طالب المتحدثون في الجلسة الثالثة من جلسات متخذي القرار في المؤتمر العلمي الأول لكلية الاقتصاد والإدارة (الاقتصاد الوطني: التحديات والطموحات) الذي تنظمه جامعة الملك عبدالعزيز برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –يحفظه الله- والتي عقدت صباح أمس في مركز الملك فيصل للمؤتمرات بالجامعة، بضرورة تحول الاقتصاد السعودي من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي ، والتقليل من صادرات المواد الخام التي تمثل 80% من الصادرات السعودية إلى صادرات مصنعة، وشددوا على سرعة إنجاز مشاريع الإسكان في جميع مناطق المملكة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –يحفظه الله- موضحين أن هذه المشاريع سوف تزيد من دخل المواطن السعودي ما بين 30% إلى 35% ، وأكدوا على ضرورة التحول من ميزانية البنود والإنفاق إلى ميزانية البرامج والأداء. وقد تحدث في هذه الجلسة كل من الدكتور أحمد بن حبيب صلاح وكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط للشؤون الاقتصادية ، والدكتور ناصر بن إبراهيم القعود نائب الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ، والدكتور محمد بن عطية الحارثي عميد معهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الاستشارية ، والدكتور رجا بن مناحي المرزوقي المستشار الاقتصادي بصندوق النقد الدولي. وفي بداية الجلسة حدد الدكتور أحمد بن حبيب صلاح التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ، وأوضح في هذا الصدد أن الأزمة المالية العالمية تمثل واحدة من التحديات العالمية المهمة إضافة إلى التكتلات الإقليمية والعالمية والسياسات الحمائية ، وانحسار أهمية الموارد الأولية وزيادة حدة التنافسية، والحاجة الملحة للعلوم والتقنية في تحقيق القيم المضافة. فيما أشار إلى التحديات الإقليمية وقال إنها تتمثل في الانتقال من التعاون إلى الاتحاد على مستوى التعاون الخليجي، ومتطلبات المرحلة الحالية في العديد من الدول العربية بعد أحداث ما يسمى بالربيع العربي حيث أن بعض هذه الدول في أوضاع اقتصادية صعبة وأخرى في حاجة إلى مساعدات عاجلة. بينما أوجز التحديات المحلية فيما يلي: صادرات المواد الخام تمثل عماد الصادرات السعودية حيث تبلغ نسبتها 80% من إجمالي صادرات المملكة.ما يقلل من تحقيق القيمة المضافة لهذا الاقتصاد. الاقتصاد السعودي هو اقتصاد ريعي يعتمد على عوائد النفط والمطلوب هو الخروج من هذه الدائرة والتحول إلى الاقتصاد الإنتاجي المتنوع. المحافظة على زيادة معدلات النمو وتحسين نوعية الحياة للمواطنين. تنويع القاعدة الاقتصادية من خلال مدخلات جديدة في الناتج الإجمالي الوطني. تطوير الموارد البشرية الوطنية وتوظيفها التوظيف الأمثل. تحسين مستوى الإنتاجية للموارد (العمل ، رأس المال). وحول الحلول المقترحة للنهوض بالاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة وتجاوز هذه التحديات قال الدكتور بن حبيب إن هناك حلولاً عاجلة لا بد من تطبيقها وتبنيها على وجه السرعة وهي تتمثل في الآتي: إنجاز مشاريع الإسكان التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –يحفظه الله- ، حيث أن تملك الوحدات السكنية يزيد من دخل المواطن السعودي ما بين 30% إلى 35% وهذه النسبة تمثل قيمة إيجار الوحدات السكنية إصلاح اختلالات سوق العمل وتحسين إنتاجية العمالة والوطنية. معالجة التستر والاقتصاد الخفي خاصة في قطاع تجارة التجزئة. إنشاء صندوق للاستقرار