ثمن عدد من الأئمة والدعاة بالعاصمة الرياض دعوة خادم الحرمين الشريفين لانعقاد مؤتمر مكة للحوار الإسلامي العالمي، وأكدوا أن الدعوة الكريمة ليلتقي عقلاء العالم في المؤتمر لمناقشة القضايا الداعية لحفظ كرامة الإنسان، وحفظ الأمن الفكري والاخلاقي، دليل على الاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين تجاه قضايا وهموم الأمة. وقالوا في تصريحات ل(الندوة) إن الحوار يدعو إلى التسامح وامتلاك زمام المبادرة في الحلول الناجعة للأزمات الإنسانية، كونه منهجاً اسلامياً حضارياً يقوم على روح الالتقاء والتآخي بين البشرية جمعاء والوفاء بالعهود والمواثيق الدولية. في البداية قال الدكتور أحمد عبدالله الحسيني استاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إن التفاهم على مسائل الخلاف يقود إلى التعايش بين الناس والقضاء على الصراع عبر تقريب وجهات النظر ووضع النقاط على الحروف. ولفت إلى أن الإسلام يؤكد على احترام الرأي الآخر والتجادل بالتي هي احسن، مشيراً إلى أن الأمة الإسلامية تمتلك رصيداً حضارياً يجعلها في مضمار الريادة والسبق في الحوار حول الموضوعات الإنسانية والتعاون بين بني البشر لاحقاق الحق وارساء دعائم الأخوة والتعايش السلمي. وأضاف: الحوار يعني التسامح في التعددية والتنوع واحترام حرية الرأي، لأن الدين الإسلامي يمتاز بخصائص امتلاك زمام المبادرة في الحلول الناجعة للأزمات الإنسانية، وكذلك فإن الحوار منهج اسلامي طبقه النبي صلى الله عليه وسلم عملاً بقول الحق عز وجل}وجادلهم بالتي هي أحسن|. في حواراته مع مشركي مكة ويهود المدينة ونصارى نجران. شواهد حاضرة وأشار د.الحسيني إلى أن العصر الحديث شهد حوارات عديدة اهمها مناظرة الشيخ خليل بن رحمة الله الهندي مع القس الانجليزي فنذر، ومناظرة الشيخ احمد ديدات مع القس الامريكي جيمس سويجارت، لافتاً أن الحوار المنضبط بمبادئ وأدبيات الإسلام وضوابطه الشرعية والأخلاقية يعني التسامح في التعددية والمذهبية بين الأديان المختلفة. ويتعين أن يستند المسلمون في اطر الحوار على مبدأين اساسيين: عدم الإكراه في الدين، والوفاء بالعهود والمواثيق المبرمة بين الطرفين. واختتم بقوله: إن الحوار سبيل للتفاهم بين كل من يخالف الآخر، حتى لو كانوا من اتباع الدين الواحد. ملتقى العقلاء أما الدكتور عيسى بن ناصر الدريبي الاستاذ المشارك بجامعة الملك سعود فيقول إن الحوار مبدأ أصيل دعا إليه القرآن لما فيه مصلحة البشرية }قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم| ودعوة خادم الحرمين الشريفين هي استجابة لهذا المبدأ خاصة وأننا نعيش اليوم أزمة على كافة المستويات والصعد الدولية وفي ظل ما أطلق من أعداء البشرية والإنسانية فيما يسمى بصدام الحضارات كان ولابد للعقلاء في العالم أن يتصدوا لهذه الدعوة التي تؤذن بهلاك البشرية وتدمير حضاراتها، ومن هذا المنطلق جاءت هذه الدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين ليلتقي عقلاء العالم لمناقشة القضايا التي تتفق فيها الديانات السماوية في حفظ كرامة الإنسان، وحقوقه وحفظ أمنه الفكري والأخلاقي، وللارتقاء على كلمة سواء، كما جاء في الآية الكريمة. فالحوار وسيلة للتعايش السلمي على هذه الأرض وللمحافظة