سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فكرة المليك لاجتماع الأديان من أجل انطلاقة لعالم جديد يسوده الأمن والاستقرار الفكرة تملك كل مقومات النجاح
الاجتماع سيكون له ما بعده في إنقاذ البشرية
فكرة خادم الحرمين بهذا الطرح هي الأولى من نوعها
الفكرة التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله لدى استقباله المشاركين في المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي في يوم الاثنين 16/3/1429ه، هذه الفكرة تبلور ما كان يدعو اليه خادم الحرمين قبل حوالي سنتين من الزمان من ضرورة حوار الاديان الابراهيمية الثلاثة الاسلام والمسيحية واليهودية، فهذه ديانات لها كتب سماوية وتعاليم الهية وقيم خالدة في القرآن والتوراة والانجيل، وكل أصحاب هذه الديانات يعبدون رباً واحداً، ويستمدون هداهم مما تحتويه الكتب المقدسة الثلاثة. فكلنا نشترك في قيم واحدة اذاً الاجتماع تحت سقف واحد لأتباع هذه الديانات سيكون له ما بعده في انقاذ البشرية من الضياع والعبث وما يعتريها من أفكار إلحادية أبعدت الأخلاق القويمة من ساحة البناء الاجتماعي وساهمت في تفكيك الأسر وبالتالي تفكك المجتمعات بكاملها. ولهذا كان خادم الحرمين الشريفين واضحاً في طرح فكرته أمام المشاركين في ذلك المنتدى عندما قال (اخواني .. أحب ان أخبركم بهذه الخطوة التي أتمنى لها التوفيق.. كنت أفكر منذ سنتين أن جميع البشرية في وقتنا الحاضر في أزمة. أزمة اخلت بموازين العقل والاخلاق والإنسانية، ولهذا فكرت وعرضت تفكيري على علمائنا هنا في المملكة العربية السعودية لأخذ الضوء الأخضر منهم، ولله الحمد وافقوا على ذلك والفكرة ان أطلب من جميع الأديان السماوية الاجتماع مع اخوانهم في ايمان واخلاص لكل الأديان لاننا نحن نتجه الى رب واحد). والفكرة بهذا الطرح هي الأولى من نوعها رغم أن فكرة الحوار بين الأديان فكرة قديمة ولكن أغلب المؤتمرات التي عقدت هي مثلاً مؤتمرات بين المسيحيين والمسلمين، وهذه الفكرة فكرة شاملة للديانات الابراهيمية. وثاني ما يميز المبادرة ان تستند على مرجعية فخادم الحرمين الشريفين استشار العلماء الأفاضل في هذه البلاد الطاهرة وجاء الضوء الأخضر للمضي قدماً، ولكن المليك المفدى ومن أجل نجاح هذه المبادرة سيأخذ برأي المسلمين جميعاً ليس من خلال مؤتمر واحد ولكن كما اشار حفظه الله الى مؤتمرات (لأخذ رأي اخواني المسلمين في جميع أنحاء العالم ونبدأ إن شاء الله نجتمع مع اخواننا في كل الأديان التي ذكرتها التوراة، والانجيل لنجتمع معهم ونتفق على شيء يكفل صيانة الإنسانية من العبث الذي يعبث بها من أبناء هذه الاديان بالأخلاق وبالأسر وبالصدق والوفاء للإنسانية). اذن هناك قيم مشتركة لأن الرب واحد وهناك قواسم تجمع بين الأديان الثلاثة لأن واقع الحياة أصبح بعيداً عن تلك القيم ودب الخلل في نهج الانسانية واعتدى على مبادىء الأديان الملحدون وعديمو الأخلاق مما أصبح الأمر معه يحتاج إلى صحوة. وقد استشعر خادم الحرمين الشريفين خطورة الأمر وضرورة معالجته منذ وقت مبكر ونبه الى ذلك من ذلك الوقت. بل وقد التقى أيده الله البابا بيندكت السادس عشر بابا الفاتيكان بمقر البابوية في روما في السادس والعشرين من شهر شوال العام الماضي 1428ه وناقش المليك المفدى مع البابا على مدى ساعة أهمية الحوار بين الأديان والحضارات لتعزيز التسامح الذي تحث عليه جميع الأديان ونبذ العنف وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار لكافة شعوب العالم. اللقاء بين الملك عبدالله والبابا شكّل أولى لبنات الحوار وفي ذلك اللقاء التاريخي أكد خادم الحرمين الشريفين أن الشعوب تجمع بينها قيم مشتركة وأن خير تعبير لهذه القيم المشتركة هو ما جاءت به الأديان وان في العودة الى هذه القيم مخرج لما تعاني منه الشعوب من ويلات الخلافات والصراعات، كما أن في التمسك بها تجسيداً للخير والطمأنينة والوفاق الاجتماعي للانسان فيما يخصه وفي محيط أسرته ومجتمعه وعلاقته مع الآخرين