أكد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المساعد لشؤون المساجد الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل الشيخ أهمية تفعيل منبر الجمعة وضرورة العمل على تطوير أداء الخطباء؛ ليحقق هذا المنبر الشرعي أثره في الناس من خلال ترسيخ المنهج الإسلامي الحق الوسطي المعتدل، وتحصين المجتمع من الشبهات والأفكار المنحرفة، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والبصيرة وبالحكمة والموعظة الحسنة. وقال الشيخ عبدالمحسن آل الشيخ - في تصريح له بمناسبة تنظيم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممثلة بفرعها بمنطقة مكةالمكرمة اليوم السبت ورشة عمل بعنوان: (المسجد وخطبة الجمعة - «المسؤولية والمشاركة في بناء الإنسان») : إن من عنوان هذه الورشة تظهر الغايات المرامة من عقدها خصوصا في هذه المرحلة، فخطب الجمعة تربو على نصف مليون خطبة في السنة في جميع مناطق المملكة ومن المفترض أن يوازي اُثرها وتأثيرها ما لها من مكانة شرعية وما ينتظره الناس منها من توجيه للخير، ونشر للفضيلة وغرس للفأل في النفوس، وجمع للكلمة وتقوية للصف واللحمة الوطنية، وأن تكون أيضا صمام أمان للمجتمع في تقوية مناعته وتحصينه في مواجهة الفتن والأفكار الشاذة، مشيداً بمبادرة سمو أمير منطقة مكةالمكرمة - وفقه الله لكل خير - المتميزة، لتنظيم هذه الورشة خدمة للشريعة الإسلامية وهو أمر قامت عليه هذه البلاد المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهم الله -، حيث سخرت جميع إمكاناتها لخدمة الدعوة الإسلامية، ورعاية بيوت الله تعالى، حفظ الله لبلادنا أمنها وإيمانها وقادتها. وقال: إنه مما ينبغي أن لا يغيب عن خلد الخطباء أن المنبر مسؤولية شرعية ونظامية يجب أن يرعاها الخطباء حق رعايتها، وأنه أمانة عظيمة أنعم الله عليهم بها وائتمنهم عليها ولاة الأمر فلابد أن يشعروا بعظم هذا التكليف ويضاعفوا الجهد للوصول بخطبة الجمعة إلى مكانتها اللائقة بها كمنبر مؤثر في التوعية والتوجيه . ومن ذلك اهتمامهم بحسن اختيار موضوع الخطبة الذي يحتاجه المصلون في كل جامع حيث تختلف طبيعة الناس المخاطبين من مكان إلى آخر فلا يليق بالخطيب أن يخرج بالخطبة عن مقاصدها الشرعية وما يحتاجه الناس منها في إصلاح دينهم ودنياهم إلى اهتماماته الخاصة ورؤاه الشخصية، بل ينبغي أن يحرص الخطيب على اختيار الموضوع المناسب لحاجة مستمعيه الدينية والدنيوية؛ ليؤثر فيهم ايجابيا؛ ليكونوا أكثر التزاما بالشخصية المسلمة الوسطية المعتدلة وأكثر فاعلية في بناء مجتمعهم وفي مبادرتهم إلى الخير والمعروف، وأبعد عن الشذوذ إفراطا أو تفريطا، كما أنه ينبغي على الخطباء الاهتمام بالخطبة من حيث حسن الإعداد لها، وجمع مادتها من المصادر الموثوقة، وأن يحرصوا على جودة صياغتها وإلقائها، وأن يداوم الخطيب على تطوير نفسه بشكل مستمر ، وأن يسعى إلى اكتساب المهارات اللازمة لمثله ، وأن لا تكون الخطبة بالنسبة له مجرد عمل روتيني لا حياة فيه ومن ثم لا أثر لها. واستطرد قائلاً: ولئن كانت المسؤولية عظيمة على جميع الخطباء بشكل عام فلا شك أن خطباء البلد الحرام تتضاعف عليهم المسؤولية أكثر من غيرهم نظراً لخصوصية المكان الذي يعملون فيه ، حيث يرتاده جميع المسلمين من أطراف الأرض على مختلف اجناسهم ولغاتهم وثقافاتهم ومذاهبهم للحج والعمرة والزيارة مما يتطلب وعياً من الخطب بطبيعة الخطاب المناسب لمثلهم ، ليكون هذا الخطاب متسما بالعلم الراسخ والأفق الواسع والنظر البعيد ليعود هؤلاء الحجاج والمعتمرون والزوار إلى بلدانهم بمفاهيم صحيحة ، وانطباعات ايجابية عن هذه البلاد وأهلها ، مؤكداً أن منبر الجمعة يتميز عن غيره من المنابر الاخرى التي تشترك معه في مخاطبة الناس بخصوصيته الشرعية ، وكونه منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرتبط به المسلمون ارتباطا تعبديا لكون صلاة الجمعة وخطبتيها من شعائر الاسلام الظاهرة التي أمر الشاعر بتعظيمها حيث شرع حسن الاستعداد لحضورها والتبكير اليها والانصات لاستماع خطبتها إلى غير ذلك من الأحكام المختصة بصلاة الجمعة والتي فصل فيها العلماء في كتب الفقه والأحكام. ونبه وكيل الوزارة المساعد لشؤون المساجد إلى أن الوقت الراهن يشهد تطوراً نوعياً غير مسبوق في وسائل الاعلام والاتصال والمعلومات نتج عنه انفتاح كبير غير معهود اسهم هذا الانفتاح في انتشار كثير من المعلومات والأفكار ، بل والشبهات التي أدت إلى اختلال في المنهج والرؤية عند بعض الناس ، وبرزت ظواهر فكرية غريبة على مجتمعنا الاسلامي جنح بعضها نحو الغلو والتشدد بصوره المتعددة وجنح بعضها الآخر إلى التفريط والتحلل بل والانسلاخ من ثوابت عقائد الإسلام وأحكامه وأخلاقه.