يرسم الإنسان لنفسه طريقا , ويشدو به فيداعب ليله ويرافق نهاره , ويكون ملازما له أينما ذهب , لكن لابد من وجود المعوقات , وتعد هذه المعوقات بمثابة معاول هدم للإنسان ولحياته , فهي تثبط الهمم وتصيب بالإحباط , وتدعو إلى التكاسل والتراخي , وتجعل الفوضى هي أكثر الأمور سيطرة في الحياة. وتختلف النفوس البشرية في التجاوب مع المعوقات , كما يختلف بالتالي تأثيرها عليهم , فمنهم من تزيده قوة , ومنهم من تكون عليه كما تكون الوطأة , فتضرب شخصيته ويصاب بالقلق والخوف , وقد يقود البعض إلى الكبت والاكتئاب والعديد من الاضطرابات النفسية. لذا علينا أن ندرك جيدا أن النجاح ليس التميز فحسب , وإنما القدرة على حل المشكلات ومواجهة المعوقات والتغلب على الصعوبات ومقاومتها في محاولة مستميتة لحلها بشتى الطرق والوسائل , فإن تركناها تغلغلت في أعماقنا وتمكنت منا كما يتمكن الأسد من فريسته. وأول طرق التعامل مع المعوقات هو عدم الاستسلام لشعور العجز والضعف , والاستجابة لصوت الطموح الداخلي وإن كان ضعيفا , مع الثقة في النفس والعمل على إدراك الموقف كاملا ومن مختلف جوانبه وأبعاده , فالكثير من العقبات سببها النظرة الحادة من زاوية ضيقة لظواهر الأمور دون بواطنها , وإن تعثر علينا الإلمام بخيوط القضية ينبغي استشارة أهل النصح والثقة والذين لهم نظرة ثاقبة , فلا خاب من استخار ولا ندم من استشار. أما ثاني الطرق فهو الانتقال من مرحلة الفجأة والصدمة والتصرف بعصبية إلى مرحلة الهدوء والتريث والتصرف المتزن , فالفوضى سمة من سمات الفشل وهي كفيلة بأن تجعل حياة الإنسان مهزلة كبرى تسودها الإباحية والعشوائية. لذا ينبغي مكافحته حتى لا يسود ويستفحل. ولا ننسى ضرورة أن يكون سقف الطموحات مناسبا لما نمتلك من إمكانيات , فمتى ما كان خلاف ذلك أصبح من البديهي وجود المعوقات , كما أنه من النادر أن تصيب الطرق في حلها أو التخلص منها , فما بُني على باطل فهو باطل. ويبقى لنا التسليم لله عز وجل ؛ والعمل ثم التوكل عليه ؛ والرضا بما أعطى وقسم ؛ وعدم التضجر والازدراء ؛ فقد وضع جل جلاله مقادير الأمور في السماء , وألهمنا العقل والصبر والحكمة ؛ وجعل لنا في تجارب الآخرين عظة وعبرة ؛ وقد صدق جل شأنه عندما قال : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ) 22-الحديد. وفي النهاية نقول إنه لا طعم للنجاح إلا بالكفاح , ولا يأتي الكفاح إلا بالصبر والإرادة وتحمل الجهد والمشقة في مواجهة المصاعب المختلفة , فقد لا يحالفك الحظ مرة ولكنه حتما سيصير لك في مرات قادمة , فمن صميم الصعوبات تخلق الفرص , والحكمة الانجليزية العتيقة تقول : “ اذهب خلف حلمك مع رغبة جادة وعزم وتصميم فإما أن تنجح وإما أن تتعلم وتكبر “.