، خاصة وان تكلفة العلاج كبيرة في حال التنويم. وهذه العادة التي نورثها لابنائنا وأحفادنا جيلا بعد جيل لم تجد بعد من يغير اتجاهها، ولذلك من الطبيعي ان نجد في كل مستشفى حكومياً كان أم أهلياً زاوية او ركنا لبيع الزهور وأنواعاً من الشوكولاتات، فأصبح معظم الزوار يتجهون مباشرة الى المستشفى ويشترون منها هداياهم مهما كان ثمنها، وهذه من المفارقات ان نجد استثمارات في هذا المجال لطبيعة تغيير عاداتنا، بل اصبحنا نرى مثل تلك الأفكار والمشاريع هي التي تشكل عاداتنا وتغيرها لأننا لم نعد نفكر في الأصلح، وانا لست ضد بيع الزهور ولا اي انواع من الهدايا خاصة الحلوى التي بطبيعة الحال لا يتناولها المريض ولا يقربها عادة. الا يدعو ذلك الى قليل من التفكير والتزام الحكمة تجاه مرضى لابد من أن نقف بجانبهم لا مجرد حاملين وروداً وحلوى، وانما بقلوبنا ومواقفنا. أنا لا أقصد الأغنياء زادهم الله من فضله ولا ميسوري الحال الذين تكفيهم الزهور، بل منهم من تكفيه وردة واحدة كما يحدث في الخارج، ولكني أعني الفقراء وغير القادرين على تكلفة المستشفى، لكنهم اضطروا الى ذلك، والله يعلم بحالهم كيف يتدبرون أمر العلاج ونفقاته. كما لا اقصد كل زائر للمريض ان يسانده بالمال، فهناك مستويات من العلاقات الاجتماعية التي قد تسمح بمساعدته او الاكتفاء بزيارته، وهي في كل الأحوال مطلوبة ومشكورة ويثيب عليها الله تعالى، وانما اي انسان له من الأهل وحتى من الاصدقاء ما تسمح العلاقة بهم بتقديم المساندة المادية باعتبارها موقفاً مهماً، ليس عطفاً ولا شفقة، وانما تقدير للظرف وتعبير عن المحبة لمن يستطيع ذلك، وليس واجبا على كل زائر، وهذا فيه تكافل وتراحم. انها اشياء بسيطة لكنها عظيمة، لا تكون فقط في تقديم هدايا والسلام، ولا نختصر محبتنا ومواقفنا في مثل تلك الهدايا بل تقدير الموقف الذي عليه المريض ان احتاج ما يعينه على ظروف علاجه.. مع دعواتي للجميع بالصحة والعافية. حكمة : محبة الناس رصيد بالمصرف الذي تحتفظ به في قلوبهم لتسحب منه في الأزمات.