تابعت خلال الأيام الماضية ما كتبه أخي وصديقي الدكتور عبدالعزيز الصويغ في عموده المضيء (نافذة) بصحيفة المدينةالمنورة في يوم الثلاثاء 11/12/1429ه بعنوان (الحج والحجيج) وكذلك في يوم الجمعة 14/12/1429ه بعنوان (مكة وشعابها) وكذلك ما كتبه أخي وصديقي الحبيب والعزيز الدكتور عبدالرحمن بن سعد العرابي في عموده المتوهج بنفس الصحيفة في يوم الأربعاء 19/12/1429ه بعنوان (ردود المطوفين) وقد تطرق الأخوان الكريمان فيما كتباه لموضوع يتعلق بالحج والطوافة بأسلوب مهني راق كعادتهما في كل ما يكتبانه، وأعرف بكل تأكيد اخلاصهما وحبهما لمكةالمكرمة وأهلها. وإن الذي دعاني لأدلي بدلوي فيما كتباه هو أهمية الموضوع الذي ناقشاه حيث يدخل في صميم هموم وشجون .. (مهنة الطوافة).. وكذلك مخاطبة أخي الدكتور عبدالعزيز الصويغ لقراء عموده في معرض حديثه عمَّا أثاره أحد القُراء من قضايا حيث قال بأسلوبه المهذب الذي ينم عن الحصافة والوعي والتواضع : (وأنا لا أملك الاجابة على ما أثاره القارىء الكريم، لذا أرجو أن يساهم من قد يكون عنده الرد على استفسار القارىء، الذي هو أحد المطوفين..) بالاضافة الى اطلاعي لردود أفعال القراء وتعليقاتهم الالكترونية على ما تضمنته كتابات الزميلين العزيزين. ومن خلال اطلاعي على ما كتبه الاخوان الفاضلان وجدت أن المحور الأساسي الذي أخذ حيزاً كبيراً هو تساؤل بعض المطوفين لماذا يتم تصويت المطوفين في اجتماعات الجمعيات العمومية لمؤسسات الطوافة لمناقشة الميزانيات ومراجعة القوائم المالية على نموذج معد سلفاً من قبل المؤسسة، يوضح فيه اسم المُصوت وكافة بياناته الشخصية؟ في حين أن اجراءات التصويت في انتخابات مجالس ادارات هذه المؤسسات تتم عبر بطاقة تصويت (صماء) ليس فيها ما يدل على شخصية المُصوت. ومن خلال معايشتي لمهنة الطوافة واطلاعي على كثير ما يتعلق بها، هذه المهنة المكية العظيمة التي ليس لها مثيل في الدنيا لأنها تُعنى بخدمة ضيوف بيت الله الحرام، ومعرفتي اللصيقة برجالاتها الذين هم من خيرة رجالات وشباب وابناء مكةالمكرمة والذين نعتز ونفتخر بهم وبكل انجازاتهم، واطلاعي على الكثير من اللوائح والأنظمة التي وضعتها وزارة الحج لتنظيم أعمال مؤسسات الطوافة، وكذلك متابعتي المتواصلة للمنجزات الكبيرة لهذه المؤسسات، وما استجد في هيكلياتها النظامية من تحولات ونقلات نوعية تمثلت في اجراء انتخابات حرة لمجالس إداراتها في دورتيها الأولى في عام 1423ه والثانية في عام 1428ه ثم تتويج جهود وعطاءات هذه المؤسسات بصدور قرار مجلس الوزراء الموقر بتثبيتها وازالة صفة التجريبية عنها في عام 1428ه وهو الأمر الذي يؤكد علو كعبها في ميدان تقديم الخدمات لوفود الرحمن في كل عام. ومن كل ما سبق أود التوضيح ان تساؤل هذه الفئة القليلة من المطوفين عن تباين آلية التصويت في اجتماعات الجمعيات العمومية وفي انتخابات مجالس إدارات المؤسسة قُصد منه إثارة البلبلة واثارة السُخط على أشخاص بعينهم وتشويه إنجازاتهم، إذ إن هذا التباين الذي