أصبح تعاون دول منطقة الشرق الأوسط ضرورة ملحة في مجال المياه لاسيما وانا الاستهلاك يفوق الكميات المتاحة وتأمين الكميات الكافية من المياه لدول المنطقة سيكون هو مصدر السلام في الشرق الأوسط. ربما سيطرت الأزمة المالية على مجريات الأحداث في الأيام الأخيرة وتصدرت الكوارث الاقتصادية مانشتات الصحف في كل دول العالم تقريباً ولكن طرح هذه القضية أو التعامل معها اعلامياً بشكل مكثف لا يغفل مطلقاً مناقشة قضايا أخرى حيوية ، ففي الشرق الأوسط بدت هناك قناعة بين الفلسطينيين والاسرائيليين - كما هو الحال لدى العديد من الدول بأن المفاوضات الحالية والمقبلة هي السبيل الوحيد للوصول للحل النهائي والشامل. واذا كانت هذه المفاوضات رغم العقبات العديدة التي تحول دون اتمامها بسرعة رغم بدايتها منذ عامين فان الوصول لحلول عملية على الأرض يصطدم بمشكلة المياه التي تعتبر مشكلة أمن في المقام الأول. وفي كل دول الشرق الأوسط تعتبر المياه قضية أمن وشعوب هذه المنطقة أصبحت تدرك أن هناك حقيقتين مهمتين. الأولى: ان الدول التي تصارعت من أجل تأمين المياه وجدت ان السبيل الأمثل هو التعاون بدلاً من الحروب التي لا طائل من ورائها. الثانية: ان ندرة المياه لايمكن الأخذ بها بشكل مطلق لاسيما القوى بأنها سبب في الفقر لأن تقرير الأممالمتحدة عام 2006 ، أكد بأن كميات أكثر من اللازم في العالم للأغراض المحلية وللزراعة والصناعة وأن أسلوب الاستخدام هو المسؤول عن عدم كفاية المياه في بعض المناطق لأن العديد من الدول تستخدم كميات أكبر من التي في حوزتها وبالتالي تزداد المواقف سوء. بالنسبة لقضية الشرق الأوسط الرئيسية فان مشكلة المياه التي يعاني منها الفلسطينيون ليست متعلقة بمياه الشرب ولن تكون هناك أزمات عطش ولكن القيود الاقتصادية وعدم التوسع والرغبة في زيادة الدخل من الزراعة أصبحت تمثل هاجس لدى الفلسطيني لتأمين كميات مياه أكبر للعديد من المشروعات المستقبلية لتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين. من هنا تصبح المشاركة والتعاون في مصادر المياه أحد سبل الوصول لحلول عملية طويلة الأجل بين الاسرائيليين والفلسطينيين حيث لن تكون هناك اتفاقيات نهائية ما لم يتم وضع حدود وشروط للتعاون بين الشعبين في مجال المياه. والماء ربما يصبح العنصر الوحيد والمفتاح السحري لخلق مناخ النجاح الذي يساعد في التقدم السياسي في المفاوضات بين الشعبين وربما أيضاً في الكثير من دول العالم التي تعاني من نفس المشكلة. ومصدر الارتياح هنا هو أن الكميات التي تستخدم للشرب وخاصة الاغراض المنزلية الأخرى قليلة مقارنة بالمستخدم في الزراعة والصناعة والاغراض الأخرى ومن هنا فان حدوث مشاكل تمس حياة الانسان مستبعدة ولابد من الدول التي تسعى لاقتصاد جيد أن تعيد حساباتها في استيراد الأغذية لاسباب أمنية وأن تدرس التوازنات بين الزراعة والاستيراد وتحقيق ما يساعد على تحقيق الأمن، ولن يجد الشرق الأوسط حلولاً نهائية ما لم يتم حسم قضية التعاون والمشاركة في تأمين كميات المياه بين اسرائيل وفلسطين.