من المنتظر أن تعلن المملكة عن ميزانيتها المالية للعام الجديد، وسط تشابك في الآراء بين تأثر إيرادات السعودية بانخفاض أسعار النفط، وتأثير ذلك على إنفاقها وقدرتها على دفع عجلة النمو الاقتصادي. "المملكة قادرة على التأقلم" ويجمع خبراء على قدرة السعودية على التأقلم على الوضع الجديد، حتى مع احتمالية تحقيق عجز طفيف، وأن الإنفاق سيظل كما هو، وجل ما يمكن حدوثه هو إعادة جدولة المشاريع وترتيب أولوياتها وتنظيم داخلي للمصروفات، متوقعين عودة أسعار النفط لمستوياتها مع النصف الثاني من عام 2015، ما ينعكس بشكل إيجابي على إيرادات السعودية، حسب صحيفة "الشرق الأوسط". وتأتي نتائج هذا العام وسط تحديات كبرى تمثلت في انخفاض سعر النفط بشكل كبير من أعلى إغلاق وصل له خلال العام في حزيران/ يونيو عند 111.59 دولار للبرميل، ليصل إلى 59.27 دولار للبرميل في كانون أول/ ديسمبر الحالي، وفقاً ل "العربية نت"، بنسبة تراجع تقدر ب 47%. "انخفاض عام 2009 الأسوأ" ولم يشهد متوسط أسعار النفط تراجعاً خلال السنوات ال10 الماضية مثلما حدث في عام 2009، وحسب أرقام منظمة "أوبك" وحسابات الوحدة الاقتصادية، انخفض متوسط سعر البرميل بنسبة 35% خلال عام 2009 ليصل إلى 61.06 دولار للبرميل، مقارنة مع 94.45 دولار للبرميل عام 2008، ما انعكس على الموازنة العامة للدولة، التي حققت عجزاً قدره 45 مليون دولار. ولم يكن الانخفاض في 2009 هو الانخفاض الوحيد للنفط، لكنه كان الأكبر خلال السنوات العشرة الأخيرة، حيث انخفض متوسط سعر البرميل عام 2013 بنسبة 3%، وأيضا هبط متوسط سعر البرميل خلال هذا العام بنسبة 8%، ليصل إلى 97.29 دولار، مقارنة مع 105.87 دولار للبرميل عام 2013. "فائض ميزانية 2012 الأعلى" ولم تنخفض الإيرادات الفعلية والمصروفات الفعلية عن المتوقعة كل عام، حيث تشير البيانات التي جمعتها الوحدة الاقتصادية لزيادة الإيرادات الفعلية عن المقدرة لما يتراوح بين 95 و650 مليار ريال سنوياً، كما تزيد المصروفات الفعلية على النفقات المقدرة بين 55 و224 مليار ريال. وكانت ميزانية الدولة حققت فوائض ب206 مليارات ريال في العام الماضي، بينما حققت أعلى فائض في تاريخها عام 2012، الذي كان عند 386 مليار ريال. وحققت السعودية إيرادات قدرها 1.13 تريليون ريال عام 2013، مقابل مصروفات بلغت 925 مليون ريال، وزادت المصروفات الفعلية على المخطط لها ب105 مليارات ريال، الذي عزاه بيان وزارة المالية لزيادة الصرف على الأعمال التنفيذية المتعلقة بمشروع خادم الحرمين الشريفين، وتعويضات نزع الملكية للعقارات بتوسعة المسجد النبوي، فيما شملت الميزانية إنفاق 22 مليار ريال على 185 ألف مبتعث في الخارج، وتخصيص 12% على القطاع الصحي. "مصروفات ضخمة" وكان مجال التعليم يستحوذ دائماً على نصيب الأسد من الميزانية السعودية، حيث تراوحت حصته بين 24 و26%، على مدار خمس سنوات، واستحوذ قطاع التعليم على ما نسبته 24.56% من إجمالي ميزانية الدولة العام الماضي، وزادت حصة قطاع الخدمات الصحية إلى 12.63%، بزيادة طفيفة عن العام السابق، والأمر نفسه مع قطاع الخدمات البلدية ب4.56%، وكان نصيب النقل والاتصالات 7.79%، والزراعة ب7.13%. وتوقعت الدولة أن تصل الإيرادات إلى 855 مليون دولار عام 2014، وبنفس القيمة للمصروفات. وتوقع مازن السديري رئيس قسم الأبحاث في الاستثمار كابيتال، أن تصل الإيرادات إلى 1.4 تريليون ريال، مقابل مصروفات بقيمة 1.8 تريليون ريال، ليصل العجز إلى 40 مليار ريال، ويعود هذا الارتفاع بالإنفاق لنمو وتيرة التوظيف مع ارتفاع الإنفاق على البنية التحتية. ويرى السديري أن الإيرادات ستصل عام 2015 إلى 832 مليار ريال، بينما ستصل المصروفات إلى 860 مليار ريال، في حال سعر برميل النفط تم احتسابه للميزانية عند 73 دولار. وأضاف أن تصريحات المسؤولين بالسعودية تعبر عن اطمئنان لأسعار النفط خلال العام المقبل، ما سينعكس بشكل إيجابي على الميزانية، وستسعى السعودية لزيادة صادراتها غير البترولية وتنشيط القطاع الخاص غير البترولي لإيجاد فرص عمل جديدة. "النهضة المجتمعية" وأكد السديري سعي السعودية للحفاظ على معدلات إنفاقها، بل وزيادتها في جانب التعليم مثل كل عام، بسبب السعي الدائم لتقوية رأس المال البشري عماد النهضة المجتمعية. وتوقع عبدالله علاوي مساعد المدير العام للأبحاث في "الجزيرة كابيتال"، أن يزداد الإنفاق الحكومي بشكل طفيف، وسيتم تمويله عن طريق السحب من الاحتياطيات، مع عجز طفيف أيضاً عام 2015. ويرى علاوي أن مواصلة الإنفاق ستنعكس بشكل إيجابي على السوق المالية والقطاع الخاص لاستكمال المشاريع العملاقة، نافياً أن يكون هناك أي تقليص في النفقات الحكومية خلال العام المقبل، لكن ما سيحدث هو مراجعة للمدد الزمنية للمشاريع الكبرى، وإعادة ترتيب أولويات تلك المشاريع، وزيادة الكفاءة لها مع تعديل بعض البنود غير الضرورية، حيث ستكون العملية تنظيمية داخلية.