المالي. التعجيل بإنشاء هيئة لدعم الصادرات ، ودعم المصرفية الإسلامية. إنشاء هيئة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة. التحول من ميزانية البنود والإنفاق إلى ميزانية البرامج والأداء. واختتم الدكتور بن حبيب قوله إن مشكلة الاقتصاد السعودي ليست في الإنفاق أو الطموح أو التوجيهات أو الخطط بل في (التنفيذ – التنفيذ – التنفيذ). من جانبه ، تحدث الدكتور ناصر بن إبراهيم القعود نائب الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي حول التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وكيفية تجاوز هذه التحديات والتعامل معها ، وأوضح في هذا الصدد أن التكتلات الإقليمية والسياسات الحمائية والتحول من التعاون إلى الإتحاد هي من أهم التحديات التي تواجه دول الخليج ، وفيما يتعلق بما يجب تنفيذه لتجاوز هذه التحديات قال لا بد من الدخول في مفاوضات إستراتيجية جادة وسريعة مع التكتلات التجارية الكبرى في العالم وكذلك مع القوى الاقتصادية الناشئة لإبرام إتفاقيات تجارة حرة تخفف من تأثير السياسات الحمائية الدولية ، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذه المفاوضات بدأت بالفعل مع عدد من الدول من بينها سنغافورة ، الهند ، باكستان ، واليابان ، ودول أمريكا الجنوبية ، وغيرها من الدول الأخرى. وتطرق الدكتور القعود إلى الدور التي اضطلعت به دول مجلس التعاون الخليجي في مساعدة الدول النامية والفقيرة خلال العقود الأربعة الأخيرة، موضحا في هذا الصدد أن إجمالي المساعدات التي قدمتها دول الخليج خلال الفترة (1970 – 2009م) بلغت 137 مليار دولار تحملت المملكة 70% من هذه المساعدات. فيما تحدث الدكتور رجا بن مناحي المرزوقي المستشار الاقتصادي بصندوق النقد الدولي عن أهمية الاقتصاد الإسلامي ودعا إلى اهتمام المملكة به كسلعة لها عائد اقتصادي مهم خاصة أن المملكة هي قلب العالم الإسلامي وتحتضن قبلته معللا أهمية الاقتصاد الإسلامي بأنها تكمن في الأسباب الآتية: زيادة الطلب العالمي على الاقتصاد الإسلامي. زيادة التمويل الإسلامي على المستوى العالمي حيث تبلغ نسبته من 15% إلى 20% سنوياً. السياسات النقدية المالية أكثر فعالية في الدول الإسلامية. مشيرا إلى أن عدد المسلمين في العالم يبلغ 1.6 مليار مسلم وهذه العدد سوف يصل إلى 2.5 مليار مسلم خلال العقدين المقبلين ومن ثم سوف تصل نسبة المسلمين في العالم إلى 30% وشدد على أن التمويل الإسلامي أصبح مطلبا لغير المسلمين في العالم خاصة بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008م حيث أعادت دول العالم النظر في النظيرات الاقتصادية التقليدية وقررت تقليل الدين مقابل زيادة المشاركة وهذا هو الاقتصاد الإسلامي. وطالب د. المرزوقي بضرورة دراسة سلوكيات الأفراد وتأثير المعتقدات الدينية عليهم حتى يمكن التوسع في الاقتصاد الإسلامي ، وإيجاد دراسات ومن ثم سياسات مالية ونقدية لا تتعارض مع المعتقدات الإسلامية ، ووضع أنظمة وقوانين تحقق الرفاهية للمواطن في ظل مقاصد الشريعة الإسلامية. فيما تناول الدكتور محمد بن عطية الحارثي عميد معهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الاستشارية أهمية التخطيط الحديث القائمة على المعلوماتية في بناء اقتصاديات المعرفة ، واستعرض في كلمته أمام الجلسة تطور الاقتصاد السعودي خلال الأعوام المائة الماضية وتتبع بالرصد والتحليل مواطن القوة في الاقتصاد السعودي وشدد على ضرورة تطبيق الحوكمة والشفافية في بناء هذا الاقتصاد.