عاد أكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة هذا الأسبوع بعد أن امضوا إجازة مطولة قاربت ثلاثة أشهر متوالية كانت أكثر من كافية للاسترخاء والراحة والمتعة وشحن طاقات متنوعة لبدء عام جديد بنشاط متجدد وشوقا للاستزادة بالعلوم النافعة والأنشطة الهادفة. وإذا كانت أركان العملية التعليمية تقوم على المعلم والطالب والمنهج فان هناك ركنا أساسيا لا يمكن إغفاله وهو ( البيئة التعليمية) حيث تلعب دورا جوهريا فى تحقيق أهداف التعلم ، فالبيئة الفيزيقية من الهواء الكافى والضوء والمساحة الكافية للطالب والتي تتطلب طاقة استيعابية كافية في الفصل والمدرسة ، وهي أمور ضرورية جدا لمنح العقل التفكير النشط وعدم الخمول والكسل نتيجة لقلة الأكسجين أو انخفاض الضوء. كما توفر للمعلم فرصاً لتنويع أساليب التدريس والأنشطة التعليمية التى تحفز الطالب على المشاركة الفاعلة كما تثرى التعلم، لاستخدام المعلم الوسائل التعليمية والأجهزة والتقنيات الحديثة وكلها عناصر أساسية لا يمكن الاستغناء عنها. والحقيقة المرة التى يعانى منها المجتمع التربوى كل عام هى التأخر فى أعمال الصيانة وإعداد المدرس والفصول وعدم جاهزية الكثير منها لاستقبال الطلاب والطالبات لأنها لازالت تحت الترميم والإصلاحات وهذه معوقات تحول دون تحقق أهداف العملية التربوبةوالتعليمية. والمضحك والمبكى انه يتم إعداد استمارات فى إدارات التربية والتعليم كل عام لتقويم البيئة التعليمية والتأكد مما يسمى (ببداية جادة) وهي توفر كل مستلزمات العملية التعليمية ، وذلك في الأيام الأولى من العام الدراسي ، يجوب خلالها المشرفون والمشرفات المدارس ويقومون بعمل مسح و(كنس) لكل عناصر البيئة التعليمية ومدى توفرها وجاهزيتها. وكما هى العادة فان هناك عدم اكتمال لأعمال الصيانة مثل استبدال المكيفات أوإصلاحهاأو ترميم دورات المياه وعدم توفر بعض وسائل السلامة فى بعض الفصول أو عدم ترميم السلالم أو الممرات أو غيرها..... وتبقى المعلومات المدونة حبراً على ورق وربما لنهاية العام الدراسى لم تكتمل أعمال الصيانة بعد!!. كما أن اللجوء إلى الحلول المؤقتة مثل تحويل الدراسة إلى الفترة المسائية تظل صداعا مزمنا وحلاً غير عادل للطلاب والمعلمين وأولياءالأمور، فهى أزمنة وبيئات تعليمية غير ملائمة لظروف المجتمع ولنجاح العملية التربوية والتعليمية خاصة اذا كان بعض الأبناء يدرسون في الفترة الصباحية في مدارس ومراحل اخرى مما يضطر الآباء الى مواصلة رحلة الشقاء صباحاًومساءً. والحقيقة أن مشكلة الصيانة هى مشكلة عامة فى جميع مناطق المملكة مع أن المسئولين كثيرا ما يصدرون بيانات متعارضة مع الواقع بتوفير كافة متطلبات العملية التعليمية ومنها اكتمال أعمال الصيانة فى الوقت المحدد وكأنهم فى واد والواقع فى واد آخر. فعلى صفحات بعض الصحف المحلية والتى تتسم بالدقة والموثوقية والمصداقية فى الخبر شاهدنا وبالصور مدارس لا زالت تحت الصيانة وعدم اكتمال لاعمالها والتى ربما تستغرق عدة شهور !!. ولكن ليست ثلاثة أشهر- وهى إجازة الطلاب والطالبات- كافية ان تقوم الشركات المتعاقد معها بأعمال الصيانة وفق عقود مبرمة وملزمة لهذه الشركات بالانتهاء من الأعمال قبل بدء العام الدراسى ؟؟ أليس هناك لجان متابعة من الإدارات التعليمية ومن الوزارة للاطلاع على أعمال هذه الجهات ومدى وفائها لخطة التنفيذ والصيانة؟؟ أين الجهات الرقابية العامة للمشروعات المنفذة سواء كانت شركات أو مقاول ؟؟لماذا لا يكون هناك محاسبة للمقاولين المقصرين لكل يوم تأخر فى أعمال الصيانة ؟؟. والحقيقة لقد أحسنت إدارة التربية والتعليم بمكة المكرمة صنعا فى عدم إعطاء تراخيص لبعض المدارس الأهلية بمكة المكرمة لعدم جاهزية وتوفر وسائل ومقومات السلامة فى مبانيها المستأجرة بناءً على معايير الدفاع المدنى وحرصا من الإدارة على سلامة أبناءنا الطلاب وبناتنا الطالبات. فالأمن والسلامة فى مدارسنا أولا وقبل كل شىء وحتى فى مدارس التعليم العام حمايةً لفلذات أكبادنا التى تمشي على الأرض. إذن لابد من تخصيص جهات رقابية خاصة من وزارة التربية والتعليم على غرار الهيئات الرقابية على المشروعات البلدية وذلك لضمان متابعة المشروعات وأعمال الصيانة وعدم تعطل للعملية التربوية والتعليمية... وكل عام والصيانة والسلامة بخير لبداية جادة حقيقية.