على عيش الإنسان الكريم، كما كرمه الله }ولقد كرمنا بني آدم|. لقد شاع في هذا العصر استخدام كلمة (الحوار) على مختلف الصعد، فنحن نسمع اليوم كثيراً حديثاً عن حوار الحضارات، والحوار الداخلي، والحوار الإسلامي المسيحي، وحوار الحركات الإسلامية، وحوار الثقافات بتياراتها المختلفة. فأصبح الحوار اليوم أحد الظواهر المهمة على المستوى الداخلي والدولي والأممي والثقافي، وساعدت وسائل الإعلام المتعددة وثورة الاتصالات في التواصل بين الشرق والغرب والشعوب والأمم والجماعات والطوائف والتوجيهات المتعددة في تفعيل هذه الظاهرة. وأردف الدريبي: الشواهد والمعالم الدالة على ذلك كثيرة مثل البرامج الحوارية في القنوات الفضائية، والشبكات العنكبوتية، والمؤتمرات والاجتماعات والملتقيات الدولية التي تعقد في كثير من بلدان العالم على المستوى الداخلي في البلد الواحد أو على المستوى الدولي في مؤتمرات دولية. والحوار وسيلة لها دورها في الدفاع عن مصالح الأمة العليا، وله مكانته وأثره في شرح قضاياها، وتبليغ رسالتها وإظهار حقيقتها، وإسماع صوتها للعالم، للتأثير فيه. ونحن المسلمين جزء مهم في العالم اليوم تتوجه إلينا كثير من دعوات الحوار في كافة المستويات والصعد وهو وسيلة مهمة لإبلاغ رسالتنا وإسماع صوتنا للعالم بالرحمة الموجودة في ديننا رحبه للخير والسلام للعالم. وفي قرآننا كثير من آيات الحوار التي حكاها الله في كتابه، عن انبيائه وأقوامهم أو عن أهل الآخرة أهل الجنة والنار، أو عن الآباء والأبناء، أو عن أصحاب الديانات اليهود والنصارى. وقال: الحوارات فيها قواعد ومنطلقات أساسية وعوامل نجاح وضبط لسلوك المتحاورين. وحوارات الأنبياء عليهم السلام من أبرز هذه الحوارات التي ظهرت فيها هذه المعالم والآداب والمقومات. نحن بحاجة لإظهار المظاهر الحضارية في سلوكنا في الحوار من خلال إبراز ملامح هذه المظاهر والضوابط والمقومات التي جاءت في حوارات الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم. الحوار موضوع طويل يحتاج إلى دراسة مستفيضة تقصر عنه هذه الوريقات لكني أردت أن أشير إلى هذه الدراسة وأهميتها بهذه الإشارات السريعة من خلال وقوفي مع آيات الحوار النبوي واستنباط دلالات هذه الحوارات في آداب الحوار، ومنهجه، ومقوماته. داعية للسلام وقال اللواء محمد بن فيصل أبو ساق عضو مجلس الشورى إن الدعوة الكريمة التي وجهها خادم الحرمين تعكس الرؤية التي تنطلق من الفكر العربي والإسلامي لهذه البلاد ولقادتها في سعيهم الدائم نحو عالم أكثر استقراراً وأكثر سلاماً وأكثر تآخياً، وكلنا نعلم بأن الملك عبدالله بن عبدالعزيز من أبرز دعاة السلام والاستقرار في العالم وهذه الدعوة نحو الحوار هي أحد مكونات رؤيته الحكيمة، وقد عرف بأنه مبادر للحوار مع الآخر وداعياً للسلام وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يهيئ لهذه الدعوة من خادم الحرمين الشريفين لتلقى قبولا كبيرا في المجتمع الدولي وهذه الدعوة تعكس رغبة المملكة العربية السعوديةالصادقة في التقارب بين شعوب الأرض من منطلقات واقعية ومن رؤى صائبة تتم عبر الحوار المباشر وعبر الصدق في التعامل لمنع المزيد من استنزاف مقدرات المجمع الدولي عبر الأزمات والخلافات الكثيرة، ودعوة خادم الحرمين