أظهرت الاحصائيات التي واكبت سباق الرئاسة الأمريكي حتى الآن عن تفوق واضح لوصول مرشح الحزب الديمقراطي باراك أوباما عن منافسه مرشح الحزب الجمهوري جون ماكين بنسبة 3 إلى 1 في حجم الحملة الدعائية الاعلانية التي جعلت منه الأقرب والأكثر تلمساً واحساساً بالمواطن الأمريكي وهي الحملات التي تم اذاعتها تلفزيونياً في كل أنحاء الولاياتالمتحدةالأمريكية لاسيما خلال الأسابيع الاخيرة. ففي الفترة من 30 سبتمبر وحتى 6 اكتوبر انفق اوباما 20 مليون دولار على الاعلانات التلفزيونية الدعائية لحملته الانتخابية في 17 ولاية شاملاً ذلك 3 ملايين دولار في بنسلفانيا وأكثر من مليوني دولار في كل من فلوريدا وميتشجان واوهايو في الوقت الذي انفق فيه منافسه الجمهوري ماكين 7.2 مليون دولار في 15 ولاية. وحتى عندما انفق المرشح الجمهوري في انديانا وميتشجان واوهايو وبنسلفانيا وفيرجينيا وويسكنسن كان حجم انفاقه لا يتعدى 5.3 مليون دولار وهذا يعني تفوق اوباما لنفس هذه المواقع بما يقرب 8 ملايين دولار في الاسبوع الأخير بوجه خاص والمبلغ الكبير الذي انفقه اوباما كان عاملاً مؤثراً في قوة الدفع الكبيرة التي ساهمت في اعتلائه للريادة لأنه تلمس وشعر بحاجة المواطن الأمريكي في شئونه الداخلية حيث ان شعاره (التغير) كان يرمي في المقام الأول الى تحسين كل أحوال معيشة المواطن الأمريكي بالداخل لاسيما النواحي الاقتصادية التي تفجرت مؤخراً. ولعل من أهم أسرار تألق وتفوق اوباما هو ذلك التصادف القريب بين رغبته القوية في الاصلاح الاقتصادي ووقوع الكارثة المالية في بنوك الرهن العقاري الأمريكي في نفس التوقيت الذي اقتنعت به شريحة كبرى من طلاب الجامعات الأمريكية بشخصيته ولباقته وسعة ثقافته وقدرته على الاقناع. وإذا اضيفت الحركة النسائية التي قادتها هيلاري كلينتون بعد انسحابها وتأييدها المطلق للمرشح الديمقراطي وزميلها الحزبي لأمكن وضع النقاط على الأحرف في الوقوف على الأسباب الحقيقية التي ساهمت في امتلاك اوباما لريادة السباق الانتخابي نحو البيت الابيض. واستندت استراتيجية اوباما كذلك على الانفاق في مواقع المنافسة غير التقليدية مثل انديانا وكارولينا الشمالية وكولورادو وفريجينيا وهي المواقع التي كان لتفوق اوباما فيها مثار نقد للمرشح الجمهوري اضافة لما سبق تعمد اوباما احراج ماكين واظهاره بالمرشح غير الملم بالقضايا المحلية الرئيسية بشكل خاص لاسيما أمام طلاب الجامعات الذين اصبحوا القوة الضاربة الجديدة التي لم تكن مستغلة طوال حملات الانتخابات السابقة.. لذلك كان اوباما من الذكاء بمكان لانه وصل لقاعدة طلابية ضخمة كان مقتنعاً تماماً بأهميتها في تغير دفة الانتخابات في نوفمبر القادم. فقد صرف اوباما 2.2 مليون دولار في ميتشجان مقابل 642 ألف لماكين وفي النيويز انفق اوباما 2.8 مليون للاعلانات التلفزيونية مقابل 623 ألف لماكين مما يظهر الفارق الواضح في الدعم المالي للحملات وصولاً للمواطن الأمريكي صاحب حق اختيار رئيسه. وبنفس القدر من الذكاء قاد اوباما الحملة في بنسلفانيا مما يعني احتمالاً ان اوباما وصل للحد الاقصى لانفاقه في 13 ولاية من اجمالي 15 ولاية في الوقت الذي تفوق فيه المرشح الديمقراطي بشدة. وفي كارولينا الشمالية أنفق اوباما 1.5 مليون دولار على الاعلانات التلفزيونية في الوقت الذي لم ينفق فيه ماكين سوى 137 ألف دولار وهو فارق شاسع للاستخدام الاقصى للمبالغ المرصودة للحملات الانتخابية التي اكدت وصول اوباما للسواد الأعظم بذكاء من الشعب الامريكي.