كنت قبل ربع قرن اعمل واسكن بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض، وكان على الطريق الى المستشفى جامع في مرحلة البناء، وكنت اتابع انجازه متشوقا الى الصلاة فيه ثم افتتح الجامع في شهر رمضان فكان روعة في الهندسة والعمارة والتصميم الا ان المفاجأة كانت في امام المسجد فقد كانت حافظته للقرآن قوية وصوته نديا ونبرته خاشعة وفهمه للآيات واضحا وكان الجامع يكتظ على اتساعه بالمصلين وكان هذا الجامع جامع الملك خالد وكان ذلك الامام هو الشيخ عادل الكلباني . هذا وقد بلغ من اعجابي بصوت الشيخ وقوة حفظه انني اقترحت على زملائي تقديم هدية له في عيد الفطر غير انهم لم يستحسنوا الفكرة خوفا من الرفض والحرج بل وبلغت بي الجرأة وطيش الشباب اني كتبت رسالة الى امام الحرم النبوي الشيخ عبدالعزيز بن صالح والذي احبه واحترمه ويعجبني صوته وقراءته منذ طفولتي راجيا منه ان يسعى لضم الشيخ عادل لائمة الحرم المدني. وفي احد الايام خطر لي ان اصلي الفجر خلف الشيخ عادل فركبت سيارتي واتجهت لجامع الملك خالد فوجدتهم قد بدأوا الصلاة ورأيت بالصف الاول خلف الامام رجلا اسمر طويل القامة ولما انتهت الصلاة عرفت بان هذا الرجل هو الملاكم العالمي المسلم المشهور محمد علي كلاي فصافحته وسعدت بلقائه. وبعد مرور عشرين سنة على انتهاء عملي بالرياض وعودتي لجدة فوجئت بصوت الشيخ عادل الكلباني بصلاة التراويح بالمسجد الحرام فتذكرت الايام الخوالي لكن صوت الشيخ لم يكن في الليلة التي حضرتها قويا كما عهدته ولعله كان معتلا او لعلها رهبة المكان والزمان او ربما لكون القراءة في الحرم المفتوح غير القراءة في المسجد المغلق. ولما تعين أوباما رئيسا لامريكا صفق العالم وتعجب ولكن لما وقف الشيخ عادل الكلباني بقامته الفارعة وبشرته السمراء إماما لملايين المسلمين امام بيت الله الذي يتوجه نحوه كل يوم مليار مسلم خمس مرات عرف العالم عظمة الاسلام الذي لا يفرق بين الناس الا بالتقوى. هذا ولم أعرف الشيخ عادل الا من البعد ولما قرأت مؤخرا بعض كتاباته وجدته متمكنا من الادب فاسلوبه جميل وبيانه واضح وألفاظه جزلة وأنا لا أتحدث عن فتاواه وآرائه القديمة فتلك مسائل تخص العلماء وطلبة العلم وانا لا افهم الا في طب العيون. كما شاهدت الشيخ عادل في التلفزيون فاكتشفت انه رجل لطيف وصاحب دعابة وقد ذكرني ذلك بما كتبه ابن خلكان في وفيات الأعيان عن نافع امام القراء بالمدينة وشيخ الامام مالك بأنه كان اسود شديد السواد وكانت فيه دعابة. وفي الختام ادعو الله بالصحة وطول العمر للشيخ عادل ولكل ائمة الحرمين وحفظة كتاب الله في كل مكان الذين يستمتع المسلمون بقراءتهم ويخشعون في الصلاة خلفهم ويتدبرون معاني القرآن بتلاوتهم.