يقول الناس إن حرارة هذا الصيف مؤثرة إلى حد ما ، وخاصة في الشرق من البلاد ناهيك عن تهامة حتى وإن كانت الرياح الموسمية المعروفة بالمطر على الشرق مما يلي البحر الأحمر من أفريقيا لها تأثيرها ..ولا ننسى في هذا الجانب شدة الرياح الحاملة للأتربة والغبار .ولعلني قد تحدثت فيما مضى عن السياحة في الداخل أو ما يهم الشرائح في هذه الأوقات ممن لم يكن لهم أرصدة تمكنهم من الترحال خارج المنطقة لهذا قلت وأقول: إن الواجب قبل الشروع في مسألة الاصطياف ان نذكر القائمين والمشتغلين والذين يبحثون عن العائد ذكرا ومحصولاً بشيء لا تقوم السياحة بمفهومها الحضاري إلا على وجوده والاطمئنان إلى تهيئته : الا وهو الجذب وحرية اختيار المكان والتنقل ، وان تكون الأجواء هادئة كلية ليس فيها ما يعكر طلاقة الهدف أو سلامة الاكتشاف ..فبدلاً من اطلاق الأوامر والتحذيرات التي لا تبقي ولا تذر وكأن المصطاف ذاهب إلى مزرعة مملوكة ومسيجة بالحراس الغلاظ والوعاظ الذين يتشممون الروائح ويربضون بعرباتهم على قوارع الطرق والمنعطفات هذا من ناحية أما الناحية الأخرى فهي ان البعض يظن ان السائح والمصطاف جاء ليستمع وما عليه إلا الاستماع والإملاء وهذا دور الأندية الأدبية أو ما في ضمنها التي ملت من البيان كذلك من يبحث عن التشخيص ممن ينشطون بقوارع النصائح ويلوثون بمكبراتهم وبصبصتهم هدوء المرافق ، قولوا كذا وصيروا كذا ..ولولا ذا ما حصل ذلك ..وهاتي يا أمسيات وهاتي يا خطب ..وحتى لا يضيع الصيف لبن التسلط والانتفاخ البدائي تمر الأيام بطيئة مملة ما يكاد المصطاف يحط رحاله حتى يفاجأ بالملل بعد مرور أيام اللهم إلا من أفرغ الله عليه صبراً بانزوائه في القصي من الأمكنة ..وحتى الملاحق المعنية بالاصطياف في الصحف هي الأخرى لم تسلم من الأوامر ورفع لهجة التحذيرات- لا تفعلوا ولا تقربوا - يا أيها الأحبة المعنيون: السياح ليسوا جهالاً ولا جاءوا ليتزودوا علما مفروضا أو فقها مشروطا أو كلاما عاميا يصفصفه الحواة أو من على شاكلتهم من المنتفعين والمهيئين للهجيج الأمي ولا جاءوا ليبعثروا أو يخربوا أو يجربوا السفاهة فيما أقيم بالعقل ..هؤلاء لم يتركوا ديارهم وبيوتهم ليستلمهم إنشائي لسانه مربوط بحبال القرون الغابرة ..تأكدوا يا إخوان من الهدف النبيل للسياحة ومراعاة مشاعر البشر فكل ما تحسه في نفسك وترتضيه هناك من هم مثلك، فاجعلوا الانصباب على تفعيل عوامل الجذب وتداركوا بالرفق ما ضاع بالغلظة. هؤلاء السياح جاءوا بحكم القرب والبحث عن الأنس وملامسة الطبيعة البكر على عفويتها وإذا كان هناك تصنع فليكن على القدر المحبب لكن ليس على طريقة ترضى أو لا ترضى. هؤلاء الناس هربوا من ضغوط الحياة المعاصرة والحر ونكد الروتين اليومي أو قهرية السبل الملتوية لعلهم يجدون ما يغسل الاذهان ويجدد الحيوية ويبعث في الأنفس أمل العيش النضر ليعودوا وهم أجد نشاطاً وأملاً واستيعاباً لما يقابلهم ونحب نحن أن يودعونا وهم في شوق وتلهف على ماتركوه .وإذا كان ولابد من التنبيه أو ما في ضمنه من التعليمات فليكن ذلك بدلاً من المباشرة كتابة يافطات أو لوحات على طرق الأحراش والغابات أو حول الحدائق والمرافق العامة للترشيد والانتباه وهذا في حد ذاته كاف. قال أخو قحطان: يارخاء الجنوب من أي جرفٍ داكن مسحر البكارات محضِ كيف حال السراة خضرا تهمي وتهادي البدور في كل فيضِ كيف حال البذور كيف الصبايا والمواويل بين غض وغضِ وارتعاش الشفاه ما بين صاح سكري الثمار أو بين مغض يارخاء الجنوب بعدي ذهول والزمان المشت يشكو ويقضي