تستعد الجهات المشاركة في توطين قطاع الاتصالات (وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وزارة الداخلية، وزارة التجارة والاستثمار، وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات)، وعدد من الجهات الأخرى، لتطبيق المرحلة الثانية من توطين القطاع بما نسبته 100 في المائة في الأول من ذي الحجة المقبل، بعد أن شهدت المرحلة الأولى من توطين القطاع، بنسبة 50 في المائة، التي بدأت غرة رمضان المنصرم، التزام عدد كبير من المنشآت بقرار التوطين. برامج تدريبية وأسهمت جهود وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والمؤسسات الشقيقة (صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف"، المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية)، إلى جانب البنك السعودي للتسليف والإدخار، في تدريب نحو 40 ألف سعودي وسعودية للعمل في قطاع الاتصالات وملحقاته، وذلك في المرحلة الأولى من التوطين بواقع 50 في المائة، سيراً مع القرار الوزاري القاضي بقصر العمل في قطاع الاتصالات وملحقاته على السعوديين والسعوديات. وقد تخرج من البرامج التدريبية التي نفذتها الوزارة في القطاع حتى الآن 22516 شاباً وشابة، في حين نفذت دورات إلكترونية بهدف الوصول إلى الباحثين والباحثات عن عمل في مواقعهم في مختلف مناطق المملكة، حيث بلغ عدد خريجي هذه الدورات 16502 شاب وفتاة. دورات متنوعة وتنوعت الدورات التدريبية ما بين دورات خاصة بالصيانة، وأخرى في مجال خدمة العملاء، إضافة إلى دورات خاصة بالمبيعات، في حين عقدت دورات متخصصة في القطاع لدعم ملاك المنشآت الصغيرة، بهدف تشجيع الشباب والشابات على الاستثمار والتحول من موظفين إلى أصحاب أعمال، حيث وصل عدد الذين اجتازوا تلك الدورات إلى 930، تم اعتماد 750 منهم كرواد ورائدات أعمال. لا تهاون وقد بلغ عدد المنشآت التي تم إغلاقها مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى من تطبيق قرار توطين قطاع الاتصالات بنسبة 50 في المائة، 1950 منشأة، منها 582 منشأة في منطقة مكةالمكرمة، في حين أنذرت الفرق التفتيشية المشتركة المكلفة بمتابعة القرار 923 محلاً آخر كان مغلقًا. كما ضبطت الحملات التفتيشية المشتركة 3458 مخالفة، تم إحالة 2535 منها إلى لجنة العقوبات، فيما أكدت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية انخفاض عدد المخالفات مقارنة بارتفاع عدد المنشآت الملتزمة بقرار التوطين والتي بلغت حتى السابع عشر من شهر ذي القعدة الحالي 22413 منشأة. وهذه الاحصائيات هي نتيجة 25965 زيارة نفذتها الجولات التفتيشية في كافة أنحاء المملكة، حيث يشمل القرار التطبيق القطاعي لجميع فئات وأحجام المنشآت سواء كانت عملاقة أو كبيرة أو متوسطة أو صغيرة. وتستمر الحملات التفتيشية التي تنفذها الوزارات المعنية وذلك لتحقق من توطين القطاع بالكامل في الأول من ذي الحجة من العام الجاري. مشاركة وفعالية وفي هذا الإطار؛ دعت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، عملاءها بالتعاون والإبلاغ عن مخالفات قرار توطين قطاع الاتصالات، من خلال الموقع الإلكتروني "معاً للرصد" على الرابط من هنا، حيث سيتم التعامل الفوري مع البلاغات حرصًا على تحسين وتطوير بيئة سوق العمل وضبطها، كما يمكن أيضاً الإبلاغ عن أي مخالفات للقرار عبر الاتصال على هاتف خدمة العملاء الموحد 19911. وأسهم قرار توطين قطاع الاتصالات في تحفيز عدد من الشباب السعودي الذي يستهويه العمل في قطاع الاتصالات على الاستمرار في السوق والاستقرار في هذا القطاع الهام، متأملين بزوال العديد من العوائق التي كانت تواجههم في الاستثمار في هذا المجال، والتي من أهمها سيطرة العمالة الأجنبية على السوق وأهم مفاصله. قصص نجاح فيصل العسيري والبالغ من العمر 28 عاماً، كان قد قرر الدخول إلى سوق العمل عبر مشروع صغير في قطاع الاتصالات قبل تسعة أشهر تقريباً، برفقة اثنين من أصدقائه وهم محمد الكثيري وصالح الصيعري، والذين قرروا افتتاح محل لهم في إحدى الأحياء غرب مدينة الرياض، معتمدين بذلك على تنوع مهاراتهم والتي ستنتج مزيجاً يكمل بعضهم البعض لتقديم جميع الخدمات لعملائهم، سواء في صيانة الجوالات التي يبرع فيها محمد الكثيري، أو برمجتها والتي يتولى مهامها فيصل العسيري، إضافة إلى تناوبه على بيع الأجهزة ومستلزماتها مع صديقه الثالث صالح الصيعري، الذي يتولى دائماً إنجاز جميع التراخيص الرسمية ومراجعة الجهات ذات العلاقة بمشروعهم. دراسة السوق ويقول فيصل عن مشروعه: "في بداية الأمر، وبعد أن عزمنا على افتتاح المحل، أخذنا نبحث عن مقر مناسب، واستقر اختيارنا على استئجار معرض في شارع عائشة بنت أبي بكر غرب