وفي هذا اللقاء ايضاً أكد الجانبان على أن العنف والإرهاب لا دين ولا وطن لهما وأن على جميع الدول والشعوب التكاتف في التصدي لهذه الظاهرة والقضاء عليها وفي هذا تبرئة للأديان وللإسلام خاصة من المحاولات التي كانت جارية لالصاق تهمة الإرهاب به، هذا مهم وهي محاولات اتضح فشلها فيما بعد، بعد أن أصبحت صورة الإسلام الحقيقية واضحة لكثير من أولئك الذين كانوا يجهلونها. هذا اللقاء وحده بين بابا الفاتيكان وشخصية إسلامية في قامة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يحظى بتقدير العالم الاسلامي أجمع شكل أولى اللبنات لما دعا إليه الملك الآن من حوار للأديان، ولا شيء يعيق هذا الحوار فعلى الصعيد الإسلامي فإن الدين الإسلامي الحنيف يدعو للحوار وجادلهم بالتي هي أحسن وليس للإسلام ما يخشاه من الحوار فهو الدين الخاتم والذي بشرت به كل الأديان السابقة وقد جاءت شريعة الإسلام حاوية لكل الفضائل في الأديان الأخرى، والإسلام دين احترم الأديان السابقة وذكرها ذكراً حسناً، اذن قواعد الحوار موجودة. وتبقى بعد ذلك التهيئة لهذه الانطلاقة من الجانب الإسلامي عبر المؤتمرات التي أشار اليها خادم الحرمين الشريفين، كما ان على المؤمنين بالأديان الإبراهيمية الثلاثة أن يتصدوا لتحمل مسؤوليتهم في انقاذ الانسانية من العبث الذي يتهددها والانحلال الذي أصابها ودعوات الالحاد التي بدأت تتسع من غير رقيب وقيم الأسر التي بدأت تتفكك، كل هذه المخاطر استشعرها خادم الحرمين الشريفين ووضع العلاج الناجع لها في التقاء الأديان السماوية الثلاثة، وهذا لا يعنى استثناء لأحد فمسيرة الحوار تضم الجميع ولكن البداية تكون في اجتماع الأديان المذكورة لما يربط بينها من قيم مشتركة ولأن المؤمنين بها يتجهون إلى رب واحد، وما تم بين البابا وخادم الحرمين يشكل نموذجاً للنجاح الذي سيطوق بإذن الله ما دعا اليه المليك المفدى، وهي دعوة كما سبق وأن أشرنا ليس وليدة تلك اللحظة ففي موسم حج العام الماضي دعا خادم الحرمين الشريفين الى ايجاد عالم يسوده السلام والتفاهم يمكن أن يكون قاسماً مشتركاً يعزز الأمن والأمان والسلم والسلام بين عموم الحضارات ويحقق العدل والحق. وحتى تكون هناك آلية لاثبات جدية ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين فقد سبق كذلك أن وافق المليك المفدى على انشاء مركز الدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية حيث إن هذا المركز يهدف الى ابراز عظمة الإسلام في معالجة القضايا المستجدة، والتعريف بالنظم الإسلامية، وبحقوق الإنسان في الإسلام والعناية بقضايا الشباب ومشكلاتهم، والاهتمام والعناية بقضايا المرأة وحقوقها في الإسلام، وبيان موقف الإسلام من الإرهاب ومن القضايا العالمية المعاصرة اضافة الى الاهتمام بقضايا العالم الإسلامي المستجدة والتأصيل الشرعي لثقافة الحوار والتعرف على الحضارات المعاصرة وترسيخ مفاهيم التواصل والحوار بين الحضارات الإسلامية وسائر الحضارات. ويشتمل المركز على ست وحدات تنظيمية ومن هذه الوحدات وحدة حوار الحضارات ومن أبرز مهامها اجراء الدراسات والبحوث المتخصصة في مجال حوار الحضارات وفي مجال بيان موقف الإسلام من الحوار بين الأديان والحضارات الإنسانية واقامة الدورات وورش العمل للتدريب على الحوار والفكرة التي أطلقها المليك المفدى باجتماع الأديان تؤكد عزمه حفظه الله على تطبيق ما ظل ينادي به خلال أكثر من عامين كما تؤكد عزمه كذلك على ترسيخ فكرة الحوار بين الأديان خصوصاً لما تحمله من قواسم مشتركة ولما يميزها من مرجعية واحدة رغم اختلاف التشريعات والقيم الإنسانية النبيلة قيم مشتركة في الأديان جميعاً لأن الأديان هدفها الرقي بالإنسان الى مراتب الكمال والحفاظ على الإنسانية بصفة عامة. فالأجدى اذاً هو الحوار وليس الصدام ولذلك جاءت دعوة المليك التي أصبح العالم يتطلع إليها الآن ولما يمكن أن تحدث من تقارب يصب في خدمة الإنسان ويساهم في ايجاد ذلك العالم الآمن المستقر الذي يحلم به الجميع.