وهذا عبدالله بن المبارك الذي كان يحج كل عامين مرة، في عام من أعوام حجه في سفره إلى الحج وجد في مغارة امرأة تلتقط هرة وتذبحها للأكل، فذكرها بالآية الكريمة (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّه) سورة البقرة آية 173، فأجابته بباقي الآية (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) فلما علم بأنها مضطرة لتطعم أولادها الجياع الذين عضهم الجوع بنابه وشارفوا على الهلاك ولم يجدوا سوى الميتة أعطاها ما كان معه من مال وطعام إلا ما يكفيه للرجوع إلى بلده ولم يحج تلك السنة، فلما رجع الناس من الحج جاءوا يهنئونه بالحج فقال لهم إنه لم يتيسر له هذه السنة فقالوا له كيف هذا وقد اجتمعنا بك ورأيناك في عرفات وعند الكعبة وفي منى والمسعى ..... فقال أهل العلم هذا ملك أرسل بصورته فحج عنه. فانظروا رحمكم الله الى من قدم الاولى فالأولى وقدم امر الضرورات على المستحبات. وفي هذه الأيام من كل عام التي يوشك أن يكتمل فيها عقد قوافل ضيوف الرحمن في البقاع المقدسة، فإن الترحيب بهم لا بد أن يكون بدء الكتابة وغايتها. واستهلالا لهؤلاء ضيوف الرحمن, ونحن من شرفنا الله بخدمتهم والسهر على راحتهم حيث نلتقي كل عام مع هذه الجموع المؤمنة التي جاءت تلبي نداء الخالق لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام. لقد شرف الله عز وجل هذه البلاد بأقدس البقاع واطهرها مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وخص الله شعبها من بين سائر الأمم بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزائرين، انه شرف لا يضاهيه شرف، ومكانة ومنزلة عظيمة لا تضاهيها منزلة، دولة راشدة ورجال مخلصون خصهم الله سبحانه وتعالى بحمل لواء خدمة هذا الدين واعلاء كلمته، وخدمة ضيوفه الذين يفدون من كل فج عميق. إن حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني (حفظهم الله), التي أنجزت الكثير من المشروعات العملاقة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة, من أجل راحة وخدمة ضيوف الرحمن, هي اليوم كما هي دائما في كامل استعدادها للعمل على إنجاز موسم حج هذا العام ليتواصل مع النجاحات السابقة التي شهدتها الأعوام الماضية، فلخدمة ضيوف الرحمن أولويتها في أجندة أعمال الحكومة ومنظومة أهدافها. وعلينا جميعاً ان نبذل كل جهد ونقدم كل عون لخدمة الحاج، وتمكينه من اداء فريضته في يسر وسهولة، وعلينا جميعاً ان نبذل كل جهد، ونقدم كل عون لخدمة الحاج وتمكينه من اداء فريضته في يسر وسهولة، فلقد حرص سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه على تسخير كل امكانات وطاقات ابنائه لخدمة ضيوف الرحمن، وهو لا يقبل منا في هذا المجال سوى اقصى مستويات الجهد والبذل والعطاء، ومثله سيدي ولي العهد الامير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله الذي اعتدنا منه في كل موسم المتابعة الدقيقة لكل شؤون الحجاج اطمئناناً عليهم وحرصا على راحتهم وسلامتهم، وكذلك سيدي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الامير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله الذي يؤكد في كل لقاء أن خدمة الحجاج مسؤولية نعتز بها، وكان لتوجيهاته لي ولمنسوبي وزارة الحج ورؤساء مؤسسات ارباب الطوائف من مطوفين وأدلاء وزمازمة ووكلاء اثناء التشرف بزيارته، اثرها البارز والمعزز والكبير، واستعيد هنا ما قال سموه الكريم (قد يظن البعض ان المملكة تستفيد من القادمين للحج والعمرة والزيارة، والواقع يختلف عن هذا، فنحن نقدم خدمات لهؤلاء بدون مقابل، الا ما يقدم في الخدمات الفعلية في السكن او في الاعاشة او في التنقلات)، وانا اعيد نشر كلماته لانها تمثل حقيقة ينبغي ان يعرفها الجميع، مؤكداً في الوقت ذاته ان خدمة الحجاج شرف وواجب ومسؤولية نعتز ونفخر بها حمدا وشكراً للخالق بأن جعلنا جيرة بيته وخصنا بخدمة ضيوفه الكرام. ولا يفوتني في هذا المقام أن أشيد بالجهود المخلصة والعطاء الكبير الذي يبذله أمير منطقة مكةالمكرمة، رئيس لجنة الحج المركزية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وحرصه على التنسيق بين منظومة قطاعات العمل في الحج للوصول إلى أفضل النتائج وأعظم الإنجازات. وقبل أن أختتم مقالي أهيب بحجاج بيت الله الحرام التقيد بالأنظمة والتعليمات والبرامج التي أعدتها وزارة الحج، المبلغة إلى مختلف البعثات، مكرراً الترحيب بهم وداعيا الله أن يتم فضله عليهم بالحج المبرور والعودة المظفرة إلى أهلهم وديارهم بعد أداء الفريضة وهم ينعمون بأعظم المشاعر وأغلى الذكريات. والله من وراء القصد.