مدينة الرياض، في منطقة لا تكثر فيها محال الاتصالات، وذلك لأن هدفنا منذ البداية أن نكون المقصد الأول لسكان المنطقة المحيطة بمحلنا في جميع الأمور التي تخص أجهزة الجوال والاتصالات، وعند ذلك وزعنا المهام بيننا، واستفدنا من أحد العمالة الأجنبية المتميزة في صيانة الجوالات، ليتولى تدريب زميلي محمد الكثيري والذي يميل إلى هذه المهارة. وأضاف: وبالفعل ولله الحمد تمكنا في وقت قصير أن نكسب ثقة عملائنا، لكننا في الوقت نفسه كنا نعاني من سيطرة العمالة الأجنبية على كثير من مفاصل السوق، والتي كانت إحدى العوائق لنا في بداية مشوارنا، إلا أن هذا العائق بدأ يخبو شيئاً فشيئًا مع إعلان وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قرار التوطين، ومع إعلان تطبيق المرحلة الأولى بداية رمضان الماضي لاحظنا الفارق الكبير في حجم السوق والإقبال على مشروعنا بعد أن رحل العدد الأكبر من العمالة الأجنبية عن السوق، باعتبار أن القرار أصبح يلزم المحال بتوطين نصف العدد، فيما بعض المحال اختارت أن تزيد تلك النسب منذ وقت مبكر قبل بدء المرحلة الثانية، وهو ما أعطانا ثقة أكبر بمشروعنا الذي يعتبر في أكثر المجالات جذباً للشباب الذين يحرصون دائماً على تتبع التقنية ومواكبة تطوراتها أولاً بأول. متعة المنافسة وأبان فيصل أن المنافسة أصبحت حالياً ممتعة وكبيرة بيننا كشباب سعوديين في هذا المجال، الأمر الذي بدوره سيسهم في زيادة جودة العمل ومهارة الكوادر الوطنية، مؤكداً أن الممارسة ومخالطة سوق العمل كفيلة باكتساب وصقل الخبرة، مشيراً إلى أن التطلعات في هذا المجال كثيرة لاسيما فيما يخص دعم الشباب والفتيات مادياً للانخراط في هذا المجال، حيث سيكون العمل جاذباً للكثيرين.
الأمن الاجتماعي بدوره، أوضح الدكتور صالح بن عبدالعزيز التويجري، عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود، أن توطين قطاع الاتصالات سيحقق الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي نظراً لطبيعة النشاط وارتباطاته بمسارات متنوعة. وأضاف الدكتور التويجري، أن هذا التحول سيكون له آثار مختلفة على مستوى النشاط في هذا القطاع، وسيتطلب خدمة مناسبة ومتميزة في البيع والصيانة والخدمات المساندة الأخرى، لأن العمل في هذا القطاع ذو حساسية باعتبار أن هذه القطعة الصغيرة تحمل في داخلها الكثير من تفاصيل حياة كل فرد في المجتمع ولذلك فان التوطين لهذا القطاع سيحقق الأمن الاجتماعي وبالتالي الأمن الإنساني. وأشار التويجري إلى أن انخراط الكوادر الوطنية في نشاط الاتصالات سينمي الممارسة المهنية والفنية، بالإضافة إلى الممارسة العملية في القطاع باعتباره من الأنشطة الاقتصادية الهامة ذات العائد المادي المجزي، وباعتباره أيضاً يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني كونه منسجماً ومجسداً لاقتصاد المعرفة خصوصاً أنه يتوافق مع توجهات وميول الشباب والفتيات". ترهل القطاع بدوره، قال الدكتور محمد آل ناجي عضو مجلس الشورى، أن مبادرة توطين قطاع الاتصالات كشفت ترهل القطاع، لاسيما مع بدء الحملات التفتيشية التي نفذتها الوزارات المعنية، والتي تم على إثرها ضبط العديد من العمالة المخالفة، هذا بخلاف مباشرة الفرق التفتيشية للكثير من حالات التستر التجاري ومخالفات أخرى لنظام الإقامة والعمل. وطالب آل ناجي، بضرورة استمرار أعمال التفتيش باعتباره الآداة الهامة والمفصلية في متابعة مثل هذا النوع من القرارات والإشراف على الضوابط والإجراءات وآليات التنفيذ المتعلقة بتوطين القطاع، مثمناً في الوقت ذاته جهود وزارات العمل والتنمية الاجتماعية والتجارة والاستثمار والشؤون البلدية والقروية إلى جانب الرافد الأمني، في ضبط المخالفين وايقاع العقوبات تجاه مزاولي التستر التجاري ومخالفي نظام الاقامة والعمل. تدفقات نقدية من جهته، قال المستشار الاقتصادي ومدير الموارد البشرية في كبرى شركات القطاع الخاص عبدالكريم العنزي :"إن هذه المبادرة ستفيد الاقتصاد السعودي بلا شك، وتساهم في تحقيق الخطة الاقتصادية 2030 خاصة في توفير الأيدي العاملة السعودية، كما انها ستحد بشكل مباشر على التحويلات الخارجية و التدفقات النقدية المحلية و تساهم في إعادة تدويرها داخل المملكة وهذا سينعش الاقتصاد المحلي". وتابع: "يجب أن نكون على اطلاع تام بأن الكثير من الشركات الكبيرة الحالية بدأت فكرتها من المشاريع الصغيرة ثم تطورت عبر السنين لتكون صاحبه تأثير في الاقتصاد المحلي والاقليمي والعالمي أيضاً والأمثلة على ذلك كثير ومن أمثلتها شركة آبل العالمية وكذلك شركة قوقل (محرك البحث) كل هذه الشركات بدأت بمجهودات فردية صغيرة تم تطويرها، حتى وصلت على ما هي عليه اليوم".