قال تعالى ( وجعلنا بينهم مودة ورحمة) |وقال صلى الله عليه وسلم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ..فانه ان احبها أكرمها وإن لم يحببها لم يهنها). |والآيات والأحاديث في استقرار الحياة الزوجية ونجاحها أكثر من أن تحصى ومن تنطبق عليه الآيات والأحاديث المذكورة قلبا وقالبا..حق لنا أن نصفه بالزوج المثالي لأنه ممن وفق في حياته الزوجية بالزواج الاسلامي السعيد. | كانت هذه مقدمة للحديث عن صورة من صور المجتمع الشاذة عن الطريق السوي في حياة بعض الأفراد ..تعيشها احدى الزوجات مع زوجها المخالف في تعامله مع ما يجب عليه نحو زوجته (عشرة وسلوكاً)اسمعوها أيها الأزواج ..وهي تكتبها بدموعها قبل مداد قلمها فلعل فيها من العبرة والاعتبار ما يدعو أمثال هذا الزوج للرجوع إلى جادة الحياة الزوجية المألوفة في حياة الأزواج الأسوياء (تزوجنا برغبة الطرفين وموافقة الأسرتين .. أنا معلمة وهو يعمل في وظيفة مدنية متوسط الدخل ..وكان من شروطي عليه (العمل /السكن المستقل/ النفقة/ وراتبي لي إلا ما جادت به نفسي مشاركة في مصاريف البيت ..استمرت حياتنا على هذه الحال وقد أكرمنا الله خلالها بثلاثة أطفال ..فزادت سعادتي وازدانت حياتي بهم.. بعدها لاحظت تغيراً في تعامله معي فتارة يطالبني بالاستقالة وتارة يهددني بالزواج وثالثة يطالبني بتسليمه صرافة الراتب ليتولى عملية مصروفات البيت بنفسه باعتباره صاحب القوامة على حد قوله: فقلت له: الوظيفة والراتب لي حسب نص عقد النكاح ..والطلاق والزواج لك.. وحياة الأطفال يحكمها بيني وبينك شرع الله؟ ورغم تدخل الأسرتين في حل المشكلة ورغم محاولتي في معرفة أسباب هذا التغير في سلوكه معي ولكن دون جدوى ..فأوكلت أمري لله هو حسبي ونعم الوكيل. | ازدادت معاملة زوجي لي سوءاً فتارة يتعسف وأخرى يشتم وثالثة يهم بضربي لأتفه الأسباب وفي يوم من الأيام وكأنه ينوي على تنفيذ مشروع معين قال لي: أعرض عليك ما يلي: أن تقومي بالنفقة وأجرة المنزل وأجور تنقلاتك وتنقلات الأطفال من وإلى مدارسهم وراتب العاملة وأجور استقدامها أو أستلم راتبك وأقوم بالمهمة أو أطلقك واخذ أطفالي أو تستقيلي من وظيفتك وذهب ولم ينتظر الاجابة، وعلمت بعد أسبوع أنه تزوج بثانية ولعلها السبب في تغيير مجرى حياته الزوجية.. فوجهني وانصحني ماذا أفعل أثابك الله. |أختى في الله أشكر لك حسن ظنك واختيارك لشخصي للاجابة بما اراه مفيداً حيال مشكلتك الزوجية مع أني لست أخصائيا نفسياً ولا قاضياً شرعياً أملك القدرة على حل المشكلة جذرياً..لكني أحد أفراد المجتمع أعيش أفراحه واتراحه وأتفاعل معها سلباً وايجاباً ..ولي في مجال تعليم المرأة خبرة تزيد على (25) عاماً وقفت على العديد من قضاياها وخاصة الزوجية وتعاملت مع الأزواج المثاليين وغير المثاليين وكان معظم تلك القضايا التي تنتهي بالطلاق أسبابها (الراتب). | أيتها الأخت في الله زواج زوجك بالثانية أحل له شرعاً فلا تكترثي بالأمر وقابليه بالصبر والاحتساب ..والطلاق في حالة انعدام وتعذر الحياة الزوجية والصلح بين الزوجين قد يجعل الله فيه خيراً لهماً وصبرك واحتسابك ودعاؤك لزوجك بأن يهديه الله ويعيده إلى رشده وصوابه أجدى وسيلة لاستمرار حياتك الزوجية وتربية اطفالك والاجتهاد في تعليمهم بدلاً من تشتتهم وضياعهم وربما قادم الأيام أحلى من حاضرها ..واذا اصر زوجك على تنفيذ مطالبه وتمادى على ايذائك فالفصل في ذلك يعود لشرع الله وحينها باستطاعتك توكيل محامٍ للمرافعة عنك. | سبحان الله ما يزال في مجتمعنا من يقف ضد المرأة والاستهانة بحقوقها ويعتبرها قاصرة وخاصة من بعض الأزواج مخالفين بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله .. وأنا خيركم لأهلي). | وأختم هذه الصورة الاجتماعية الكئيبة بحكاية اجتماعية أخرى مضيئة على النقيض من الصورة الأولى بطلها .. أحد افراد المجتمع ممن هم على قدر كبير من العلم والتفقه في الدين .. تزوج بثانية وعلم أنها مؤهلة للتعليم وتعول أسرة كبيرة من أم واخوان واخوات قصار وهي الراعية والمنفقة عليهم..صدر تعيينها في قرية نائية ..ليس معها من يرافقها سوى زوجها وهو مرتبط بوظيفة خدمية ويعول أسرته الأولى (شرحت له الأمر ..بأن الله قد من عليها بهذه الوظيفة وهي مفتاح سعادة الانفاق على أمها واخوانها المحتاجين ..فقال لها ما يكون الا خير: قدر هذا الزوج المثالي حال أسرة زوجته وإصرارها على القيام بإعالتهم ومعيشتهم فطلب من مرجعه ندبه لأحد فروع مصلحته بالجهة التي تعينت بها الزوجة وتعذر مرجعه ، فقال في نفسه ليس أمامي إلا الاقتداء بقول الشاعر: إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا فما حيلة المضطر إلا ركوبها | طلب اجازة استثنائية بدون مرتب وذهب مع زوجته لمباشرة وظيفتها الجديدة ..فأكبرت فيه هذه الروح الكريمة والانسانية الفذة والصنيع الجميل معها ومع أسرتها التي تستحق العطف والمساعدة ، وما هي إلا فترة وجيزة وتناقل أحدى زميلاتها بحيث تحل كل واحدة منها مكان الأخرى. | ألا يستحق هذا الزوج بأن نسمه (بالمثالي) على كرمه وخلقه وتضحيته ؟ انه يستحق الريادة في عالم الأزواج المثاليين خلقا ودينا وكرما ..وشتان ما بين الصورتين.