ان من فضل الله على ضيوف بيته الحرام ان سخر لهم من يتولى رعايتهم ويخدمهم خلال فترة تواجدهم في هذه البلاد المقدسة، كذلك يسهل لهم القيادة بأداء نسكهم واكمال اركان دينهم على الوجه المطلوب، واكبر دليل على ذلك هو توفيق الله عز وجل لقائد هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين للقيام على خدمة حجاج بيت الله القادمين من خارج المملكة ومن داخلها. فالجهود الجبارة التي تبذلها الحكومة السعودية تجاه حجاج بيت الله لا يمكن حصرها وتقدير قيمتها لا من قريب او من بعيد، فقد تطورت خدمات الحجيج خلال العهد السعودي حتى وصلت الى مستوى رفيع ومتقدم جداً فلم يعد الحجاج يعانون تلك المعاناة التي كان يواجهونها من قبل، حيث نفذت توسعة الحرمين الشريفين وطورت المشاعر المقدسة لرفع الطاقة الاستيعابية لها، وشيدت الطرق السريعة بين المدن المقدسة مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وقامت ببناء الأبراج السكنية للحجاج في مشعر منى، ووسعت ساحات الحرم المكي الشريف، وانشأت قطار المشاعر لتسهيل تنقل حجاج بيت الله بين المشاعر المقدسة والذي عمل هذا العام 1432ه بكامل طاقته الاستيعابية ليسهل حركتهم وهو يعد احد الانجازات الكبيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والذي سيرفع المعاناة عن المسلمين في سفرهم بين مدن الحج. ولم تقتصر خدمات حكومة خادم الحرمين الشريفين على هذا الجانب بل امتدت لتشمل خدمات الرعاية الصحية للحجاج من بداية دخولهم عبر المنافذ البرية والجوية والبحرية الى مدن الحج والمشاعر المقدسة، وسخرت جميع الامكانات المادية والبشرية والتقنية والآلية لخدمات الحجاج الصحية، كذلك مجال امن الحجيج وراحتهم على مدار الساعة، اما الخدمات المقدمة من مؤسسات ارباب الطوائف فقد تطورت الى مستوى رفيع جداً، فأصبحت خدمة الحجاج من خلال مؤسسات الطوافة تمثل صورة مشرفة في هذا العهد بدءا من استقبالهم من خلال مكتب الوكلاء الموحد بجدة والمؤسسة الاهلية للادلاء بالمدينة المنورة ومؤسسات الطوافة الست (الدول العربية، الدول الافريقية غير العربية، دول جنوب آسيا، دول جنوب شرق آسيا، ايران، تركيا وأوروبا الشمالية) في مكةالمكرمة التي ترعى الحجيج في اسكانهم وتنقلاتهم واداء نسكهم بالمشاعر المقدسة حتى عودتهم الى بلادهم، كذلك مكتب الزمازمة الموحد. وشهادة لله ان سمو امير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل ومن خلال ترؤسه المباشر على خدمات الحجاج استطاع حفظه الله ان يرفع من مستوى هذه الخدمات المقدمة للحجاج وكذلك مستوى اداء العاملين والقائمين على خدمتهم من خلال اعداد وتنفيذ الخطط الخدمية والتنظيمية والوقائية التي كان نتاجها نجاح منقطع النظير لموسم حج هذا العام 1432ه فالمشاهد والمتابع لمواسم الحج الماضية يعلم جيدا ان هنالك فرقا كبيرا لوحظ هذا العام في جميع النواحي الخدمية التي قدمت للحجيج حيث ادت جميع الجهات المعنية بالحج واجبها نحو ضيوف الرحمن وسخرت كافة امكاناتها لخدمتهم، فكان ان ادى الحجاج نسكهم بكل يسر وسهولة وامن رغم كثافةعددهم البالغ هذا العام ما يقارب ثلاثة ملايين حاج تم تسيير مواكبهم وجموعهم الغفيرة وفق خطط (أمنية، وخدمية، وتنظيمية، ووقائية) متكاملة الاعداد والتنفيذ منذ دخولهم لهذه البلاد المباركة وحتى اتمامهم كافة مناسك حجهم. ولعل مما ساعد على ذلك ان تم بفضل الله استكمال العديد من المشاريع المتعلقةة بالحج كمشروع سقيا زمزم، والتشغيل الكامل لقطار المشاعر، واتمام المرحلة الأخيرة من مشروع الجمرات الحديثة، وغير ذلك من الخدمات التي تم انجازها ولله الحمد والمنة. وقبل ان اختم كلماتي اود ان أعرج الى جهد متميز من مؤسسة متميزة قدمت ولا زالت تقدم خدماتها لحجاج بيت الله الحرام وهي المؤسسة الفتية مؤسسة مطوفي حجاج دول جنوب آسيا التي تعتبر ضمن منظومة عمل حج متميزة هذا العام وأحد الأركان الاساسية لهذه المنظومة الحيوية المهمة، فمن خلال هذه المؤسسة قدمت الخدمات لما يقارب نصف مليون حاج من اجمالي عدد الحجيج الذين قدموا لأداء فريضة الحج لهذا العام من دول جنوب آسيا. ان هذه المؤسسة تعمل على تقديم افضل الخدمات لضيوف الرحمن من خلال الاستعدادات التي وفرتها وتوفرها، وهي تسعى جاهدة الى تحقيق تطلعات ولاة امر هذه البلاد الطاهرة الذين اكرمهم الله العلي القدير بشرف خدمة الحرمين الشريفين وضيوفهم من حجاج وزوار، وامام كل هذه الجهود الموفقة التي تبذل من قبل رئيس وأعضاء مجلس ادارة المؤسسة هذه المؤسسة وجميع العاملين فيها في سبيل توفير الرعاية الكاملة لضيوف الرحمن ليؤدوا مناسكهم في امان واطمئنان، واننا وقد انتهى موسم حج هذا العام بنجاح كبير وتمكن الحجاج من اداء نسكهم بكل يسر وطمأنينة لنشكر المولى العلي القدير على منه وفضله مباركين في هذا الصدد جهود جميع القطاعات المشاركة في خدمة حجاج بيت الله الحرام التي كانت كما عهدناها عند مستوى المسؤولية والتطلعات وبذل كافة الجهود مما كان له أكبر الاثر فيما تحقق من نجاح عظيم لموسم حج هذا العام، متمنياً للجميع السداد والتوفيق في جميع أعمالهم داعياً المولى عز وجل ان يكون لهم سعي مشكور، وعمل صالح مقبول. كما يشرفني ان اهنىء حكومتنا الرشيدة على ما تحقق من نجاح لكافة الخطط والجهود المبذولة لانجاح موسم حج هذا العام وعلى مستوى رفيع من الجودة والاداء مما مكن جموع الحجيج من اداء هذا الركن العظيم بكل يسر وسهولة وامن واطمئنان وجعلهم ينعمون بما وفرته الحكومة الرشيدة من امكانات وتسهيلات شهدت وتشهد مزيدا من التطوير والاداء المتميز عاما بعد عام.. رغم كثافة اعداد الحجاج لهذا العام 1432ه وزيادتهم عن حجاج العام الماضي 1431ه. والله اسأل ان يديم هذه النعم وان يحفظ مليكنا جزاء ما بذله من جهود مخلصة وولي عهده الأمين ويرحم من لا عاد عليه حج هذا العام وشهد ما تحقق من انجازات عظيمة صبت كلها في مصلحة ضيوف بيت الله الحرام اولا وأخيراً وكل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول العام الهجري الجديد جعله الله عام خير وبركة على الجميع.