عجبا لهؤلاء الكتاب والصحفيين تراهم كلما مات لهم زميل دبجوا في تأبينه ومدحه عشرات المقالات ونسجوا حول امكانياته ومواهبه الاساطير والقصص ولكنهم يبخلون عليه اثناء حياته بكلمة مدح واحدة مهما كتب لهم ومهما ابدع ومهما تميز. ولقد انهالت بعد وفاة الكاتب محمد صادق دياب رحمه الله واسكنه فسيح جناته عشرات المقالات والمدائح ومازالت المقالات عنه تترى الى لحظة كتابة مقالي هذا لكننا للاسف لم نقرأ مقالة واحدة عن اعمال الفقيد وانجازاته واخلاقه اثناء حياته وربما لو قرأ الفقيد قبل وفاته جزءا بسيطا مما كتب عنه بعد الوفاة لانفرجت اساريره وتقوت معنوياته وتحسنت صحته وربما تغلب باذن الله بهذه المعنويات المكتسبة العالية على مرضه ومعاناته فكم من مرض مستعص هزمته المعنويات العالية ولكن زملاءه من الكتاب والادباء ادّخروا مدائحهم ومقالاتهم للاسف لما بعد الوفاة فلم يستفد منها الفقيد شيئا ولم يكن يريد منهم بعد مغادرة الدنيا الا الترحم عليه والدعاء له سراً بالمغفرة والجنة. ولم اجد تفسيرا لهذه الظاهرة العربية غير استحكام الروح التنافسية بين الكتاب والادباء بعضهم البعض ولا اقول الحسد اذ يصعب على كثير منهم القاء ضوء الانصاف ولا نقول التكريم والشهرة والنجومية على منافس محتمل ولهذا لا يأخذ زميلهم منهم حقه الا بعد الوفاة. وكم بيننا من ادباء مبدعين وكتاب متميزين ولكن قطار التكريم لا يصلهم الا عند الرمق الاخير او ربما بعده، وعندنا جوائز للادباء وحفلات للتكريم الا ان عددها لا يتناسب مع عددهم فتطول فترة الانتظار لعدة سنوات. وهناك مسألة اخرى مرتبطة بما سبق وهو كثرة تكريم الادباء الراحلين على حساب الادباء الباقين وقد اصبحت المسألة ظاهرة تحتاج لدراسة وبحث فلقد كرم نادي مكة الادبي قبل زمن عدداً من الادباء الراحلين وكرم نادي جدة الادبي الدكتورين القصيبي ومحمد عبده يماني يرحمهما الله ثم كرم معرض الكتاب اربعة ادباء راحلين وابتدأ نادي جدة الادبي مؤخرا منتدى قراءة النص بتكريم الراحل احمد عبدالغفور عطار بل وسلم لابنائه درع التكريم هدية من النادي الادبي لابيهم. ولست بمعترض على تكريم هذه القمم الادبية فالقاصي والداني يشهد لهم بالتميز والعبقرية وانما سبب اعتراضي ان التكريم لابد ان ياتي اثناء الحياة لابعدها كما ان هؤلاء العظماء لايحتاجون الحفلات والدروع ولكنهم يحتاجون مؤلفات ورسائل دكتوراه تخلدهم مع الدعاء لهم بالمغفرة والجنة. وقد يقول قائل وانت يا السقاف ماذا قدمت للادباء والمثقفين فاقول لهم اقرأوا مقالاتي وآخرها مقال اديب وسيرة بجريدة البلاد وستعرفون مدى انصافي وتقديري لكل من كتب كلمة جميلة او الف كتابا نافعا او القى محاضرة مفيدة. نريد ان تتغير هذه الثقافة العربية ثقافة التكريم بعد الوفاة حتى لايظن شباب الادب أن الوفاة شرط من شروط التكريم.