يشتكي كثيرٌ من الناس في مجتمعنا المعاصر من ظاهرةٍ اجتماعية أخذت في الانتشار بشكل مؤسف ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وتتمثل هذه الظاهرة في عدم تواصل كثير من الناس مع أقاربهم وذويهم ، وحصر التواصل إذا ما تم في مناسباتٍ قليلةٍ جداَ على مدار العام ، ولعل ذلك راجع إلى العديد من الأسباب التي يحضرني منها: | تباعد أماكن السكن ، فهذا في شرق المدينة ، والآخر في غربها ، الأمر الذي يجعل عملية التواصل وتبادل الزيارات بين الأقارب قليلة إلى حد ما لأنها تحتاج إلى سف طويل وعناء شديد لاسيما في وجود النساء والأطفال. | الإزعاج والفوضى التي يسببها التقاء الأطفال ولعبهم وحركتهم الدائمة لاسيما متى كثر العدد وتباينت الأعمار وصغرت مساحة المكان ، فهذا يصيح ، وذاك يبكي ، وثالث يجري ورابع يقفز ، فتكون النتيجة عدم الهدوء والافتقار إلى الراحة ومن ثم عدم الاستمتاع باللقاء . | الانشغال المستمر عند كثير من الناس بشؤون الحياة وأشغالها ، وعدم توافر الوقت الكافي للزيارة حتى أن البعض قد يزور قريباً له وهو في عجلةٍ من أمره فلا يرتاح باله ولا يهدأ ضميره لأنه مشغول بأمر آخر يريد أن ينطلق لإنجازه والانتهاء منه . وليس هذا فحسب فهناك الكثير من الأسباب الأخرى . وهنا أقول إن انتشار هذه الظاهرة أمر غير محمود العواقب ، وخطر يهدد العلاقات الأسرية التي حث ديننا الإسلامي على ضرورة الاهتمام بها والحرص عليها لما فيها من الخير الكثير ولما ينتج عنها من نتائج طيبة تتمثل في زيادة التقارب العائلي وقوة الترابط الأسري ، وانتشار المحبة والألفة بين أفرادها ، وسؤالهم عن بعضهم وتفقدهم لأحوالهم ، إضافة إلى أن في ذلك حصول بركة العمر وسعة الرزق كما ورد في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من أحب أن يُبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثره ، فليصل رحمه) (رواه البخاري ، الحديث رقم 5986 ، ص 1048 ) . كما أن ذلك يعد طاعة لله سبحانه وتعالى متى كان خالصاً لله سبحانه ، وقائماً على التناصح والتواصي بالخير ، والترغيب في الطاعات ، والبعد عن السيئات ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فلنحرص على التواصل فيما بيننا وعدم التقاطع ، وليحرص كل فردٍ منا على تقوية ارتباطه بأهله وذويه وأُسرته وأقربائه ، وليكن ذلك كله ابتغاء لمرضاة الله سبحانه والطمع فيما عنده ، والله الهادي إلى سواء السبيل. أستاذ التربية الإسلامية المساعد بكلية المعلمين في جامعة الملك خالد بأبها [email protected]