لم تكن هتافات أبناء مكةالمكرمة خاصة وأبناء المملكة عامة وهم يستقبلون ضيوف الرحمن مع بدء توافدهم لاداء فريضتهم نابعة من لسان ناطق لكنها تنطلق من قلب عاشق واحساس بشوق لضيوف لا نراهم الا مرة في العام يصلون مجردين من ملابسهم مرتدين لباس الاحرام تاركين أوطانهم وأهلهم وأموالهم يبتغون رحمة الله وغفرانه. وقبل أن يصلوا فرادى وجماعات تكون استعدادت الدولة قد وضعت والامكانيات قد وفرت والطاقات البشرية قد جندت وكل مسؤول تحول من مركزه الوظيفي ومنصبه القيادي الى خادم لهؤلاء الضيوف يواصل الليل بالنهار لايبحث عن مجد يصنعه بقدر بحثه عن عمل يقدمه . وبالأمس الذي لم يكن ببعيد قرأنا وسمعنا وشاهدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله وهو يضع حجر الاساس لبدء توسعة المسجد النبوي الشريف لاستيعاب أكبر عدد ممكن من زوار مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم فالهدف تمثل في ايجاد موقع لكل زائر ليؤدي الصلاة داخل رحاب المسجد النبوي وهو مايؤكد على أن القيادة السعودية وان كانت ترى في خدمة ضيوف الرحمن كل عام هدفا تسعى لتحقيقه فانها تسعى في جانب آخر لتوفر للمعتمرين والزوار مواقع تمكنهم من أداء صلواتهم بالمسجد الحرام والمسجد النبوي. ومن على مشارف المشاعر المقدسة التي تهفو اليها القلوب نرى مشاريع نفذت وخدمات قدمت بشكل جديد في كل عام وهو مايشير الى أن من يأتون الى هذه البقاع وان كانوا ضيوفا للرحمن فان خدماتهم شرف عظيم وموقعهم في القلب أغلى من أي شيء. فرجال الأمن الذين تملأهم الحماسة والسعي للعمل يسهرون الليل لينعم الضيوف بالأمن ينتشرون بالطرقات ليفسحوا المجال أمام الحجيج هدفهم أن ينقلوا الصورة الحسنة عن المواطن السعودي الذي ورث خدمة ونال شرفا لم ينله غيرهم من بني البشر على كوكب الأرض. ولعل القيام بجولة ميدانية خلال الفترة الحالية لمنطقة المشاعر المقدسة توضح بداية قوية لموسم حج ناجح بإذن الله فلا مسؤول يقبع بمكتبه ولا موظف يمتضي سيارته وقد أعجبت بالخطوة التي أطلقها معالي وزير الحج الدكتور بندر الحجار حينما قال : ان جميع العاملين بالوزارة سيتحولون الى ميدايين وهو ما يعني أن البقاء داخل مكتب مكيف وأنيق لن يكون متواجدا في موسم حج هذا العام لادراك معاليه أن العمل في موسم الحج ميداني أكثر منه مكتبي وهي خطوة ليست ضمن متطلبات العصر لكنها نابعة من تقاليدنا الإسلامية التي تدعو الى حسن العمل لتسير عجلة العمل بشكل جيد. والمملكة التي تجدد ترحيبها كل عام بحجاج بيت الله الحرام فان ترحيبها بهم يأتي مقرونا قولاً وعملاً فالاعمال بارزة كل عام وشاهدة للعيان ومن أوجب واجباتنا كمواطنين أن نسعى بجد واجتهاد لنكون شمعة تضيء للحجيج دروبهم وأن نعمل لخدمتهم مقتدين في كل عمل يقدم بقيادتنا ونظرتها للحجيج كضيوف للرحمن تركوا المال والأهل والولد وحلوا راجين رحمة الله وغفرانه.