سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أين يذهب سكان الخنساء المهددون بالنزوح؟ اتساع ظاهرة إخلاء العمائر من السكان
اندلعت الشرارة من أصحاب المباني التي لم تشملها الإزالة
الحلول الحاسمة تبدد قلق الشريحة الكادحة
حينما تفضل معالي أمين العاصمة المقدسة الدكتور اسامة البار وادلى بحديث له في لقاء مع صحيفة عكاظ منذ عدة أيام اذ كان معاليه ينفي فكرة تخصيص أحياء لاسكان الحجاج دون اخرى كما وانه صرح بأن اللائحة الجديدة شملت كافة المساكن المعدة لاسكان الحجاج في كافة أحياء المنطقة وهو بذلك أراد أن يوجه رسالة يترجم فيها حبه الصادق للبلد الذي ولد وتربى وترعرع فيه وهذا في حد ذاته قمة في رقي الاحساس الذي يجسد مدى اخلاص المسؤول لوطنه ووفاء الابن البار لبلده وأهله ونفي معاليه ذلك ينم عن اصرار المحب على تأكيد حبه لمحبوبته بميثاق يضعه في حنايا قلبه وهو يقينه بأن محبوبة الملايين أم القرى جديرة بكل معالم الرقي والازدهار اللذين يظل تحقيقهما في عهد العاهل المفدى الذي يتربع فوق عرش القلوب سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله وشد عضده بأخيه ولي عهده سيدي سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز فقد دأبوا يرعاهم الله على أن يوجهوا الجهود وبذل الطاقات للارتقاء بمكانة الوطن والأخذ بأيدي ابنائه الى مدارج النجاح كما ويعتمدون حفظهم الله رصد المبالغ الطائلة لانفاقها في المشاريع العملاقة التي تضمنتها ابجديات الخطة العشرية لتتجاوز كل تحديات العصر وترسم افاقاً واسعة لمستقبل الوطن حيث أخذت تظهر طفرة عصرية تبدو ملامحها في انسيابية الحركة العمرانية التي تظل تنطلق فيها مشاريع جبارة يأتي في أجندتها مشاريع توسعة الشوارع وتحديث الأحياء في مختلف مناطق المملكة ومنها على وجه الخصوص منطقة مكةالمكرمة هذه البلاد المقدسة التي ستظل تحظى بالكثير من اهتمامات حماة حمى هذا الوطن حيث يأتي من بين ذاك الفيض الغامر من الاهتمام ان تحظى بفرصة تنفيذ مشروع غير مسبوق وهو تهيئة الاحياء للتطوير لازالة السمة العشوائية التي التصقت بالكثير من احياء العاصمة المقدسة وخاصة الاحياء البعيدة عن المسجد الحرام والتي أصبحت موضع رغبة الكثير من أعضاء بعثات الحجاج ورؤساء الحملات الذين اصبحوا يتهافتون عليها لا للشيء سوى أن ايجارات المباني فيها رخيصة وبعيداً عن أعين الرقابة لذلك يفضلون ان يختاروا فيها المساكن لحجاجهم حتى وان كانت تبعد عن المسجد الحرام فهم لا يعيرون اهتماماً ان كانت قريبة أو بعيدة للحجاج عن المسجد الحرام ما دام ان هذا الاختيار يصب في مصالحهم الذاتية حيث يصبح هذا الاختيار الظالم الضحايا فيه هم الحجاج بلا شك فهم يظلون يواجهون كل أنواع المشاق والمتاعب ناهيك عن أن هذا الاختيار المجحف تكتنفه معضلة لها ابعادها المختلفة اذ منها ما هو ديني ومنها ما هو أمني ومنها ما هو صحي فأما ما هو ديني لأن بعد سكن الحجاج عن المسجد الحرام هو اجحاف لحقوقهم فهم جاءوا من بلاد بعيدة من اجل ان يؤدوا العبادة فيه من طواف وأدعية وتلاوة للقرآن ومشاهدة الكعبة المشرفة وكل هذا يحرمون من المواظبة عليه إن لم يحرموا منه كليا هذا بجانب انه يحول بينهم وبين اداء الصلوات في أوقاتها ان لم يتسن لهم ادائها في رحاب المسجد الحرام الذي جاءوا من اجل ان ينعموا برؤيته ويتمتعوا بالاجواء الروحانية التي تسود جميع ارجائه اما ما هو أمني فان اسكان الحجاج قسرا في مثل هذه الاحياء النائية التي دأب أعضاء بعثات الحجاج ورؤساء الحملات ان يختاروا فيها مساكن لحجاجهم تجعل الكثير من اولئك الحجاج يتعرضون للاهمال والضياع والتشرد في الطرقات والتعرض للسرقات ومفاجآت الطرق وحوادث السيارات واما ما هو صحي فيصبحون عرضة لضربات الشمس واختناقات