لن اتجنى على الواقع ان قلت ان أزمة السكن من أهم عوامل الفقر ..بل هي عامل اساسي إن لم تكن كل العوامل مجتمعة . وحين انشىء صندوق مكافحة الفقر كنت موقناً تماماً من أنه لن يحقق تطلعات القائمين عليه إلا إذا أخذت أزمة السكن بعين اعتبار خاصة وحيادية ومحدودة. فليس في مقدور صندوق مكافحة الفقر ولا غيره محاربة الفقر وايقاف زحفه على حياة المواطن ولن يكون لهذه الحروب اية نتائج ايجابية ملموسة ممكن مشاهدتها على واقع المواطن بدون جعل القضاء على مشكلة السكن حرباً استباقية وضرورية ولا مناص من اعلانها والبدء فيها حقيقة لا تمنيات وتصريحات ، فالمواطن الذي لم يكن يشكو الفقر وكان يعيش في مستوى مناسب وفي وضع حسن أو أحسن برزت له في أيامه الأخيرة مشكلة السكن وغلاء اسعار ايجارات الشقق وغلاء الاراضي وارتفاع تكاليف البناء فأصبح المواطنون في ثلاث مراتب مواطن يعاني الايجار مع قدرة متوسطة ومواطن يعاني غلاء الاراضي مع رغبة في الشراء ومواطن يعاني ارتفاع اسعار مواد البناء لتقضي على رغبته في امتلاك مسكن. إذاً أصبح الكل يعاني وانحدرت بهم مشكلة السكن إلى واد سحيق اسمه (الفقر) .فهل هناك من ينكر أن السكن يأخذ من الدخل ما نسبته 60% وأن هذه النسبة تعني التقتير القسري وقبض اليد وصرف النظر عن بعض الضروريات ناهيك عن اقتناء الكماليات إذاً فالواقع يقر ويعترف بان مشكلة السكن هي الأرضية الصلبة التي يقف عليها (السيد فقر) ..عليه الا يمكنني القول ان الراتب حتى وإن زيد وزيد وزيد فان السكن له بالمرصاد خلاف أحبتنا التجار وارتفاع اسعار المواد الغذائية والخدمات التي لابد منها .إذاً خذوا قول الشاعر الفاهم الذي يقول : متى يبلغ البنيان يوما تمامه اذا كنت تبني وغيرك يهدم فعلاً الفقر هدام ولكن أزمة السكن تهدم أكثر وأكثر. سؤال بسيط هل تعلمون كيف يجمع الغريب المال الذي يستطيع به أو استطاع به بناء عمارة في بلاده وشراء مزرعة أو استصلاح أرض بوار؟ ..هل تعلمون كيف جمع كل هذا المال وكيف استطاع تحويل كل هذه المليارات ..اذا كنتم لا تعلمون فسوف أجيبكم؟. لأنه ببساطة لا يعاني من مشكلة السكن فهم يتجمعون في غرفة واحدة وبالنوبة ..فهل يستطيع أحدنا مثل ذلك؟ بالتأكيد ان الاجابة ستكون بالنفي. إذاً حلوا أزمة السكن واجعلوا البداية من مزاد الرصيفة واعيدوا الأمور إلى نصابها.