في ظل التحديات والمتغيرات الراهنة التي يشهدها العالم عامة ومنطقة الشرق الأوسط خاصة والأوضاع السياسية والاقتصادية التي تلقي بتبعاتها على دول هذه المنطقة دون استثناء، سوف تتغير بطبيعة الحال مفاهيم وأنماط عجلة التنمية والاقتصاد وفقاً لهذه المتغيرات، ولأنه من سياسة حكومتنا الرشيدة مواكبة متغيرات العصر للمحافظة على تنمية الإنسان والمكان، أطلقت الرؤية الوطنية 2030 التي تعنى بالتنمية وتحرير الاقتصاد من النفط ووضع آليات من شأنها إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد والقيام بإصلاحات جذرية تناسب حجم التطور الذي تشهده المملكة وتناسب أيضاً حجم التحديات التي تواجه ليس فقط المملكة بل دول العالم أجمع والمضي نحو اقتصاد متنوع ومستدام أي غير قابل للنضوب، وبناء اقتصاد مبني على المعرفة لا اقتصاد مبني على الإنتاج والذي يقل اعتماده على المعرفة ويرتفع اعتماده على أسس الإنتاج التقليدي. نحن أمام نقلة نوعية كبيرة في تاريخ الاقتصاد السعودي، وإذا تساءلنا عن المحور الرئيسي لنجاح هذه الرؤية نجد أنه الاستثمار الأمثل بالتنمية البشرية، وبالأخص تنمية العنصر الشاب المؤهل وإعطاؤهم الفرص لبناء أوطانهم بأيديهم وخبراتهم وكذلك توعية المجتمع بضرورة مواكبة هذه التغيرات فكرياً وعملياً، وأن زمن “الدلع” ولى وانتهى فلا مكان للمتكاسل والمتسيب والفاسد في رؤيتنا وبذلك يكون المجتمع أكثر تقبلاً للقرارات والمتغيرات القادمة. كذلك لابد أن تكون المؤسسات الحكومية والخاصة مبنية على أسس تعتمد على الكفاءة والمهنية فإن لم تكن كذلك فإنها ستكون هشة وإن كانت تبدو قوية من الخارج إلا أنها لن تستطيع مواجهة التحديات على المدى البعيد، وكذلك لابد من الاستغناء عن “استيراد” العقول والخبرات من الخارج خاصة الأكاديميين والمستشارين والاعتماد على الكفاءة الوطنية الموجودة. لذلك سيكون هناك اهتمام وتركيز على المخرجات المهنية التطبيقية أكثر من المخرجات النظرية وتكون الفرص الوظيفية بناء على ذلك. الأهم الآن هو الآلية التنفيذية لهذه الرؤية وتحويل الخطط إلى واقع، فالطريق لبناء الوطن والمستقبل يتطلب واقعاً يرفع كفاءة المواطن ويمكنه من المساهمة في عجلة التنمية، وبالتالي سيكون للمؤسسات الحكومية والأجهزة الرقابية القول الفصل في تحقيق أهداف هذه الرؤية الطموح.