عوادم السيارات وهذا هو الذي يوشي به الواقع وكل عام تزدحم به المستشفيات وتمتلىء به سجلات مراكز الامن العام وادارات الحوادث وامن الطرق ونقاط ارشاد الحجاج التائهين وادل على ذلك ما عاناه الحجاج ابان موسم الحج المنصرم من ضياع وارهاق وتشرد خاصة اولئك الحجاج الذين اختار لهم اعضاء بعثات بلادهم مساكن في الشرائع واقصى العزيزية ودقم الوبر وشارع الحج والخنساء والخالدية والشوقية والكعكية وغيرها من الاحياء النائية عن المسجد الحرام وكل ذلك حدث لأن أعضاء بعثات الحجاج ورؤساء الحملات هم الذين يصرون على اختيار مثل هذه الاحياء النائية لاسكان الحجاج فيها لغاية في نفس يعقوب وهذا الشيء يدركه الاذكياء من الحجاج الا انهم مرغمون على الاذعان له والا سوف تكون تصفية الحساب معهم مما يجعل الكثير من الحجاج يحملون في دواخلهم اسوأ انطباع لرحلتهم تلك فيما ان البعض يصدقون زعم اعضاء بعثات دولهم الباطل وهو بأن الذي كان هو الذي يظل بالامكان وهو ما يعني انهم ينحون باللائمة على صرامة الانظمة في هذه البلاد وهذا هو المبرر الذي يبرؤون به ساحاتهم من كل تقصير وهو امر لم يكن ليغفله التاريخ لأن التاريخ لا يغفل الاحداث بيد انه لو نعود بالذكرى لسنين انصرمت من عمر هذا القرن حين كان الحجاج لهم حرية الاختيار لمساكنهم فقد كانوا يتولون مهمة البحث منذ ان تطأ أقدامهم منازل المطوفين الذين يقومون بمرافقتهم في مشوار البحث ويعرفونهم بالمساكن التي يرغب اصحابها في تأجيرها ابان موسم الحج لفترة قد تمتد اقامتهم فيها لمدة تتجاوز الاربعة شهور حيث ان الحجاج يفضلون الاحياء القريبة من المسجد الحرام ومنهم من يلحون على أن تكون بجوار المسجد الحرام مهما تكلفهم ايجاراتها اذ ان هذا له بالغ الأثر في نفوس اولئك الحجاج فقد كان ذلك يشعرهم بالطمأنينة والراحة والاستقرار ويمكنهم من اداء الصلوات في داخل المسجد الحرام وينعمون بأوقات يقضونها في تلاوة القرآن والتمتع بالنظر للكعبة والتنقل بالطواف حولها وهو ما يبعث في نفوسهم البهجة والقناعة بتمام مناسكهم في يسر وسهولة مما يجعلهم يحملون في أعماقهم انطباعات تنم عن الرضى والامتنان لما يلاقونه في رحلة الايمان في بلد الايمان وهذا الذي سجله التاريخ بأحرف من نور لهذا وفي خضم معضلة اسكان ضيوف الرحمن في الاحياء النائية عن بيت الرحمن هناك معضلة اخرى تتوارى خلف جدار الأمن وستكشف عن وجهها البغيض فهي قد باتت تؤرق شريحة كادحة من شرائح المجتمع وتقض مضاجعهم هم اولئك الذين ترغمهم على أن يستقطعوا من مصادر ارزاقهم مبالغ يدفعونها لأصحاب المباني الكائنة بالاحياء النائية لقاء ايوائهم وعوائلهم فيها حيث اصبحت هذه الاحياء يتهافت عليها اعضاء بعثات الحجاج ورؤساء الحملات مما يجعل اصحاب المباني في تلك الاحياء تستبد بهم الرغبة في تأجير مبانيهم ايجارات موسمية ليلحقوا بركب المؤجرين الموسميين وهذا يجعل تلك الشريحة يتوجسون خيفة من ان يفاجئهم اصحاب تلك المباني بالاصرار على اخراجهم منها واخلائها ليبرم اصحابها صفقات مع اعضاء بعثات الحجاج او رؤساء الحملات وهكذا يظل اصرار اصحاب العمائر السكنية على اخلائها من سكانها وعزوفهم عن تجديد العقود مع سكانها هي الرغبة التي تلح على الكثير من اصحاب العمائر السكنية كما وستظل ظاهرة اخلاء العمائر السكنية من سكانها تتسع مساحات انتشارها في هذا البلد الأمين ما ظلت بمنأى عن التفكير في ايجاد الحلول الحاسمة التي من شأنها التخفيف من روع تلك الشريحة الكادحة التي اصبحت تعيش في قلق دائم خوفاً من شبح هذه الظاهرة التي اندلعت شرارتها من أصحاب مباني لم يشملها امر الازالة في حي الخنساء اذ اصبح سكانه مهددين بين لحظة واخرى بالنزوح من هذا الحي الذي عاشوا فيه حقبة من الزمن، فإلى ماذا يؤول مصير هؤلاء الكادحين؟.