أشاد المشاركون في مؤتمر "الشباب المسلم في مواجهة الإرهاب", الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع رابطة مسلمي الألزاس في ستراسبورغ بفرنسا, بجهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله , في محاربةِ الفكر الضال والمنحرف, والعملِ على نشرِ السلام والأمن في العالم. وأبدى المشاركون في المؤتمر, قلقهم من تصاعد العداء للمسلمين، وأكدوا أن التصدي للإرهاب لا يجيز المساس بحقوق المسلمين والتخويف منهم، بل يستوجب التعاون معهم ومؤسساتهم للوقوف على أسباب هذه الظاهرة ، والعمل على حل المشكلات والنزاعات التي يؤدي استمرارها إلى العنف والتطرف، مشددين على خطورة الجرائم المروعة التي ترتكبها المليشيا الطائفية في العراق وسوريا واليمن، وأنها من أقوى الأسباب لتفاقم ظاهرة الإرهاب في العالم. وأثنى المؤتمر على جهود الدول والمؤسسات الإسلامية في مواجهة الفكر المتطرف، ودعا إلى الاستفادة من تجربة المملكة العربية السعودية وتجارب الدول الأخرى في مواجهة الإرهاب والتطرف . وأكدوا في بيانهم الختامي, أن الإرهاب ظاهرة إجرامية لا تقتصر على المسلمين، ولا علاقة لها بالأديان، فهي وليدة الصراعات السياسية والنزاعات الطائفية التي تجردت عن القيم الإنسانية والمسؤولية الأخلاقية وأن الإرهاب وليد الفهم الخاطئ لتعاليم الدين، وارتكاب بعض المنتسبين للإسلام للممارسات الإرهابية لا يبرر إلصاقه بالمسلمين، وترويج الصورة النمطية التي تشوه صورتهم، وتستعدي عليهم القوى المتطرفة. وأكد المؤتمر أن الشريعة الإسلامية تعتبر الممارسات الإرهابية نوعاً من الإفساد في الأرض، لما فيها من إشاعة الذعر بين الآمنين، وزعزعة الأمن، ونشر الفوضى، وتدمير الممتلكات، والاعتداء على الأموال الخاصة والعامة، والبنى التحتية وأن الإسلام يدعو إلى تحقيق عبادة البشر لخالقهم، وترسيخ القيم الفاضلة التي تعزز السلم الاجتماعي، وتحرير الإنسانية من الظلم والتمييز العنصري والاستعلاء العرقي، والإسهام في بناء عالم تسوده العدالة والأمن والسلم وأن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هو السلم والعدل والتعاون على الخير، قال الله تعالى: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين﴾ . وشدد على أن حرية الرأي والتعبير لا تبرر ما تقوم به بعض الوسائل الإعلامية من نشر الصور السيئة عن الإسلام ورموزه، والتخويف غير المبرر من المسلمين ، وهو سبب رئيس في بث ثقافة الكراهية وتوتير العلاقات بين الشعوب ودعوات المسلمين إلى الحوار الحضاري تعبر عن رغبتهم في التعايش السلمي والتفاعل الإيجابي مع مختلف أتباع الأديان والحضارات الإنسانية، وفتح صفحة إيجابية في العلاقة الحضارية معهم والتعرف على الإسلام يكون من خلال أصوله الصحيحة وعلمائه المعتبرين، بعيداً عن الدعايات المغرضة التي يغذيها التطرف الفكري والرؤى المتسمة بروح العداوة التاريخية. وأوصى المؤتمر المؤسسات الدولية بضرورة الاتفاق على تعريف دولي للإرهاب يشمل جميع صوره، ويفرق بينها وبين الدفاع المشروع الذي تبيحه الشرائع والقوانين الدولية دفاعاً عن الأوطان والدين واستنكار تجاوزات الإعلام العالمي، وإساءاته إلى الأنبياء ورسالاتهم وأتباعهم، واعتباره سبباً رئيساً في نشر ثقافة الكراهية والتطرف وضرورة تضافر الجهود في محاربة الإرهاب، والعمل على إزالة أسبابه، ومن أهمها النزاعات والحروب الظالمة، وغياب العدالة الدولية عن الشعوب المستضعفة التي تعاني من التجويع والحصار والتدمير والقتل والتعاون مع المسلمين ومؤسساتهم في مواجهة التحديات التي تهدد مستقبل الإنسانية وجوداً وحضارة وقيماً، وبناء جسور التواصل معهم في نصرة القيم الفاضلة، وتحقيق الشراكة في تقويم مسيرة الحضارة الإنسانية وإفساح المجال للمؤسسات الدعوية، لتقوم بواجبها في توعية الشباب المسلم، وتعزيز نهج الوسطية والاعتدال، ونشر العلم الشرعي الصحيح المستمد من نصوص القرآن والسنة، وفق فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ورفض الخلط بين الإسلام والأفعال الشاذة لبعض المنتسبين إليه، الذين خالفوا الأمة وعلماءها، وابتعدوا عن نصوص الإسلام وتعاليمه الداعية إلى الرحمة وصون الأنفس المحرمة، واحترام الإنسان , وتأييد مبادرات الحوار الحضاري حول العالم، واستثمار المشتركات الإنسانية في تعزيز السلم العالمي، والتعاون في