فجَّر الأستاذ الدكتور محمد حماسة رفاعي الأستاذ في جامعة القاهرة جدلاً حول القاعدة النحوية المسماة ب”الضرورات الشعرية”، إذ شنَّ هجومه على النحويين لأنهم وضعوا القواعد النحوية من الشعر وقيَّدوا الشعراء فيها وحكموا على تجاوزاتهم الشعرية من خلالها رغم أنهم أخذوا اللغة عن الأقدمين سماعاً، متجاوزاً ما سُمّي بالضرورات الشعرية واعتبرها أصولاً لغوية. جاء ذلك في المحاضرة التي نظمتها كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية في قاعة الملك سعود بالجامعة بعنوان: “الضرائر الشعرية وأثرها على النحو العربي” مؤخراً برعاية معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا ضمن برنامج الجامعة الثقافي.وأوضح الدكتور رفاعي أن اهتمام النحاة كان من أجل تعليم اللغة والهدف لديهم كان القاعدة المطّردة وليس الشذوذ النحوي، معتبراً أن كل ما جاء له نظير في القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو النثر العربي أو ما جاء على لغة قبيلة من قبائل العرب أو اختلف فيه النحاة فلا يدخل في باب الضرائر الشعرية. وبيّن أن الشعراء الجاهليين كان شعرهم بلغة قريش لأنها اللغة الأكثر انتشاراً، وقد تغذت من جميع اللهجات، وما يحصل من تجاوزات نحوية في الشعر كانت في أشياء قليلة جداً، لكن الشاعر الذي يجنح للتجاوز النحوي إنما كان يقصده ويريده ولا يريد غيره لمعنى يبتغيه وصورة شعرية يكوِّنها تحمل دلالات مختلفة وجديدة. واستشهد رفاعي بكلام ابن جني بأن الضرورات ليست دليل ضعف وإنما دليل قوة كالفارس الذي يمتطي الفرس من غير لجام، منطلقاً من رأي جمهور النحويين بأن الضرورة هي ما جاء في الشعر سواء كان بمندوحة أو بغيرها، والشاعر إنما يدَّخر الضرورات لوقت الحاجة. وأعلن رفاعي عدم اعترافه بقصيدة النثر وعدم اتفاقه مع الشاعر أدونيس الذي قال بتكسير اللغة من أجل الشعر. وقد أثار رأي المحاضِر حول الضرورات الشعرية مداخلات أثرت الموضوع وتساءلت عن الكثير من القضايا اللغوية، إذ تساءل الدكتور ناجي عبدالجليل عن إمكانية إعادة تدوين النحو من غير هذه الضرائر، وعن انضباطية عِلم النص وفرض قواعد الشعر على النثر. كما تساءل الدكتور محمد هادي مباركي عن أن لغة الشعر الوجدانية التصويرية لا تخضع للقواعد الشعرية. وطرح الأستاذ علي سعيد العواجي قضية ازدواجية اللغة وثنائيتها.