يتغنون به ويعتبرونه ورقة ضغط للمطوفين للرضوخ لأمر مسئولي المؤسسة وعدم الاعتراض على قراراتهم.. (الى غير ذلك من الأمور التي ينسجها لهم خيالهم) .. محكوم بلوائح وتنظيمات صادرة من وزارة الحج، وهي معروفة في أوساط المطوفين، ولعل من يطلع على ردود الأفعال والتعليقات الالكترونية على كتابات الأخوين الفاضلين سيرى وعي غالبية المطوفين وتفهمهم لهذه الاجراءات الرسمية المطبقة منذ سنوات، ولاسيما أن مهنة الطوافة تزخر في الوقت الحالي بعدد كبير من الشباب المتعلم المؤهل تأهيلاً علمياً عالياً في مختلف التخصصات.. كما سيدرك المطلع على تلك الردود والتعقيبات الالكترونية الأسباب الحقيقية لاثارة تلك التساؤلات في الوقت الحاضر من مجموعة قليلة من المطوفين لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة وهي أسباب شخصية ضيقة وإن غُلفت بالبحث الصادق والأمين عن المصلحة العامة. وحرصاً على تصحيح المفاهيم الخاطئة التي أراد هؤلاء المغرضون إثارتها فقد عمدت في مقالي هذا على ايراد النصوص المنظمة لآلية التصويت من اللوائح التنظيمية الصادرة من وزارة الحج لكونها الفيصل في هذا الأمر. ففيما يتعلق بالتصويت في اجتماعات الجمعيات العمومية فانه ينبغي معرفة هوية (المطوف أو المطوفة) المُصوت أو المُصوتة، حسبما جاء على ألسنة الشاكين، ولكن كما يقول المكيون (إذ عُرف السبب بطل العجب) فالمغزى من معرفة هوية المُصوت ليس من أجل تهديده أو التضييق عليه كما زعم هؤلاء المغرضون وانما من اجل معرفة عدد أسهمه، لأن نتيجة التصويت تعتمد على اجمالي عدد الاسهم لا الأشخاص لذلك أكدت اللوائح على معرفة هوية وأسهم المُصوت، ومن ذلك ما جاء في المادة الأولى (أولاً : الجمعية العمومية) في اللائحة التنظيمية الادارية لواجبات ومسئوليات مجالس ادارات مؤسسات الطوافة الاهلية.. الصادرة في عام 1423ه. حيث تضمنت الفقرة رقم (10) ما يلي: (يسجل المساهمون الراغبون في حضور الجمعية العمومية سواءً أصالة أو وكالة اسماءهم الى الوقت المحدد لانعقاد الجمعية، ويُحرر عند انعقاد الجمعية كشف بأسماء المساهمين الحاضرين والممثلين وعدد الأسهم التي في حيازتهم أصالة ووكالة، ويحق لكل مساهم الاطلاع على هذا الكشف). وجاء في الفقرة 16 من المادة السابقة : (يتم التصويت على الحسابات الختامية أو أية موضوعات أخرى يطرحها مجلس الإدارة للتصويت، ويتم الإعلان عنها في جدول الأعمال بعد انتهاء النقاش بطريق الاقتراع السرّي، حيث يدلي مساهمو المؤسسة الحاضرون في الجلسة بأصواتهم بالموافقة أو الرفض أو الامتناع، من خلال نماذج التصويت التي توزعها المؤسسة عليهم عند تسجيلهم لأسمائهم وتوقيعهم بالحضور، ولا تحتسب الأصوات التي لا يتم الادلاء بها وفق الاستمارات التي توزع على المساهمين). أما فيما يتعلق بالتصويت في انتخابات مجالس الادارات، فقد أصدرت وزارة الحج مشكورة اللائحة التنظيمية لانتخابات مجالس إدارات المؤسسات الأهلية لأرباب الطوائف التي تم توزيعها على مطوفي ومطوفات المؤسسات