لم أكن يوما من المتابعين للانتخابات الرئاسية أو البرلمانية غير أن الانتخابات البرلمانية التركية جذبتني نحوها لكونها تركية وتربطني بالإخوة الأتراك علاقة اتصال وتواصل فضلا عن أن من خاضها كمنافس قوي شخصية أحبها الشعب التركي وجذبت أنظار الشعوب قبل الساسة في العالم. وخلال الفترة السابقة للانتخابات كانت استطلاعات الرأي تشير إلى فوز حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بولاية ثالثة ليكون أول حزب في تاريخ تركيا يفوز بأغلبية تتيح له تشكيل الحكومة بمفرده للمرة الثالثة على التوالي. وأكدت ذلك استطلاعات الرأي التي نشرت قبيل الانتخابات وأشارت إلى فوز حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان بنسبة 48.7 في المائة من الأصوات أي أعلى من نسبة ال 46.6 في المائة التي سجلها في انتخابات عام 2007 م وفقا لما أوضحته «مؤسسة جينار» لاستطلاعات الرأي ونشرت نتائجه جريدة “ صباح “ ولعل من أسباب ارتفاع نتائج استطلاعات الرأي ادراك الكثير من الأتراك أن اردوغان وان كان ذا شخصية سياسية قوية استطاعت جذب أنظار شعوب وساسة العالم نحو تركيا فانه عمل على أحدث نقلة للاقتصاد التركي باحتلالها للمركز السابع عشر في العالم، بنسبة نمو تقارب ما تسجله الصين، وتبلغ حوالى 8,9 بالمائة في 2010 م كما استطاع الحد من دور الجيش واقتصار دوره داخل ثكناته بعدما كان صاحب دور قوي في الساحة السياسية وهاتان الخطوتان أراحتا كثيرا الشارع التركي. فالاقتصاد الضعيف وتدخل الجيش في السياسة والانقلابات العسكرية التي عاشتها تركيا خلال الفترة الماضية أدت إلى تأخرها عقودا كثيرة وأبعدت تركيا عن العالم كما يقول الأتراك. وقد أكدت القناة الثانية الألمانية في تقرير لها عن الانتخابات التركية أن “رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي يصفه كثير من شرائح المجتمع التركي بسلطان البوسفور قد احتل مكان الصدارة في السياسة الخارجية، وبات من أكثر السياسيين شعبية في العالم الإسلامي”. وأضافت أنه منذ وصول أردوغان إلى السلطة في 2002، تمتعت تركيا، بشكل غير مسبوق، بالاستقرار والنمو الاقتصادي، وإنهاء عقود من الائتلافات الحكومية التي سادتها الفوضى والانقلابات العسكرية إلا أنه فشل في تخفيف التوتر مع الأكراد، أكبر الأقليات العرقية في البلاد. وان شكل الانضمام للاتحاد الأوروبي الرغبة الأهم للكثير من الأتراك فلم يكن ببعيد عن اردوغان إذ عمد إلى تخصيص وزارة أطلق عليها وزارة الاتحاد الأوروبي ليؤكد للشارع التركي رغبته في الانضمام رغم معارضة كل من فرنسا وألمانيا اللتين لا تريدان منح تركيا العضوية الكاملة. والمتابع لكلمة أردوغان بعد نتائج الانتخابات يلحظ أنها جاءت محملة ببناء تركيا مؤكدا أن الانتخابات انتهت وبدأ البناء فقال :” نحن منتشون للفوز بصوت من بين كل صوتين.... اليوم هو يوم نصر لتركيا والحرية والديمقراطية.” وتعهد أردوغان بأن تعمل حكومته لصالح جميع الأتراك من كافة الأطياف السياسية والعرقية والطائفية، مضيفاً: “”للأمة التركية.. سواء أدليتم بأصواتكم لحزب العدالة والتنمية أم لا... فإن الفائز الحقيقي في انتخابات 2011 هي تركيا “ وقال أيضا “لن نغلق أبوابنا بل سنتوجه للمعارضة”. بهذه الكلمات يبدأ رجب طيب أردوغان مرحلة جديدة من حياته السياسية لبناء تركيا وتطورها ونقلها لمراكز متقدمة سياسيا وعسكريا واقتصاديا معتبرا أن البناء والمساهمة فيه تعتمد على وحدة الأتراك وتكاتفهم. وبين الانتخابات الأخيرة والأربع سنوات القادمة هناك مشوار طويل ينتظر أردوغان ليعبره ويؤكد للجميع أن اختيارهم لحزب العدالة والتنمية ورئاسته له كانت موفقة.