قليلا ما تلجأ الأقلام إلى إنصاف العاملين المخلصين سيما في الأجهزة والقطاعات الخدمية المرتبطة بمصالح الناس ، وفي هذا ظلم وإجحاف للذين يخشون ربهم في عملهم وفقا لقول الله عز وجل : (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) صدق الله العظيم ( الأعراف آية 85). بعض الأصوات المنطلقة من الأعمدة الصحفية ، درجت على تحين الفرص لاصطياد أخطاء الآخر مهما صغر حجمها، مما يتسبب في إحباط العاملين في المرفق المستهدف والذي ينعكس سلبا على منظومة العمل. لملمت كل أوراقي ومستنداتي متوجها إلى جوازات محافظة جدة وأنا أحمل كل همومي متوجسا مما سألاقيه داخل صالات وشبابيك هذه الجوازات المكتظة بالمراجعين ، ولي سابق تجارب مريرة ، مرة بفعل البطء المقصود في تمرير وتسيير المعاملات ، ومرة بل مرات بسبب إعادة المعاملة دون البت فيها لأسباب واهية ، والكثير الكثير من المتاعب التي تفرضها بعض القيود البيروقراطية ، ومنها التعسف حينا ، وغياب الموظف عن موقعه في الشباك أحيانا أخرى. حملت أوراقي وثمانية من المرافقين هم أفراد عائلتي ودخلت جوازات جدة بعد غياب عامين عنها ، وكان القصد تجديد هوياتنا ، وعند المدخل أخذ قلبي يدق بسرعة فائقة ، ففي هذه الأمكنة المشحونة بالقوانين والمراجعين تنشط الدورة الدموية تحفزا للكثير من المفاجآت والتوقعات التي ربما لاتخطر على بال. كان الوقت قبيل الظهر حينما أخذت مكاني أمام الشباك المكتظ بالمراجعين ، وما أدهشني وأثار انتباهي أن الجموع الزاحفة كانت تمضي بسرعة ملحوظة ولم تمض سوى دقائق معدودة أنهى خلالها موظف الجوازات الشاب معاملة الذي أمامي ، وبابتسامة ودودة دعاني لأبدأ في إجراءات معاملتي ، وفي أقل من سبع دقائق اكتملت الإجراءات وودعني الموظف بابتسامة وضاءة متمنيا لي التوفيق والسداد ، هنا أحسست فعلا بتحول كبير في تقديم وتيسيرالخدمات بهذا المرفق الذي لا غنى للناس عنه. وحينما هممت بالخروج بعد إنهاء إجراءات معاملتي بتلك السرعة القياسية ، لفت نظري تلك المظلات التي هيأتها إدارة جوازات جدة لأولئك العاملين الذين يقومون بالخدمات المساندة وقد كانوا فيما مضى يعملون تحت وهج الشمس الحارقة بطرق عشوائية بدائية ، فأصبحوا ذا سيادة في أماكن عملهم المريحة مما جعلهم ينظمون أنفسهم ويرتبون أعمالهم ما جعلهم يحظون بالثقة في النفوس ، والحق يقال إن هؤلاء يقلصون المعاناة لاسيما في تعبئة الاستمارات وتسديد الرسوم وغيرها من الخدمات المساندة التي لاغنى للمراجعين عنها. سألت نفسي من يقف وراء كل تلك الإدارة المنضبطة المنتظمة فعلمت انه اللواء سالم الزهراني مدير جوازات منطقة مكةالمكرمة ، وقد دفعني ذلك لرغبة دفينة لرؤية سعادة اللواء ، ولم أتردد في اعتلاء الدرج المؤدي إلى مكتبه لأجد كثيراً من المراجعين في الانتظار ، وقد لفت نظري بابه المفتوح على مصراعيه مرحبا باستقبال جموع المراجعين بكل فئاتهم وأجناسهم والذين يبحثون عن حلول مستعصية لمشاكل – لم تكن في الحسبان – اعترتهم أثناء إجراءات معاملاتهم الرسمية. التحية مقرونة بالإعجاب لإدارة هذا اللواء الذي أضاف الكثير من الانجازات المنصبة في صالح مراجعي هذا المرفق الحيوي الهام. وقفة: للأسف لم أتمكن من تحقيق رغبتي في مقابلته لأن دوري في الدخول كان بعيدا قياسا بعدد المراجعين الكبير جدا.