واصلت السياحة الشتويّة في المملكة العربية السعوديّة نموها المتسارع، لتحقق أرباحًا عالية على مستوى قطاعات الإيواء والفنادق والمطاعم والمنتجعات والمدن الترفيهية ومراكز التسوق، وتعزز ثقافة النشاط السياحي الشتوي. وبرزت أهميه السياحة الشتوية في المجتمع السعودي، خاصة في المناطق التي تشهد درجات حرارة منخفضة طوال أيام الشتاء، فتوَجَّه المواطنون للاستفادة من هذا المشروع الوطني الذي يدور رأس المال بين القطاعات كافة، بما فيها المجتمع المحلي. وأوضح الباحث والخبير الدولي في الإعلام السياحي خالد بن عبدالرحمن آل دغيم، أن معدل النمو في السياحة الشتوية يصل مائة بالمائة في هذه الأشهر من العام، خصوصًا في المناطق الساحلية والتهامية، وتشهد السياحة البحرية نموًا بدرجة عالية في ظل اكتمال البنية التحتية. وأضاف آل دغيم أن تنوع البيئات الطبيعية واعتدال المناخ في السفوح والأودية الخضراء و على شواطئ البحر الأحمر، جذب إليها الكثير من الباحثين عن الدفء، بالإضافة لتنشيط الأسواق الشعبية، في هذه المناطق، الغنية بأنواع متعددة من التراث والنباتات العطرية والعسل والمصنوعات المحلية الخشبية منها والحديدية والفخارية إلى جانب المحاصيل الزراعية وزيادة الثروة الحيوانية نظرًا لهطول الأمطار على طول الموسم. رمال ساحرة وأوضح الباحث السياحي أن المملكة تمتلك مناطق سياحية شتوية جاذبة، تمتد من سواحل منطقة مكةالمكرمة إلى المناطق التهامية والساحلية لمنطقة الباحة ولمنطقة عسير ثم منطقة جازان، وتشهد هذه المناطق اعتدال الأجواء لمدة تجاوز الستة أشهر، وهي مقصد هام للسياح، ويستمتع الزائر بأوديتها وغاباتها وشلالاتها وشواطئها البكر وبحارها الزرقاء ورمالها البيضاء وكثرة المواقع التاريخية بها. وتنظم الهيئات السياحية في هذه المناطق مهرجانات تنشيطية، وفعاليات متنوعة جاذبة لمرتاديها، بالإضافة لمهرجانات متخصصة لعرض منتجات محلية، مثل مهرجان العسل في محافظتي المجاردة ورجال المع، ومهرجان الحريد بجزر فرسان، ومهرجان المانجو ضمن فعاليات زراعية في جازان. صحراء جاذبة وتتمتع صحراء الجزيرة العربية، بعوامل الجذب الفاعلة، كما بين خالد آل دغيم، حيث يستمتع روّادها في فصلي الشتاء والربيع بظهور نباتات الفقع المشهورة، كما أنها تعد مقصدًا لكثير من الباحثين عن المناطق السياحية المناسبة في فصل الشتاء، للاستجمام وممارسة هوايات متعددة، مثل التطعيس والسمر؛ وتبدأ ظاهرة التخييم المحبب لدى الكثير من الأسر في دول الخليج العربي، والبحث عن الصيد. وتنشط حركة السياحة الشتوية بالمناطق الصحراوية في المنطقة الشرقية، من خلال مهرجان مزايين الإبل بأم رقيبة، والذي يشهد أكبر تجمع بشري حول فعالية من أهم الفعاليات لدى أبناء الجزيرة العربية، للاستمتاع بصحبة الإبل التي لها مساحة كبيرة في تاريخ الجزيرة العربية، بالإضافة لمهرجان ربيع النعيرية. وقال الباحث السياحي خالد آل دغيم: إن المجتمع الحايلي، المعروف بكرمة الحاتمي، يستقبل كل عام المئات من الضيوف ليستمتعوا بسباق رالي حائل الصحراوي وما يصاحبه من فعاليات متنوعة؛ وقد نمت معه الحركة الاقتصادية بشكل ملحوظ، حيث جاءت العوائد مرضية على المجتمع المحلي؛ و نشط مهرجان الغضا بمنطقة القصيم، الحركة الشرائية وخصوصًا الأثريات، حيث إنه مقصدٌ لمحبي التراث. موسم الأمطار واستطرد آل دغيم حديثة: إن سكان المملكة اعتادوا على الخروج مع موسم الأمطار للاستمتاع بالطبيعة في المناطق البرية، وما تضم من السهول والجبال والوديان والغابات والمحميات والصحاري والغطاء النباتي والشواطئ والرمال والواحات ومراقبة النجوم في الليل أو متابعة ظواهر طبيعية، مثل هجرة الطيور وخروج الأسماك بشكل جماعي مثل الحريد بجزر فرسان أو ظهور الجراد في مناطق مختلفة. وأكد أن التقارير تشير إلى الأثر الاقتصادي المتنامي سواء المباشر أو غير المباشر للسياحة، خصوصًا في الأرياف والمراكز البعيدة عن المدن الرئيسية ظهر أثره مؤخرًا، حيث يجد المجتمع المحلي فرصة لبيع منتجات مختلفة وتأمين رغبات السواح من أكلات شعبية أو توفير سكن أو تراثيات أو المستلزمات المختلفة، وتكون الأسر المنتجة أكثر حظًا في تلك المناطق؛ وشكلت تلك الفعاليات المختلفة وجهات سياحية وعوامل جذب تطورت وأصبحت ضمن أجندت العمل السياحي التي تتبناه الهيئة العامة للسياحة والآثار مع شركائها في البلديات وإمارات المناطق وكل من له علاقة بذلك، إلى جانب أصحاب روؤس الأموال التي اتيحت لهم الفرصة للاستثمار في جوانب هذا المشروع الوطني الواعد، الذي أصبح عملًا مخططًا له، وتعززت ثقافة السياحة لدى المجتمع، الذي اتجه لها وبدأ يطلبها ولمس فائدتها. ومن المتوقع أن ينفق السياح الشتويون خلال الموسم الحالي في مناطق المملكة كافة أكثر من ملياري ريال، حيث تتنوع المصروفات بين نفقات للإيواء بنسبة 27%، وللتسوق بنسبة متوقعة 29%، أما المأكولات والشرب 19% يليها 16% للترفيه ونحو 9% للنقل والانتقال. وأشار آل دغيم إلى أن النقل والتنقل يعتبر العائق الكبير الذي يكتنف السياحة في مرحلتها الحالية سواء على مستوى الوسائل أو خطورة الطرق البرية.