شهدت العاصمة العراقية مظاهرات حاشدة ضد الاتفاقية الأمنية، في حين يكتنف الغموض مناقشات البرلمان العراقي بشأن تمرير الاتفاقية المثيرة للجدل. ميدانيا أغلقت الشرطة الشوارع في بغداد ونشرت قناصين على أسطح المباني. ومن جهة أخرى أعلن الجيش الأميركي موت أحد جنوده في حادث غير قتالي. وتظاهر الآلاف من أتباع التيار الصدري وغيرهم في ساحة الفردوس وسط بغداد بعد صلاة الجمعة، منددين بالاتفاقية الأمنية العراقية الأميركية ورفعوا لافتات تطالب الحكومة بالعدول عن موافقتها السابقة. وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد طلب من أتباعه قبل أيام التظاهر تعبيرا عن رفضهم للاتفاقية الأمنية. وأغلقت الشرطة العراقية شوارع بغداد ونشرت قناصين على أسطح المباني. وسد عشرات من الجنود -معهم كلاب مدربة وعربات مدرعة- شارع السعدون الذي يخترق قلب العاصمة قبل المظاهرة. ووصل بضع مئات مبكرين وأخذوا يرددون (لا لأميركا) وهم يلوحون بأعلام العراق ويحملون صور الصدر في ساحة الفردوس ببغداد، وهو نفس الموقع الذي أسقطت فيه القوات الأميركية تمثال الرئيس الراحل صدام حسين بعد وقت قصير من الغزو عام 2003. وقال حازم الأعرجي وهو مساعد كبير للصدر أثناء مشاركته في المظاهرة إن (اليوم هو يوم وحدة العراق بين العرب والأكراد وكل طوائف العراقيين لرفض الاتفاقية الأمنية)، وأضاف أن (كل هؤلاء الناس جاؤوا ليثبتوا أن الاتفاقية الأمنية لا قيمة لها). وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد سخف أمس من موقف الصدريين قائلا إنهم طالبوا بموعد محدد لانسحاب القوات الأميركية وحين توصل إلى ذلك عارضوه. وقال المالكي وهو يتحدث إلى صحفيين بينما كانت المناقشات بشأن الاتفاقية مستعرة في البرلمان، إن أولئك الذين يعارضون الاتفاقية سيتركون العراق ببديل أسوأ وهو تمديد تفويض الأممالمتحدة الحالي للقوات الأميركية الذي يعطيها سلطة مداهمة واعتقال المشتبه فيهم دون موافقة الحكومة العراقية حسب قوله. وأخفق البرلمان العراقي على مدى ثلاث جلسات عقدها الأسبوع الجاري منذ إعلان الحكومة العراقية مصادقتها على الاتفاقية، في تقريب وجهات النظر المتباعدة بين النواب وخاصة في كتل التيار الصدري وجبهة التوافق العراقية والقائمة العراقية ونواب آخرين، في حين يميل الائتلاف العراقي الموحد صاحب الأغلبية إلى جانب الاتفاقية مع التحالف الكردستاني. وعلى الصعيد الميداني قال الجيش الأميركي في بيان إن أحد جنوده توفي في حادث غير قتالي، لكنه لم يعط تفاصيل حول ذلك. من جهة أخرى ذكرت صحيفة ديلي تلغراف أن القوات البريطانية ستبدأ الانسحاب من العراق نهاية يناير المقبل بعد انتهاء الانتخابات المحلية العراقية. ونقلت الصحيفة عن القائد البريطاني في البصرة اللواء آندي سالمون قوله إن (ساعة الانسحاب قد دقت)، في إشارة إلى إعادة نحو أبعة آلاف جندي بريطاني إلى بلادهم إذا استمر الاستقرار في الجنوب العراقي على حاله. من جهة أخرى قال مسؤولون يعملون بوزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين إن الشركات الخاصة المتعاقدة مع الحكومة الأميركية للعمل في العراق ستفقد حصانتها من القانون العراقي بمقتضى الاتفاقية الأمنية الجديدة مع بغداد. وأضاف المسؤولون أن الولاياتالمتحدة ستسعى إلى تفاهم مع الحكومة العراقية من أجل السماح للمتعاقدين للأمن الشخصي باستخدام ما سموها قوة ملائمة للدفاع عن النفس. يذكر أن الاتفاقية الأمنية تنص على انسحاب الجنود الأميركيين من شوارع العراق بحلول منتصف العام القادم. كما تنص على انسحاب القوات الأميركية وقوامها نحو 150 ألف جندي من العراق بحلول نهاية عام 2011. وتلزم الاتفاقية الجانب الأميركي بضرورة الحصول على أمر من السلطات العراقية لاعتقال أحد وأن يخضع المتعاقدون الأميركيون وشركات الأمن الخاصة للقانون العراقي.