مواجهة التحديات التي أضرت بالقيم الإنسانية والأخلاق الكريمة، وأسهمت في تفكك الأسرة وانحلال القيم الأخلاقية وتحقيق العدالة الاجتماعية، ورعاية حقوق الأقليات المسلمة، وحماية خصوصيتها الثقافية والاجتماعية. ودعا المؤتمر , الشباب المسلم إلى العمل بالإسلام من خلال أصوله الصحيحة، ومنهجه الوسطي، والاعتصام بهديه المستقيم، والاستمساك بنهج العلماء الربانيين، ونبذ الخلافات، والبعد عن المفاهيم التي تُضعف وحدة المسلمين، وعن مناهج الغلو والبدعة، وشذوذ الأفكار والرؤى حول الإسلام والإنسان والمجتمع . وحذر الشبابَ المسلم من الاغترار بدعاوى الفكر المتطرف، ورفض التطاول على الفتوى بغير علم بإباحة الدماء والأموال المعصومة، والالتفاف حول العلماء المعتبرين، الراسخين في العلم ومن الأعمال التي تضعف موقف المسلمين في المطالبة بنيل حقوقهم ونصرة قضاياهم الدولية، وتحولهم من ضحايا للظلم يتعاطف العالم معهم، إلى مدانين لصقت بهم تهمة الإرهاب. كما حذر من إضعاف المجتمعات الإسلامية، وتهديد أمنها ووحدتها، وتفتيت نسيجها الاجتماعي، وإعطاء الذريعة للمتربصين للتدخل في شؤونها، واستنزاف قواها وثرواتها ومن المشاريع الطائفية، التي تذكي العداوة بين المسلمين، بما يدفع مجتمعاتهم ودولهم إلى الفتن والاقتتال الطائفي الذي يفتت المجتمع ، ويبعده عن تحقيق المصالح العليا للأمة المسلمة. وطالب العلماءَ والمؤسسات الإسلامية بالعناية بمكانة العلماء ودورهم المرجعي في توجيه الأمة، وتشجيع الفتوى الجماعية في النوازل والشأن العام للأمة، ووضع الضوابط الشرعية التي تنظم الفتوى، وتراعي متغيرات الواقع، وتحد من تأثير الفتاوى الشاذة والعمل على ترسيخ القيم الإنسانية السامية، والاهتمام بنشر الثقافة الإسلامية، وتوجيه الخطاب الدعوي إلى فتح آفاق الأمل والتفاؤل، وتبديد روح اليأس والتشاؤم، وتنمية معاني الألفة والوفاق، وإبراز مساوئ المنافرة والتدابر، وتقويم الخلل بحكمة ووسطية واعتدال والتعريف بالإسلام، ومنح جوائز للأعمال المتميزة في هذا الصدد، وإقامة المعارض والمهرجانات والمسابقات التي تبرز جوانب الرحمة والإنسانية في الإسلام، وتذبُّ عنه وتشجيع الأقليات المسلمة في الغرب على تحقيق التكامل بين الانتماء الديني والوطني، وترسيخ التعايش السلمي والإيجابي مع المكونات الثقافية الأخرى، وتعزيز المواطنة الإيجابية، والمواءمة بين متطلباتها وواجباتها، والاندماج في مجتمعاتهم، والمشاركة في تنميتها، مع الحفاظ على الأسس الدينية والخلقية التي جاء بها الإسلام. كما طالبهم بالمشاركة المؤثرة في وسائل الإعلام الجديد، واستثماره في التواصل مع الشباب، ونشر الوعي بينهم، وتشجيعهم على الاستفادة من طاقاتهم بالتعريف بالإسلام ونشر قيمه، والتصدي لظاهرة التخويف من الإسلام والمسلمين والانفتاح على الشباب، وتقديم القدوة الصالحة لهم، ومعالجة قضاياهم بالحوار، وإشراكهم في حل قضايا مجتمعهم، والاستماع إلى آرائهم، وتصويب مفاهيمهم الخاطئة بالعلم الصحيح، وتعميق الوعي بمصالح الأمة وما لحقها من ضرر بالغ بسبب التصرفات الطائشة ووضع خطة إستراتيجية متكاملة لتحقيق الأمن الفكري ووقاية الشباب المسلم من أحابيل الإرهاب، ووضع برامج شاملة تستوعب شبهات الجماعات المتطرفة، وتعالج الأسباب المفضية إلى هذا الانحراف، وتستفيد من تجارب الدول والمنظمات الإسلامية في التصدي لهذه الظاهرة والتعاون مع المؤسسات الرسمية والشعبية في تحقيق الأمن المجتمعي، وتوفير رعاية كافية للفقراء والضعفاء، والاستفادة من مناشط المساجد والمدارس الإسلامية في التوجيه والإرشاد وفق مبادئ التربية الإسلامية الصحيحة، ومعالجة الظواهر المتطرفة ومواجهة ظواهر التفكك والعنف الأسري، واستعادة دور الأسرة في التربية والتوجيه وتعزيز الوعي بين الأبناء بقيم التسامح والعدالة والسلام، وتحريم الظلم، ونبذ العنف، وحرمة الدماء، وتوفير المناخ النفسي الملائم للتنشئة السليمة. وقدّر المؤتمر الجهودَ التي تقوم بها رابطة العالم الإسلامي برئاسة أمينها العام معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي واهتمامها بقضايا الأقليات المسلمة وما يتعلق بالشأن الإسلامي العام. وشكر المشاركون في مؤتمر "الشباب المسلم في مواجهة الإرهاب", جمهورية فرنسا والسلطات في ستراسبورغ على جهودهم لإقامة المؤتمر؛ ورابطة مسلمي الألزاس على تنظيمها للمؤتمر.