قُبيل اجراء انتخابات مجالس ادارات تلك المؤسسات في دورتها الثانية في عام 1428ه من أجل نشر ثقافة الانتخابات بينهم كما جاء في مقدمة معالي وزير الحج الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي. وقد نصت الفقرة (رابعاً) من المادة السابعة عشرة من اللائحة (الاجراءات الانتخابية) بالصفحة رقم (12) على ما يلي : (لكل ناخب صوت واحد مهما تعددت أسهمه) لذلك ليس مهماً هنا معرفة كافة بياناته الشخصية وعدد أسهمه طالما أنه تنطبق عليه شروط الناخبين وحصل على بطاقة ناخب. إذاً فمادام أن الأمر بهذا الوضوح والشفافية، فلماذا اثارة هذا الأمر المعمول به منذ سنوات طويلة في هذا الوقت بالتحديد، ومن عدد قليل جداً من المطوفين ينتسبون لمهنة الطوافة الجليلة على نفوسنا، وينتمون لمؤسسة تعد أنموذجاً رائداً لمؤسسات الطوافة، ألا وهي مؤسسة جنوب آسيا، المعروفة بانجازاتها وابداعاتها المتميزة، والتي يفخر كل مطوف ومطوفة بالانتماء إليها، وأعرف أن أعمالها وانجازاتها محل تقدير الحكومة والمسؤولين. وكأن هذه المؤسسة باتباعها للوائح والتعليمات الصادرة إليها مثل غيرها من مؤسسات أرباب الطوائف قد أخطأت؟!!. والاجابة كما سبق أن أشرت إليها من قبل هي حُبَّ الذات والتقوقع في عباءة المصالح الشخصية العمياء التي لا تفكر في المصلحة العامة وإن كانت تتمسح بها وتجعلها مطيتها للوصول الى أغراضها السيئة في النيل من المخلصين الذين أثبتوا بالعمل ولاءهم لحكومتهم ولبلادهم ولمنسوبيهم من المطوفين وكانوا خير سفراء لدولتهم في تقديم أفضل وأرقى الخدمات لوفود الرحمن. وبقدر ما تألمت من اثارة هذه الفئة القليلة جداً من المطوفين لهذه البلبلة، بقدر ما شعرت بالسعادة والغبطة من تصدي عدد من مطوفي المؤسسة في تعليقاتهم الالكترونية لهذه الفئة وافحامها بالحُجَّة القوية الدامغة بل وكشفها بالأدلة والبراهين، وبيان أهدافها ومآربها من اثارة هذه الشوشرة المفتعلة، والتفافهم حول مؤسستهم ودفاعهم عن القائمين عليها لأنهم رأوا فيهم خير من يمثلهم ويعمل ليل نهار من أجل سعادتهم ورفاهيتهم، لدرجة أنهم كفوني مؤنة الوقوف على أسباب افتعال هذه البلبلة ومسبباتها، إلا أن الشيء الذي لم أستطع فهمه هو كيف يسمح بعض الناس لأنفسهم بالاساءة لمن أحسن اليهم، وكان لهم بمثابة الأب أو الأخ الكبير، وقدم لهم ما لا يمكن تخيله من ألوان البذل والعطاء المعنوي والمادي، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!!. كما أن الشيء الذي لم أستطع تقبله هو أن هذه الفئة كانت من أشد المحبين لشخص رئيس مجلس إدارة مؤسسة جنوب آسيا الاستاذ الفاضل عدنان كاتب ولزملائه الكرام أعضاء المجلس وللمؤسسة قاطبة، وانقلبت الآن تريد أن تفتك بهذه المؤسسة الرائدة وبمن فيها؟! وصدق الله العظيم الذي يقول في محكم التنزيل : (ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يُعطوا منها اذا هم يسخطون) (التوبة 58). والله يسترنا فوق الارض وتحت الارض، ويوم العرض، وساعة العرض، واثناء العرض.