عرفت الكعبة المشرفة كأول بيت وضع للناس في مكةالمكرمة منذ أن بناها سيدنا إبراهيم الخليل وابنه اسماعيل عليهما السلام فوضعت قواعد البيت العتيق على شكل المكعب المتشح بالكسوة الشريفة على مر العصور الإسلامية. وقد عرفت الكعبة عهوداً متعددة من الأعمار والترميم إلى أن كان عهد الملك فهد بن عبدالعزيز طيب الله ثراه ، حيث أولى عناية فائقة بإعمار البيت العتيق فاستخدم في اعادة ترميمها أحدث الأساليب وأمتن الوسائل حتى يبقى البيت شامخاً متماسك البنيان. تمت الدراسة الاستشكافية لجدران الكعبة من الداخل والخارج واختيرت عينات عشوائية من احجارها ومكوناتها الداخلية وتبين وجود الكثير من حشرات الأرضه التي اتخذت من الكعبة مسكناً منذ ذلك التاريخ الذي مزقت فيه صحيفة قريش المدونة لقطيعة آل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبني هاشم فأتت عليها الأرضة بكاملها ولم تبق منها غير لفظ الجلالة. وقد غزت الكعبة الحشرات الدقيقة والفطريات وساعدتها الرطوبة على التكاثر والنمو فأكلت ونخرت واستشرت تحت القشرة الأرضية. بدأ العمل في الترميم الشامل للكعبة المشرفة في شهر محرم 1417ه وتم بناء ستار خشبي أبيض احاط بالكعبة بحيث لا يظهر إلا ما يحتاجه الطائفون من استلام الحجر الأسود ..ثم بدأ تنفيذ الترميم بتنحيت لواصق جدران البيت العتيق من لوحات تاريخية وحفظت مقتنيات الكعبة من الهدايا والتحف وجميع المنقولات بعد تنظيفها وصيانتها وأخذت أعمدة الكعبة الأولوية في الصيانة بسبب التكوين الخشبي فهو الأكثر تعرضاً للتلف لنشاط دودة الخشب والرطوبة ثم أزيل سقف الكعبة بالكامل وتمت ازالة اللياسة الكاسية لجميع الأوجه الداخلية لحوائط الكعبة ثم حفرت المواد الماسكة للقطع الحجرية، وكان العمل في ترميم الكعبة يجري وفق خطة بحيث لا يؤثر العمل في جزء من الحوائط على غيره ولا يتأثر الجزء العلوي بمجريات العمل في الجزء السفلي ولا ينتقل من جزء إلى غيره إلا بعد استكمال الجزء الأول وكان تنفيذ العمل على ثلاث مراحل متباينة. الصفوف العلوية وهي الصفوف العلوية الأربعة للحجارة حيث نخرت المواد الماسكة في الفواصل بين الصخور الرئيسية مع ابقاء الجزء الخارجي من الحجارة فاخرجت حجارة الحشوة والحجارة البطانية ورقمت ونظفت وهيئت للاعادة إلى مكانها ثم كسيت الفواصل بين الحجارة بمواد ماسكة ذات قدرة عالية على الالتصاق بالصخر ثم وضعت حجارة الحشوة والواجهة الباطنية في مواضعها وحقنت الفراغات من الحشوة بمواد اسمنتية ذات مواصفات خاصة في شدة التماسك وعدم التقلص وغرست بينها قطع معدنية خاصة بشكل يربط بين أحجار الواجهة الخارجية واحجار البطانة الداخلية مكعبة. البطانة الداخلية شملت المرحلة الثانية ترميم كامل باقي البطانة الداخلية لجدار الكعبة المشرفة بعد الصفوف العلوية الأربعة حيث قسمت الحوائط إلى شرائح عمودية ووضعت خطوط متوازنة من أعلى إلى أسفل بشكل متعرج تمشياً مع تداخل الحجارة وتم العمل في الشريحة الأولى من القوائم بفك احجارها الداخلية مع الابقاء على الواجهة الخارجية وترقيم كل حجر بحسب موضعه ودعمت الجوانب بدعائم خشبية بصورة أفقية حيث لا يحدث انزلاق من صخور الشريحة ثم عولجت الشرائح بهدوء ثم تم تنظيف الفواصل للواجهة الخارجية وكذلك نظفت الحجارة بالمياه النقية وجففت بآلات النفخ ، وحُشيت الفواصل بمادة ذات قدرة عالية التماسك عن طريق الحقن الآلي ووضعت مادة لاصقة ثم حشيت فواصل الواجهة الخارجية بالخلطة ذات القوة العالية ثم غرست في الخلطة وبين الفواصل الخارجية قضبان معدنية لتقوية تلاحم وتماسك اجزاء الجدران الداخلية والخارجية وهكذا استمر العمل ليشمل الواجهة الباطنية. أرضية الكعبة حفرت أرضية الكعبة في منسوبها الحالي إلى عمق منسوب المطاف لما يزيد عن المترين عمقاً وبعد الاستكشاف والتعرف على مكونات القاعدة الأرضية من خلال حفرة استكشافية حفرت بجانب الركن الشامي لأرض الكعبة حيث تم الوقوف على حالة الأرضية فتبين ان حالها أفضل من الجدران والسقف فوضعت الاحتياطات المستقبلية لأرضية الكعبة. وتم الترميم لأرضية الكعبة بنفس الأسلوب المتبع في ترميم الحوائط وبنفس طريقة التقسيم للشرائح الرأسية وكأن العملية امتداد متطابق لما تم من عمل في الحوائط العلوية. وتوضح المعلومات التاريخية المتوفرة أن أساس الكعبة المشرفة منذ عهد سيدنا ابراهيم عليه السلام يتكون من الأحجار الصخرية المتداخلة تداخلاً متيناً ولم يتم المساس بهذا الأساس وقواعده خلال المرات العديدة التي تم هدم وإعادة بناء الكعبة المشرفة خلالها وقد أكد هذه المعلومات التاريخية ما تم مشاهدته بالفعل في موقع الكعبة حين ظهرت الأحجار القديمة المتداخلة المستقرة دون أي مونة رابطة والتي يماثل شكلها أعناق الإبل كما روى عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما كشفه لأساس الكعبة وأشهد عليه خمسين رجلاً من فضلاء الرجال. والاحمال الحالية على قواعد البيت تماثل الاحمال التي كانت قائمة منذ آلاف السنين وبالتالي تم التأكيد من عدم تأثيرها على قواعد البيت التي وضعها سيدنا إبراهيم الخليل.