الشريفين تؤكد للعالم بأننا شعبٌ محبًٌ للسلام ومشارك في تحقيق السلام بهذه الوسائل الإنسانية المتمثلة في هذه الدعوة الصادقة من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله . وعلق الدكتور عبدالرحمن الجريوي رئيس مركز الوعظ بكلية الملك عبدالعزيز الحربية بقلمه سعدت عندما نمى إلى علمي خبر تنظيم رابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والرابطة تنطلق في تنظيم هذا المؤتمر العالمي للحوار من حرصها الأكيد على تعاون المفكرين والعلماء المسلمين وممثلي الأقليات المسلمة والجمعيات والمنظمات والمراكز الإسلامية في جميع أنحاء العالم، في إطار برامجها المتعلقة بالحوار مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات الإنسانية، لتحقيق التفاهم بين شعوب العالم. والأمة المسلمة بما تملك من تجربة حضارية رائدة قادرة على التعايش مع المدنية المعاصرة، وحراسة تطورها بأخلاقيات الإسلام وشرائعه، تماماً كما قال الحق سبحانه وتعالى}قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم| (المائدة: 15-16). والحوار بالنسبة للأمة المسلمة امتثال لأمر إلهي:}ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن|(النحل:125). فبالحوار يمكن تعريف العالم بالإسلام وحضارته، ومن المسلم به أن الحوار أصيل في ثقافتنا، وتطبيقاته في القرآن والسنة أكثر من أن تحصى، فالقرآن أوضح أصوله ومبادئه ومعالمه، بل ومحظوراته، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم كان المثل الأعلى في ترجمة هذا النهج وتحقيقه، والدعوة اليوم إليه ليست ضرباً من الابتداع، بل استجابة لأمر قرآني واقتفاءً لهدي نبوي. وزاد: إن فقه المرحلة يتطلب وقفة جادة تدرس تجربة الماضي في الحوار، وتستشرف آفاق المستقبل، وترسم ملامحه بنقلة جذرية تقف فيها الأمة المسلمة على سابق تجاربها، فتستلهم العبر والدروس منها، ثم تتقدم للمبادرة إلى طلب الحوار مع الآخرين ضمن شروطها وضوابطها، ومن هنا تأتي أهمية اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بموضوع الحوار ودعوته إليه. ولاشك أن هذه الدعوة تأكيد للتفهم والتعايش بين البشر، ولاشك أيضاً أن انعقاد مؤتمر الحوار في مكة له دلالات خاصة. وقال الشيخ محمد الجساس إمام مسجد عبدالقادر بحي الشفاء بالرياض: إن أهمية الحوار تتجلى في رحمة الإسلام بالبشرية والنداء بنبذ التدافع والصراع، والانعتاق من الشرور والآثام، لذا كان لزاماً علينا محاورة الآخرين ودعوتهم إلى السلم بالحكمة والموعظة الحسنة. وأضاف: الإسلام أمرنا ألا نبخس الناس أشياءهم، وحث على التعامل الحسن، لقد ضرب المسلمون الأوائل أروع الأمثال في هذا الجانب، وكذا التجار المسلمون في تعاملهم مع الآخرين خلال الرحلات التي جابوا خلالها أرجاء العالم. فالإسلام دين رحمة وشفقة ومعاملة حسنة ولكن المشكلة تكمن في ان المسلمين قد ابتعدوا عن تعاليمه وتنحوا عن محاسنه وصاروا يظهرون صورة سيئة للإسلام والمسلمين وهم بذلك اصبحوا فتنة لمن يريد الدخول في الإسلام. ونحن نبارك لجهود خادم الحرمين الشريفين من خلال إقامة الندوات واللقاءات التي تدعو إلى الحوار بين الأديان ونقل الصورة الصحيحة عن الإسلام سائلين المولى أن يجعل ماقدمه في ميزان حسناته.