كشفت مصادر أردنية عن لقاء عقد في عمان قبل أيام بين مدير المخابرات الأردنية الجنرال محمد الذهبي، ووفد من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو اللقاء الرابع بين الطرفين خلال شهرين. وجاءت اللقاءات لتنفي ما نشرته صحف أردنية من مقالات اعتبرت أن العلاقة بين حماس والأردن وصلت إلى مرحلة (مكانك سر). واعتبر الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان أن اللقاءات الأردنية الأخيرة مع قيادات حماس (تم خلالها ترتيب أسس لتحالف تكتيكي بين الجانبين بعد أن تم فتح كافة الملفات العالقة بين الجانبين خلال السنوات الماضية). ولفت الخيطان إلى أن البحث بين الجانبين انتقل من القواعد الرئيسية للعلاقة بين الطرفين إلى البحث في التفاصيل خاصة ما يتعلق بترتيبات في الضفة الغربية تترافق مع مخاوف الأردن من أي حل مستقبلي للقضية الفلسطينية على حسابه بإقامة وطن بديل للفلسطينيين في الأردن. ويرى الخيطان أن الإفراج قبل أيام عن أردنيين كانوا يحاكمون بتهمة (التجسس لصالح حركة حماس) جاء في سياق التفاهم مع حماس على ترتيبات أمنية مستقبلية تتعلق بالأمن الداخلي للأردن. وكشف مصدر سياسي مطلع –فضل عدم ذكر اسمه- أن الأردن بات يرى أن القوتين الرئيسيتين في الأراضي الفلسطينية اليوم هما إسرائيل وحركة حماس، وأن مصلحته العليا تقتضي التفاهم مع هذين الطرفين. وينفي الخيطان أن يكون (التحالف التكتيكي) مع حركة حماس موجها ضد السلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح). وأضاف أن (الأردن متمسك إستراتيجيا بنهج السلام والتسوية ولكن مصالحه القائمة على رفض التوطين والوطن البديل اقتضت تعزيز التفاهم مع حركة حماس لكونها طرفا قويا لا يمكن تجاوزه فلسطينيا). وكان الأردن قد تلقى استفسارات من القيادة الفلسطينية عن الاتصالات مع حركة حماس، ووصفت مصادر أردنية تلك الاستفسارات التي نقلها كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إلى الأردن بأنها (تعبير عن انزعاج). ويؤكد الوزير والنائب السابق في البرلمان الدكتور عبد الرحيم ملحس أن اتصالات الأردن بحماس (تهدف بالأساس لوضع ترتيبات مستقبلية لأي حل للقضية الفلسطينية قد يكون على حساب الأردن). وأضاف (الأردن متخوف إلى حد كبير من الحل النهائي للقضية الفلسطينية خاصة مع وجود ترتيبات إسرائيلية على الأرض تجعل إقامة دولة فلسطينية أمرا مستحيلا وبالتالي فإن الحل سيكون على حساب الأردن). وبين السياسي الأردني أن (أميركا وإسرائيل متفقتان على حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن). وكان سياسيون أردنيون قد تحدثوا عن أن أحد أسباب استمرار الاتصالات بين الأردن وحماس يعود إلى رغبة أميركية في استمرار الهدوء على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية. لكن ملحس يرى أن أميركا (لم تغير إستراتيجيتها التي تقوم على اعتبار حركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان عدوًّا يجب سحقه)، وقال إن (واشنطن والأطراف العربية المعتدلة فقدت الثقة بالطرف الفلسطيني الآخر وهو حركة فتح التي بدأت في التلاشي نتيجة أزماتها الداخلية). وأوضح أن (الأردن ينظر لحماس رغم بعض أخطائها على أنها أكثر تماسكا وثباتا على مواقفها وأنها رقم لا يمكن تجاوزه ويمكن التفاهم معه على أي ترتيب مستقبلي للقضية الفلسطينية). ولم يتسن الاتصال بعضو المكتب السياسي لحركة حماس محمد نزال الذي قالت المصادر الأردنية إنه ترأس وفد الحركة في اللقاء مع الجانب الأردني.