يقول سبحانه وتعالى (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا) صدق الله العظيم. إذا كان مفهوم الصلاحية يعني استخدام السلطة المفوضة فإلى أي حد يستطيع المفوض ان يتعامل مع هذه السلطة. كثيراً ما نسمع هذه الأيام عن تدخل لجنة حقوق الإنسان في مناقشة بعض القضايا التي يحملها بعض الافراد ملفات فوق همومهم وينطلقوا بها الى اللجنة التي انتظرها الناس طويلاً، فالمجتمع بحاجة الى ان يجد من يسمع له وكثيراً هم من تعرضوا للظلم سابقاً ولم يجدوا من يساعدهم أو يأخذ بأيديهم ليحصلوا على حقوقهم او يجدوا حتى من يقول لهم أنتم مخطئون ومطالبكم ليس لها وجه حق يتعرض بعض الموظفين في جميع المؤسسات دون استثناء للظلم ان لم يكن من الرجل الأول بالمؤسسة فهو ممن هم أعلى من الموظفين سلطة ومؤسساتنا تضم الكثير الذين ما حلموا بتولي المناصب قط، فوصلوا اليها واصابتهم الدهشة وارتفع لديهم سقف الغرور حتى أن الشخص منهم يختال في كل شيء ويتناسى شيئاً فشيئاً انه كان في أحد الأيام يجاهد بكل ما أوتي من صبر وربما تعرض لظلم الاخرين له وهو يصعد درجات سلالم مستقبله، لكن هيهات هيهات لقد وصل الى ما لم يحلم به وهنا يمارس الدور وفقاً لنفسيته فإن كانت معذبة ومشوهة فأجر العاملين على الله وان كانت هادئة ومطمئنة فنهنىء الموظفين برئيس يضع مخافة الله أمام عينيه، ولأسباب في بعض الأحيان يضطر صاحب القرار ان يضع الرجل غير المناسب واضعاً في اعتباره انه بامكانه مراقبة سلوكه والحد من سلوكياته اذا اندفع في أمر، وكلنا يدرك ان النفس البشرية فطرت على حب الخير ونحن أمة قدوتها رسولها الذي تميز بفضائل القيم وكانت الامانة الصفة التي عرف بها حتى قبل بعثته كرسول لهذه الأمة. ولا ادري كيف تنمو الرغبة في الظلم والجور لدى البعض فيتعاملون مع من هم تحت طائلة مناصبهم بكل الجبروت الذي لا يرضاه الرحمن الرحيم على عباده، هذه المواقف التي نراها احياناً تجعل العاقل المدرك منا يفكر ألف مرة قبل ان يقبل عرضاً بتولي مركز قيادي يمارس من خلاله سلطات نفسه وسلطة الوظيفة التي كلف بها فوالله ثم والله ان النفس تجزع من دعاء المظلوم، فكيف يقبل الانسان على نفسه ظلم الآخرين، كلما صادفت حالة من حالات الظلم التي تمارس على بعض الموظفين أفكر في كيف يمكن ان نلزم المسئول بالأمانة في العمل، اذا كان من شروط الوظيفة الامانة والعدل والقدرة على التعامل مع بيئة المؤسسة، فما هو المعيار الذي نستطيع ان نقيس به هذا الشرط حتى نضمن حسن اختيارنا للشخص المكلف. ان الآية القرآنية الكريمة التي بدأت بها هذا المقال تحمل في مضامينها كل ما يمكن أن يوصف به الانسان من ظلم نفسه بتحمل الأمانة لكني أعتقد ان كل من كتب له ان يكون في موقع مسئولية يستطيع ان يتعامل مع عقله، العقل الذي أكرمنا الله به والذي ميزنا به عن سائر الكائنات الحية فليس هناك صعوبة في أن نتعامل بهذا العقل بالطريقة الصحيحة وندرك أبعاد ما كلفنا به وأنا على يقين ان لو كل مسئول وضع نفسه في موقع الموظف المسئول منه لتمنى أن يجد من يساعده ويأخذ بيده وليس هناك افضل ولا أوقع على النفس من كلمة جزاك الله خيراً وأنار الله لك طريق الدنيا والآخرة وفتح لك أبواب الرزق من حيث لا تحتسب من موظف استطعت ان تحقق غايته لا تجاوزاً للنظام بل ما يتماشى مع قوانين ولوائح المؤسسة. نسأل الله الرشد الدائم وأن لا يجعل مناصب الدنيا لنا خسارة في آخرتنا