يعد القطاع الخاص في المملكة من أهم القطاعات التي تشكل رافداً حيويا لسوق العمل وتفتح مجالات متعددة للمواطنين مما يشكل داعماً قوياً للقطاع الحكومي بالمساهمة في توفير الفرص الوظيفية في هذا القطاع الهام ، ولكن ثمة العديد من العقبات التي أدت الى عزوف أبناء الوطن عن الاقبال على وظائف القطاع الخاص، والنظر لها على انها وظائف مؤقتة يتم تركها فور الحصول على وظيفة حكومية، مما يتسبب في اضعاف الأعمال لدى العديد من أصحاب الشركات ومؤسسات القطاع الخاص. وربما من أهم العقبات التي تواجه الشباب في القطاع الخاص طول فترات العمل مقارنة بالاجور، والعشوائية في تحديد ساعات الدوام وترك المجال لأصحاب العمل كلاً حسب رغبته دون وضع نظام الزامي يطبق على الجميع. فقد بات تحديد ساعات العمل خاصة في قطاع محلات التجزئة أمراً ضرورياً لحفظ حقوق أطراف العلاقة، فمن شأن ذلك القضاء على العديد من السلبيات كعزوف الشباب وارتفاع أجور المحلات والتستر التجاري الذي بات يهدد أسواق العمل وغير ذلك من السلبيات المترتبة على عدم تحديد أوقات الدوام. ففي معظم أسواقنا التجارية - إن لم يكن جميعها - تظل أبواب المحلات مشرعة حتى ساعات متأخرة بعد منتصف الليل مع عدم الحاجة أو الضرورة لبقائها، مثل محلات الملابس أو الاقمشة او الاكسسوارات وخلافها ، مما يشكل عبئاً على العاملين في تلك المحال ويساهم في ارتفاع ايجاراتها ، ويمكن الاسترشاد في هذا المجال بالتجارب العالمية في تحديد ساعات العمل التي تحفظ حقوق العاملين، وتراعي ظروفهم الإنسانية دون أن تؤثر سلبا على حقوق أرباب العمل، ففي معظم دول العالم تغلق الاسواق التجارية أبوابها عند السابعة أو الثامنة مساء، عدا الأماكن الضرورية أو ذات العلاقة كالصيدليات أو البقالات وبعض المطاعم أو غير ذلك مما تثبت الحاجة لوجوده. ويجب على الجهات المسؤولة وذات العلاقة كوزارة التجارة ووزارة العمل والغرف التجارية ان تسارع في وضع أنظمة محددة تراعي الإنصاف والتوازن بين متطلبات أرباب العمل وحقوق الموظفين، فلو ترك الأمر لأرباب العمل لاستغلوا الموقف لصالحهم ولحملوا الموظفين فوق طاقتهم على أساس أنهم يبحثون عن زيادة الربح بأي طريقة كانت، ولو ترك الأمر للعاملين أنفسهم لتمنوا الحصول على أعلى الرواتب بأقل الساعات من العمل، ومن هنا فإنه من المهم أن تكون الجهات المعنية حازمة في هذا الأمر وأن تراعي مصالح جميع الأطراف . كما أن تحديد ساعات الدوام من شأنه أن يفتح مجالات عديدة امام الشباب السعودي في سوق العمل، وان يساهم في القضاء على جزء كبير من البطالة التي أصبحت تهدد المجتمع وأن يحد من تهرب الموظفين من العمل بهذا القطاع الحيوي الذي قاربت ايراداته السنوية 300 مليار ريال، إضافة الى ان عزوف الشباب السعودي أوجد فرصا كبيرة للعمالة الوافدة هيمنت من خلالها على أنشطة هذا القطاع ، حيث قدرت قيمة التحويلات الأجنبية للخارج بأكثر من 100 مليار ريال سنويا نتيجة تكتلات العمالة الوافدة واحتكارها لأنشطة المحلات والبقالات الصغيرة ومبيعات التجزئة بالأسواق مما شكل خسارة كبيرة للاقتصاد السعودي.