لا شك أن انعقاد القمة الخليجية بمسقط هو دليل نجاح المجموعة، فاستمرار انعقاد هذه اللقاءات على مستوى القمة، هو دليل على أن دول مجلس التعاون هي بلاشك من الدول ذات النفوذ الواسع في كل من العمل العربي الواسع في اطار الجامعة العربية ومجموعة الدول الاسلامية، ندرك أهمية هذه اللقاءات وضرورة الانتظام في عقدها، ومع ذلك فإن هذا النجاح وهو لا يستهان به في ظل الظروف الدولية المتقلبة التي يعيشها العالم الآن. لذلك تأتي قمة مسقط في توقيت بالغ الحساسية نظراً لما تمر به البنية الاقتصادية الدولية من تطورات شديدة الأهمية من بينها الأزمة المالية العالمية بكل ما يعنيه ذلك من ضرورة صمود هذه الدول لتعزيز دورها ومكانتها الاقتصادية الدولية والاسهام بفعالية في تشكيل ملامح القمة الاقتصادية والدولية بصفة عامة. وان كان توقيت قمة مسقط بالغ الحساسية، فإن المناقشات والكلمات الرئيسية والبنود الأساسية للبيان الختامي سوف تعكس في مجموعها حقيقة أن دول مجلس التعاون الخليجي قد وصلت الى درجة عالية من النضج، في رؤيتها للتطورات الاقتصادية العالمية، وفي تحريرها للاتجاهات التي تحقق مصالحها من أجل فتح المستقبل في اطار البنية الاقتصادية الدولية. لكن الأهم من الرؤية هو ضرورة ابتكار آليات واجراءات عملية لتحويل رؤى دول مجلس التعاون فيما بينها، والتعامل مع الدول الصناعية المتقدمة التي تمثلها مجموعة (20) الى واقع مادي ملموس بنهج آثار ايجابية في اقتصادات دول مجلس التعاون وفي مكانتها ومكانة الدول العربية بصفة عامة في الاقتصاد العالمي. لذلك يمثل مجلس التعاون الخليجي أحد التكتلات الاقتصادية المهمة في المنطقة العربية، فاستمرار المجلس في لقاءاته يعد نجاحاً حقيقياً خاصة في ظل منطقة تموج بالتحديات والصراعات، واستطاع بفضل ارادة قادته ان يواصل مسيرته الاقتصادية وحقق فيها الكثير من الانجازات خاصة ابرام اتفاق الوحدة الجمركية والسوق الخليجية المشتركة. وفي ضوء هذا السياق تكتسب القمة الخليجية التي بدأت أعمالها اليوم في مسقط أهمية كبيرة في فتح آفاق المستقبل لدولها بتطوير آليات جديدة لدفع التعاون الاقتصادي او في اتخاذ موقف موحد ابان التحديات والتهديدات الخارجية للأمن الخليجي. وفي النهاية فإن قمة مسقط لمجلس التعاون الخليجي جاءت مُعبرة بالعقل عن اتجاه عملي ومرن يسود دوله ويؤمن بضرورة الاندماج في الاقتصاد العالمي وفي الواقع فان مثل هذه الاستجابة للتحديات الخطيرة المطروحة عالمياً، يدفعنا من جديد لأن نأمل من قرارات قمة مسقط سياسات تحقق غداً افضل لشعوب دول الخليج خاصة والوطن العربي عامة وتسير في طريق التنمية المستدامة التي تفتح آفاق المستقبل للاجيال القادمة .